جواب سؤال: ابن سلمان والتطبيع مع يهود


 جواب سؤال: ابن سلمان والتطبيع مع يهود

السؤال: بثَّت BBC News عربي على موقعها في 21 أيلول/سبتمبر 2023: (أعلن ولي العهد السعودي في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية بثت مقتطفات منها الأربعاء أن المملكة “تحقق تقدماً” باتجاه التطبيع مع إسرائيل. وقال: “نقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.. وأضاف قائلا “هناك دعم من إدارة الرئيس بايدن للوصول إلى تلك النقطة…”) وكان وفد يهودي قد قام بالمشاركة علناً في السعودية: (عبرت السلطات الإسرائيلية عن سعادتها بتواجد وفد حكومي في السعودية لحضور اجتماع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في الرياض، معتبرة أنها خطوة أولى على طريق التطبيع بين البلدين. فرانس 24، 2023/9/11). فهل السعودية على وشك اللحاق باتفاقيات الخيانة العربية وبناء علاقات مع كيان يهود؟

الجواب:

حتى يتضح الجواب نستعرض الأمور التالية:

أولاً: بحسب الأخبار المتداولة فأطراف عملية التطبيع هي كيان يهود، والسعودية، وأمريكا، وهناك حقائق تتعلق بالأطراف الثلاثة:

1- يَعتبر كيان يهود أن أي تطبيع مع أي بلد في المنطقة العربية والإسلامية هو إنجاز كبير لتثبيت وجود كيان يهود وجعله “أبدياً” حسب أمنياتهم، لذلك تتسابق كل حكومات كيان يهود لإيجاد أي ثغرة يمكنهم منها النفاذ للبلدان الإسلامية، وخاصةً العربية.

2- بوصف السعودية واحدةً من حكومات المنطقة التي لا ترى قتال يهود لتحرير فلسطين كاملة، فإن حكومة السعودية تقيم ومنذ زمن بعض الاتصالات مع كيان يهود ولكن في السر، لذلك فإن السعودية لا تمانع من حيث المبدأ بإقامة علاقات مع كيان يهود، بل إن ملكها السابق عبد الله بن عبد العزيز هو من أطلق مبادرة الخيانة العربية سنة 2002 وتعلن السعودية باستمرار تمسكها بها.

3- ومن جانب أمريكا فإن كل الإدارات الأمريكية كانت تعمل خلال عقود من أجل (السلام) بين يهود وجيرانهم من حكام العرب من أجل تثبيت كيان يهود ودمجه في المنطقة ونزع صفة الغرابة عنه، وهذه لا يختلف عليها الحزبان الأمريكيان (الديمقراطي والجمهوري).

ثانياً: وعلى الرغم من هذه الأرضية القابلة للتطبيع من أطراف التطبيع الثلاثة، إلا أن هذه المسألة تتخللها تعقيدات سياسية كبيرة:

1- بمعارضته العلنية للاتفاق النووي مع إيران سنة 2015 وتحريضه في الكونغرس الأمريكي ضده فقد أصبح نتنياهو مناهضاً لسياسة الرئيس الأمريكي وقتها أوباما في مسألة النووي الإيراني، وقد أدى هذا لتلويث علاقات كيان يهود مع الحزب الديمقراطي الأمريكي، ولما جاء الرئيس ترامب وإدارته الجمهورية للحكم في واشنطن بداية 2017 فقد دبت الحرارة في العلاقات بين كيان يهود والإدارة الجمهورية في واشنطن والتي أعطت الكيان اعترافاً بالقدس عاصمةً له وتم نقل سفارة أمريكا للقدس وكذلك اعترفت بضمه للجولان، ولما عادت إلى الحكم إدارة ديمقراطية جديدة بقيادة بايدن مطلع سنة 2021 فقد عادت العلاقات بين تل أبيب وواشنطن للبرود، بل إن إدارة بايدن رفضت استقبال نتنياهو في البيت الأبيض إلا مؤخراً بعد ترتيب العلاقة من جديد.. وكان من بين الوعود الانتخابية لنتنياهو التطبيع مع السعودية، وقد تم الكشف مؤخراً عن وجود اتصالات فعلية بين نتنياهو وابن سلمان (قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، الاثنين 2023/5/22، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تحدث عبر الهاتف مع ولي العهد السعودي مرتين خلال الأسابيع الماضية… وقدمت الرياض قائمة مطالب لإسرائيل متعلقة بالقضية الفلسطينية.. عربي بوست، 2023/5/23)…

2- إن الحكومة السعودية الحالية بقيادة ابن سلمان تُعتبر الأكثر مطاوعة بيد أمريكا بعد أن أبعدت إدارةُ ترامب عميل أمريكا محمد بن نايف عن الحكم في السعودية وسلمت الحكم لعميل آخر هو محمد بن سلمان، وكان هذا منتصف 2017، أي بعد ستة أشهر من تولي إدارة ترامب الجمهورية للحكم في واشنطن، لذلك فإن حكومة ابن سلمان شديدة المطاوعة بيد أمريكا، ولكنها تدين بتبعيتها بالدرجة الأولى للجمهوريين وجماعة ترامب.. وعليه فإن حكومة ابن سلمان قد أدارت ظهرها لبايدن بتشجيع خفي من جماعة ترامب في أمريكا، كما أن إدارة بايدن قد بادلتها الشيء نفسه، فبايدن يعلن بأنه لن يصافح ابن سلمان على خلفية مسألة مقتل خاشقجي.

3- جاءت إدارة بايدن للحكم في أمريكا سنة 2021 على وقع انقسام أمريكي شديد هدد ولا يزال بقلب الحياة السياسية في أمريكا برمتها، فالحزبان المتصارعان (الديمقراطي والجمهوري) قد أخذا ضمن ساحة الصراع الداخلية والخارجية الواسعة بينهما بما يشبه اقتسام الأتباع والعملاء على الساحة الدولية وتوظيفهم لمصلحة طرف ضد طرف آخر في الصراع الأمريكي الداخلي كمثل ما تم بيانه من تخفيض السعودية لإنتاج النفط مع روسيا من أجل توجيه ضربة للديمقراطيين في أمريكا خلال انتخابات الكونغرس 2022، ومثل التصريحات الصاخبة الصادرة عن كيان يهود بعد عودة نتنياهو للحكم ضد عودة أمريكا للاتفاق النووي مع إيران، وهي أمور يستفيد منها الحزب الجمهوري وجماعة ترامب من أجل العودة للحكم من جديد، لذلك أدركت إدارة بايدن بأن خيوط التطبيع السعودي مع كيان يهود قد أصبحت خارج يدها بعد أن عاد نتنياهو للحكم أواخر 2022…

ثالثاً: قامت أمريكا بإعادة تقييم علاقاتها مع السعودية وإعادة الدفء إليها، وكذلك قامت بتعزيز اتصالاتها داخل كيان يهود ولكن من مركز قوة، وكل ذلك بهدف الإمساك بخيوط التطبيع بين السعودية وكيان يهود وإسقاطها من أيدي الجمهوريين:

1- بعد أن رفضت حكومة محمد بن سلمان طلب إدارة بايدن سنة 2022 تأجيل خفض إنتاج النفط شهراً واحداً، فقد أدركت إدارة بايدن عمق العلاقة بين جماعة ترامب وبين السعودية لذلك أخذت تخفف على الفور من لهجة انتقاداتها للسعودية، وكان الجمهوريون في أمريكا يستهزئون بالرئيس بايدن الذي تسبب إصراره على عدم مصافحة ابن سلمان باليد، وصافحه بالقبضة، ورفض الاجتماع الخاص معه، بل اجتمع معه ضمن الوفد السعودي بقيادة الملك سلمان، ويحملون سياسة بايدن مسؤولية ارتفاع أسعار المحروقات.

2- قام مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بزيارة السعودية وعقد اجتماعاً دافئاً مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتدشين مرحلة جديدة من الغزل الأمريكي بالسعودية بعد فتور، وتمثل ذلك بشكرها على إجلاء الأمريكيين من السودان والتشاور معها بشأن التطورات في اليمن ومنحها دوراً أكبر في السياسة الأمريكية ودوراً في ربط الهند بالعالم… (فرانس 24، 2023/5/8).

3- زيارة بلينكن للسعودية (أكد بلينكن وزير الخارجية الأمريكي على التنسيق والشراكة بين البلدين، الحليفين الاستراتيجيين. وتطرق الوزيران خلال المؤتمر لعودة سوريا إلى الجامعة العربية والأزمة السودانية وملف التطبيع مع إسرائيل… فرانس 24، 2023/6/9).

4- إزالة التوترات الإيرانية السعودية، وقد جاء تفصيل ذلك في جواب سؤال (التوافق السعودي الإيراني) بتاريخ 2023/4/1، وتعلم السعودية بأن لهذا الاتفاق قيمة كبيرة في استقرار حكمها، وكانت أمريكا تعلن بأنها في صورة ما تقوم به الصين مع السعودية وإيران.. كما رفعت من شأن السعودية عبر إشراكها معها في محادثات التهدئة في جدة بين الجيش السوداني والدعم السريع منذ 2023/5/8.

5- في قمة العشرين التي انعقدت في الهند 2023/9/9 فقد برزت السعودية كخط بري وسيط بين الخطوط البحرية الشرقية من الهند والغربية إلى أوروبا باعتبارها عنصراً رئيسياً في ممر بايدن الاقتصادي الذي يربط الهند بأوروبا عبر السعودية وكيان يهود، (اتفقت السعودية مع الهند بشكل مبدئي على ضخ استثمارات قيمتها نحو 100 مليار دولار. الجزيرة نت، 2023/9/11). وهذا كله يدل على الانخراط المتزايد لابن سلمان في سياسات إدارة بايدن رغم أنها إدارة ديمقراطية، حتى وإن لم يقطع العلاقة مع الجمهوريين!

6- إن إدارة بايدن تفاوض حكومة ابن سلمان على التطبيع مع كيان يهود وتتحدث عن ذلك، وهي تريد من خلال ذلك أن تجعل أي اتفاق سلام بينها وبين كيان يهود بيدها، فتستفيد هي منه في الانتخابات الأمريكية ولا يستفيد منه الحزب الجمهوري وجماعة ترامب، أي أنها تقوم بتحويل الخسارة الممكنة لنقطة قوة بيدها، وذلك لاستعمالها أمام اللوبي اليهودي لإبعاده عن ترامب والجمهوريين.. وخاصة في الانتخابات القادمة.

7- إن إدارة بايدن تُسيل لعاب حكومة نتنياهو لاتفاق سلام مع السعودية: (كان السفير الأمريكي في إسرائيل، توماس نايدز، قد كشف أن الولايات المتحدة تعمل من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وقال مسؤولان أمريكيان لموقع Axios الأمريكي، إن البيت الأبيض يرغب في الدفع للتوصل إلى اتفاق بين الرياض وتل أبيب في غضون الأشهر الستة إلى السبعة المقبلة، قبل أن ينشغل الرئيس جو بايدن بحملته الانتخابية للرئاسة. عربي بوست، 2023/5/23). كما نقلت وسائلُ إعلام يهودية عن وزير خارجية كيان يهود (إسرائيل أقرب من أي وقت مضى لإنجاز اتفاق سلام مع العربية السعودية”. بي بي سي، 2023/8/22).

8- ولكن نتنياهو يعلم من زاوية ثانية بأن ملف التطبيع مع السعودية قد أصبحت إدارة بايدن تمسك به بشكل كبير، وأن خطوة في هذا الاتجاه لا يمكن القيام بها إلا عن طريق إدارة بايدن، لذلك فقد أرسل نتنياهو وفداً إلى واشنطن في 2023/8/17 برئاسة وزيره الأكثر موثوقية، وزير الشؤون الاستراتيجية في كيان يهود، رون ديرمر، وتباحث مع المسؤولين الأمريكيين ذوي العلاقة المباشرة بالملف السعودي وهم: (مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، ومستشار الرئيس الأمريكي الأول للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، وكبير مستشاري الرئيس للطاقة، آموس هوكستين، وهم المسؤولون الأمريكيون الثلاثة الذين يُشرفون، على الجهود الدبلوماسية، الهادفة للتطْبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. بي بي سي، 2023/8/22). وهكذا يتوجه نتنياهو نحو بايدن من أجل التطبيع مع السعودية.

9- ثم كان أخيراً تصريح ابن سلمان الوارد في السؤال الأربعاء 2023/9/20: (أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية بثت مقتطفات منها الأربعاء أن المملكة “تحقق تقدماً” باتجاه التطبيع مع إسرائيل. وقال ولي العهد السعودي: “نقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل”. وأضاف الأمير محمد بن سلمان قائلا “هناك دعم من إدارة الرئيس بايدن للوصول إلى تلك النقطة. وبالنسبة لنا فإن القضية الفلسطينية مهمة للغاية. نحتاج إلى أن نحل تلك الجزئية ولدينا مفاوضات متواصلة حتى الآن. وعلينا أن نرى إلى أين ستمضي. نأمل أن تصل إلى مكان تسهل فيه الحياة على الفلسطينيين وتدمج إسرائيل في الشرق الأوسط”.. من جانبه، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الخميس، إن اتفاقاً إطارياً توسطت فيه الولايات المتحدة لإقامة علاقات بين إسرائيل والسعودية قد يتم إبرامه بحلول بداية العام المقبل…).

رابعاً: يتضح من هذا كله بأن حاكم السعودية الفعلي ابن سلمان لا يملك من أمره الكثير، فهو ألعوبة بين الجمهوريين الذين أوصلوه للحكم في الرياض وبين منافسيهم الديمقراطيين، وهو يستجيب لرغبات هؤلاء وأولئك ليس من باب المصلحة السعودية، بل من باب الخيانة والعمالة التي لا يعرف لها حكام العرب والمسلمين حدوداً في خدمة أسيادهم. لقد نسي الحكام في بلاد المسلمين أن فلسطين أرض مباركة، هي وما حولها، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾، فالواجب أن تتحرك جيوش المسسلمين لتحريرها وتطهيرها من رجس يهود لا أن تُقدَّم فلسطين ليهود على طبقِ ذهبٍ من تطبيع وخضوع وخنوع! على كل إن فلسطين ستعود طاهرة مباركة كما كانت بسيوف جيوش المسلمين الصادقين بقيادة الخلافة الراشدة، وسيهزم جمع يهود وأعوانهم ويولون الدُّبر، وسيملأ الرعب قلوبهم حتى يختبئ أحدهم خلف حجرٍ يكشفه أكثر مما يخفيه!! وصدق رسول الله ﷺ: «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ» وفي رواية أخرى «هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي» بالإسناد نفسه، أخرجه مسلم عن ابن عمر.. ولعله كائن قريبا بإذن الله ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾ وعندها لن ينال الذين أجرموا بتطبيعهم مع يهود إلا الخزي والعقاب الأليم ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ﴾.

العاشر من ربيع الأول 1445هـ

2023/9/25م

جريدة الراية: نظرة في تطورات الأحداث السياسية الأخيرة في اليمن


جريدة الراية: نظرة في تطورات الأحداث السياسية الأخيرة في اليمن

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

خمسة أشهر منذ زيارة السفير السعودي محمد آل جابر إلى صنعاء في مفاوضات علنية مع الحوثيين تعتبر امتداداً لعدة لقاءات سرية مباشرة بين الطرفين منذ بدء الحرب وليست وليدة اليوم كما يعتقد البعض. “قالت مصادر مطلعة إن مفاوضات جديدة تجري حالياً بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثيين والأمم المتحدة تعتبر امتداداً لتلك التي جرت في العاصمة العمانية مسقط في آب/أغسطس 2015م” (مونت كارلو الدولية، 2016/3/8م). وتوالت اللقاءات والزيارات في أكثر من بلد بوساطة عمانية ورعاية أممية، ويبدو أن الوقت لم يكن مناسباً للإعلان الرسمي حتى زيارة السفير السعودي التي نتج عنها تفاهمات من ضمنها تبادل المئات من السجناء، وأعقبت زيارة السفير السعودي هذه زيارة لوفد حوثي للسعودية لأداء مناسك الحج في 2023/6/20م لأول مرة منذ بداية الحرب، وفي منتصف أيلول/سبتمبر الحالي زار وفد مفاوض من الحوثيين العاصمة الرياض لمناقشة صرف المرتبات ومعالجة الوضع الإنساني والوصول إلى حل عادل وشامل ومستدام، ولم يتم التصريح عن نتائج هذه المفاوضات سوى أنه سيتم طرح الملفات التي تمت مناقشتها على قيادة الجماعة في صنعاء على لسان رئيس وفد الحوثيين المفاوض.

إن قضية اليمن شائكة بسبب الصراع القوي كون عملاء الإنجليز متوغلين في الوسط السياسي وهذا الأمر يزعج أمريكا، وقد انكشفت عورة الحوثيين في صنعاء والمناطق القابعة تحت سيطرتهم خلال ما يقارب من عام ونصف منذ سريان الهدنة في 2022/4/2م وتعالت الأصوات الرافضة لحكمهم بقوة العصا وتنعمهم بالثروات في ظل الفقر والجوع الذي يعاني منه سواد الشعب، وتعالت هذه الأصوات عبر مكونات حزبية وشخصيات برلمانية واعتبارية وسخط شعبي لعدم صرف الرواتب برغم الإيرادات المهولة التي تتم جبايتها دون رحمة ولا شفقة بحال الشعب الصابر والصامد على هذه الحرب والذي ضحى بالغالي والنفيس ولم ينل إلا مزيداً من الشقاء والتعاسة والتهجير والجوع! ويبدو على الأرجح أن هذه الأصوات وعلى رأسها كلمة نائب رئيس المجلس السياسي ورئيس حزب المؤتمر صادق أمين أبو رأس، التي ألقاها بمناسبة ذكرى تأسيس حزب المؤتمر في 24 آب/أغسطس 2023م، قد أثرت فيهم وخافوا من قيام بريطانيا بأعمال قد تضرب الحوثيين، وبالتالي عجل حكام آل سعود عملاء أمريكا بترتيب لقاء بالرياض لمناقشة الملفات ومنها الملف الإنساني ولكن إلى الآن لم تظهر نتائجها للناس.

لقد ظهر جلياً للعلن العداء المحتدم بين الحوثيين وحزب المؤتمر، فقد قوبلت تصريحات أبو رأس وغيره من السياسيين والبرلمانيين بهجوم شرس من إعلاميي وسياسيي الحوثيين وعلى رأسهم رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء مهدي المشاط الذي وصفهم في كلمة ألقاها في محافظة عمران بالحمقى والغوغائيين والمزايدين والمرتزقة، متهماً إياهم بالتماهي مع من سماهم الأعداء، ويبدو أن تصريحات جناح المؤتمر قد لاقت اهتماماً بالغاً من الحوثيين حيث قام المشاط بزيارة عدد من المحافظات وافتتح عدة مشاريع خدمية لأول مرة بهذه الوتيرة منذ توليهم الحكم، ولم يبادل المؤتمريين الشراسة التي أظهرها الجانب الحوثي.

على النقيض من ذلك يبدو أن التسريع بالحل ليس لمصلحة الحوثيين ربائب إيران التي تدور في فلك أمريكا لأنهم يريدون وقتاً طويلاً ليضربوا عملاء بريطانيا، وبالتالي يحتاجون لوقت كبير.

والذي يجعل اللقاءات بين الحوثيين وحكام آل سعود تزداد هو الضغط الخفي من حزب المؤتمر عملاء بريطانيا المعتّقين.

إن ما يلوح به عبد الملك الحوثي من ضرورة عمل تغيير جذري، في كلمته التي ألقاها في ذكرى 21 أيلول/سبتمبر، ربما يقصد به التخلص من رجال بريطانيا بأية طريقة كانت؛ سواء بتغيير الوجوه أو بتغيير شكلي في النظام العلماني فيتيح لهم التخلص من خصومهم حزب مؤتمر الداخل، وربما يؤيد هذا الاعتقاد ما نسمعه من التأييدات والمباركات لهذا التغيير المزمع إعلانه في 12 ربيع الأول 1445هـ من جميع الوزارات والمؤسسات والقادة والمشائخ وجميع المكونات في أنحاء سيطرة الحوثيين، وبالتالي أمريكا تعلم هذا وسوف تعمل على الإشراف على حلول مجتزئة لتمكن عملاءها من خصومهم، خصوصا وأن أمريكا تعول كثيراً على حكام آل سعود في تقوية الحوثيين.

بدا جلياً أن هذه التفاهمات اقتصرت بين المملكة والحوثيين في إطار الخطة المرسومة للمملكة بتجسيم وتثبيت الحوثي عميل أمريكا، وحتى اللحظة لم تتعدهم المفاوضات لتصل إلى بقية المكونات في الوسط السياسي، التي تمثل بريطانيا، وبرز ذلك في تصريحات رئيس مجلس القيادة العليمي الباهتة والدالة على حسم المفاوضات بعيداً عنه بضغط سعودي، “وأشار العليمي إلى أن الحكومة اليمنية قدمت العديد من التنازلات ولم يعد لديها المزيد من التنازلات محذراً في الوقت ذاته من التعامل مع المليشيات كسلطة أمر واقع” (الجزيرة نت، 2023/9/21م). ويبدو أيضاً أن هذه المفاوضات ليست سهلة أو ذات نتائج قريبة، فقد صرح رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سلطة الأمر الواقع في الجنوب) عيدروس الزبيدي المدعوم إماراتياً لوكالة أسوشيتد برس “إنه سيعطي الأولوية لإنشاء دولة منفصلة في المفاوضات مع منافسيه جماعة الحوثي، وأضاف: نطالب بعودة الدولة الجنوبية بسيادتها الكاملة، وهذا سيحدث من خلال بدء المفاوضات مع الحوثيين، وستكون المفاوضات بالتأكيد طويلة” (القدس العربي، 2023/9/23م).

لم تعد هذه الحرب تحظى بشعبية كبيرة، ويبدو أن الأيام المقبلة ستشهد تحركات ولقاءات عالية المستوى للتوصل إلى حل تحفظ به أمريكا مكانة عملائها في الشمال، وأن بناء مقاربة بين الأطراف السياسية سيكون الحل المؤقت حتى ينفرد أحد الأطراف الاستعمارية بالسيطرة وإزاحة الطرف الآخر من المشهد السياسي عن طريق العملاء المتصارعين الذين يقاتلون ويصارعون لأجل مصالح أسيادهم ولو بقتل وتجويع أبناء جلدتهم، وإنه لا خلاص لنا إلا بقلع النفوذ الأجنبي بكل أشكاله وأركانه ورموزه، ووضع الإسلام العظيم موضع التطبيق والتنفيذ، في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، تُظلُّها رايةُ رسول الله ﷺ، بالطريقة نفسها التي سار عليها رسولنا الكريم ﷺ لتحقيق وعد الله سبحانه وتعالى ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ لهذا ندعو كل المخلصين الواعين في هذا البلد من قيادات وضباط وشيوخ إلى الالتفاف حول مبدئهم وترك لعاعة الدنيا وترك اتباع الدول المتصارعة الكافرة ومن يمثلها من مبعوثين أمميين ومن لف لفهم، ونقول لهم: لن ينقذكم سوى التمسك بدينكم والاحتكام إلى شرع ربكم، وإن حزب التحرير ناصح أمين لكم، يملك المشروع التفصيلي العملي من مبدأ الإسلام العظيم للانفكاك من كماشة الدول الاستعمارية أمريكا وبريطانيا وأخواتهما في الجرم والمكر.

بقلم: المهندس قيصر شمسان – ولاية اليمن

جريدة الراية: عملية أذربيجان في قراباغ ما خلفها ومخلفاتها؟


جريدة الراية: عملية أذربيجان في قراباغ ما خلفها ومخلفاتها؟

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

أعلنت أذربيجان يوم 2023/9/19 قيامها بعملية عسكرية في إقليم قراباغ الذي تحتله أرمينيا، وطالبت باستسلام أرمني كامل وغير مشروط، وأعلنت سيطرتها على نحو 90 موقعا أرمينيا في المنطقة. بينما أعلنت سلطات قراباغ الأرمينية أن “حصيلة ضحايا العملية العسكرية الأذرية التي استمرت يوما واحدا في الإقليم ارتفعت إلى 200 قتيل و400 جريح” وتم إجلاء أكثر من 7 آلاف شخص من 16 قرية، علما أنه يسكن الأقليم نحو 120 ألفا أغلبهم من الأرمن بعدما طردوا أهلها المسلمين بمساعدة روسيا قبل 30 عاما.

وأعلن رئيس أذربيجان علييف يوم 2023/9/20 أن بلاده استعادت سيادتها على قراباغ، وتحدثت باكو عن بدء المسلحين الأرمن بتسليم الأسلحة.

وتحركت روسيا فورا وضغطت على الأرمن في الإقليم لنزع سلاحهم ومنع تسعير الحرب، ووصفت الرئاسة الأذرية المحادثات التي عقدت في مدينة يفلاخ غرب باكو برعاية روسية بالبناءة. حيث تمت مناقشة قضايا إعادة إدماج الأرمن في الإقليم وترميم البنية التحتية فيه، وتنظيم العمل وفقا لدستور وقوانين أذربيجان.

لم تدن أرمينيا العملية، ونأت بنفسها عن القضية، ودعا رئيس وزرائها باشينيان إلى “التوصل إلى سلام عادل ودائم بين أرمينيا وأذربيجان، وضمان الحقوق والأمن لسكان قراباغ”. لأنها رأت نفسها وحيدة، ولا تقدر على مجابهة أذربيجان، وأعلن أن “قوات السلام الروسية أخفقت في مهمتها”. فروسيا مشغولة في حرب أوكرانيا، ولا تريد الدخول في حرب ثانية لحماية الأرمن، وتعلم أن وراء العملية أمريكا التي تريد توريطها في حرب جديدة كما ورطتها في حرب أوكرانيا. فسارعت لوقف الحرب التي شنتها أذربيجان بدعم من تركيا ومن خلفها أمريكا في خريف عام 2020 لاستعادة أراضيها التي احتلها الأرمن بمساعدة الروس عام 1993. إذ احتلوا خمس مناطق أذرية مساحتها نحو 20-24% من ضمنها إقليم قراباغ، وشردوا نحو مليون مسلم، حتى صدرت قرارات مجلس الأمن عام 1993 التي دعت إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الأرمينية بدون تهديدها بتفعيل البند السابع، فرسخت الاحتلال، إلى أن جاءت ظروف أتاحت لأذربيجان استعادة أراضيها. عندئذ تدخلت روسيا لتعقد اتفاقية بين أذربيجان وأرمينيا يوم 2020/11/9 تتضمن سحب الأرمن لقواتهم من المناطق الأربع المحتلة وتسليمها لأذربيجان مع تأمين وقف إطلاق النار وبقاء إقليم قراباغ تحت سيطرة الأرمن بإشراف قوات سلام روسية تعدادها 2000 جندي دخلت إلى الإقليم لحين إيجاد حل له، كما ذكر الرئيس الروسي آنئذ.

وتحرك أذربيجان هذا، موجه ضد نفوذ روسيا بالدرجة الأولى، حيث يشكو الأرمن من عدم قدرة روسيا على حفظ أمنهم، علما أن أرمينيا عضو في منظمة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، ولروسيا قاعدة عسكرية في أرمينيا، فيقتضي منها التدخل لحماية الأرمن كما تدخلت في بداية عام 2022 في كازاخستان العضو الآخر في هذه المنظمة، إذ ينص ميثاق المنظمة أن الاعتداء على أي عضو فيها يعتبر اعتداء على بقية الأعضاء.

وكانت فرنسا من أكثر الدول انزعاجا من العملية، إذ أعلن رئيسها ماكرون أنه “يدين بأشد العبارات العملية العسكرية التي بدأتها أذربيجان في إقليم قراباغ”، ودعا إلى “وقف فوري للهجوم”. ففرنسا تتبنى دائما سياسات في الداخل والخارج ضد الإسلام والمسلمين. ولهذا تتبنى قضية الأرمن، وهي عضو مع أمريكا وروسيا في مجموعة مينسك التي تشكلت عام 1992 لإيجاد حل للنزاع الأذري الأرمني. فكل دولة لها مصالحها تسعى لتحقيقها وليس لحل النزاع كما ينبغي. ولم تستطع أن تلعب فرنسا أي دور؛ لأن روسيا لم تمكنها من ذلك، ولا تملك أوراق ضغط سوى تأييدها المطلق للأرمن، وبذلك عزلت نفسها لعنجهيتها وبغضها للمسلمين حتى لو كانوا غير ملتزمين بالإسلام، وأنظمتهم في تركيا وأذربيجان علمانية بغيضة مستوحاة من نظامها الكافر، فلم تستطع التواصل مع البلدين، بينما أمريكا كانت تلعب عن طريق تركيا أردوغان.

وتحركت أمريكا لتواصل اتصالاتها بالطرفين، فقام وزير خارجيتها بلينكن باتصالات هاتفية مع رئيسي الطرفين علييف وباشينيان ودعاهما إلى الحوار، وأكد لباشينيان “دعم واشنطن لسيادة أرمينيا”. وذكر أن “السلام العادل سيعود بفائدة كبيرة على البلدين وسيكون بمثابة تغيير قوي نحو الأفضل في مسار التاريخ بعد ثلاث سنوات من الاشتباك”، أي نحو الهيمنة الأمريكية في المنطقة. فأمريكا تسعى لكسب أرمينيا كما كسبت أذربيجان عن طريق أردوغان، وتجعلها تتخلى عن تبعيتها لروسيا. فكانت وراء هذه الحرب منذ ثلاث سنوات. ولهذا شرعت بمناورات مشتركة مع أرمينيا يوم 2023/9/11 لمدة 10 أيام قرب العاصمة الأرمنية يريفان، فأثار ذلك غضب روسيا حيث نددت بها عندما أعلن عنها قبل أسبوع من إجرائها، ما يدل على أن أرمينيا اتخذت هذا القرار بدون إعلام روسيا في خطوة نحو التخلي عن تبعيتها لها، فقد قال المتحدث باسم الكرملين بيسكوف يوم 2023/9/7 “من الواضح أن إجراء مثل هذه المناورات لا يسمح باستقرار الوضع في المنطقة أو تعزيز أجواء الثقة المتبادلة.. وإن روسيا ستواصل مهامها بوصفها ضامنا للأمن”. فجاء التدخل الأذري عقب ذلك لينفي قدرة روسيا على ضمان الأمن للأرمن، وليؤكد لهم أن روسيا غير قادرة على توفيره لهم ويضعضع الثقة المتبادلة.

وقد نفى رئيس وزراء أرمينيا باشينيان بشكل مباشر إعلان روسيا أن أرمينيا ستستضيف تدريبات منظمة الأمن الجماعي لهذا العام، ما اضطر روسيا إلى إجرائها في بيلاروسيا من 1 – 2023/9/6، ورفض إرسال قوات أرمينية للمشاركة فيها. علما أن باشينيان كان يثق في روسيا وضماناتها الأمنية، فقد أعلن يوم 2021/5/3 عقب الهجوم الأذري عام 2020 أن الجيش الروسي “أقام موقعين جديدين في جنوب أرمينيا بالقرب من حدود أذربيجان باعتبار الموقعين ضمانا أمنيا إضافيا”. ويرى الأرمن أن روسيا قد خذلتهم ولا تستطيع ضمان أمنهم وهم شعب فقير، محصور بين الجبال، قليل العدد والعتاد، ضعيف القوى بالنسبة لأذربيجان التي تتفوق عليهم مرات في التعداد والعتاد والقوى والغنى والبحر والمناخ.

وبدأت أمريكا تتصل بهم وتعقد الاجتماعات بين مسؤوليهم والأذريين من بعد العملية الأذرية عام 2020 لسحب البساط من تحت أقدام روسيا، فحصل أن جمع وزير خارجيتها بلينكن نظيريه الأذري والأرمني في واشنطن بتاريخ 2022/9/20، و2022/11/8.

إن أذربيجان وأرمينيا بلدان مسلمان فتحا على عهد الخليفتين الراشدين عمر وعثمان رضي الله عنهما. ولا أمان للأرمن إلا في ذمة المسلمين كما كانوا من قبل، في ظل دولة الخلافة الراشدة القائمة قريبا بإذن الله.

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

جريدة الراية: صفقة تبادل السجناء بين أمريكا وإيران


جريدة الراية: صفقة تبادل السجناء بين أمريكا وإيران

حلقة في مسلسل التنازل الإيراني لأمريكا

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

أثمرت الصفقة التي رعتها قطر بين إيران وأمريكا عن تبادل السجناء بين الطرفين لكل طرف خمسة سجناء كانوا محتجزين في البلدين منذ سنوات بحجج شتى مثل بيع معلومات سرية أو تجسس، إلا أن أمريكا زادت في ذلك بأنها ستفرج عن أموال جمدتها البنوك في كوريا الجنوبية كانت إيران قد باعت بها نفطها وتقدر هذه الأموال بستة مليارات دولار، ومن المفروض أن تنقل هذه الأموال من كوريا إلى قطر – وهذا هو المهم – بحيث تقوم أمريكا بالإشراف على صرفها بمعنى أنها هي التي ستعطي الإذن للبنوك القطرية إذا أرادت إيران صرفها لشراء سلعة معينة أو بدل استيفاء خدمة، فمثلا لو أن إيران أرادت شراء إسمنت أو حديد، فإن أمريكا ربما ترفض صرف هذا المال لها بحجة أن هذا الإسمنت أو الحديد ربما استخدم لبناء قاعدة عسكرية أو لأغراض غير مدنية، وحتى ما يتعلق بصرف المال في مقابل الغذاء والدواء كما حصل في العراق قبل 30 سنة، فإن أمريكا تستطيع أن تكيف الأمور كما تحب وتشتهي فتعطي أو تمنع.

على كل حال فإن قراءة الصفقة تفتح علينا بعض النقاط التي لا بد من تناولها:

أولاً: إن إيران تدور في فلك أمريكا، وحكامها منذ الخميني – وحتى قبل أن يُسلم الحكم بانقلاب أبيض – هم كذلك، وليس هذا من قبيل التجني أو التحدث بغير علم فإن علاقة كندي بالخميني بدأت منذ أوائل الستينات من القرن المنصرم، بمعنى أن علاقة أمريكا بالخميني كانت قبل أن تسلمه الحكم في إيران بخمس عشرة سنة على الأقل، فقد كان يجري تجهيزه ليحكم إيران ويخلف عميل بريطانيا رضا بهلوي شاه إيران. ومن أراد أن يقف على تفاصيل التسليم وكيف منعت أمريكا الجيش من التدخل بل وجعلته يستقبل الخميني في المطار استقبال الفاتحين فليقرأ كتاب هيكل (مدافع آية الله – قصة إيران والثورة)، ولو ضربنا صفحا عن التاريخ فالشاهد ما زال بين أيدينا؛ فقد سبق لرفسنجاني الذي كان رئيساً لإيران ورئيساً لمصلحة تشخيص النظام أن قال: “لولا إيران لما استطاعت أمريكا أن تدخل في أفغانستان أو العراق”، ولربما لنا أن نزيد على كلامه: “…ولما ثبت عميلها في الشام ولما كان لها موطئ قدم بل أقدام في اليمن”. فأمريكا تستخدم حكام إيران منذ ما يزيد على أربعين سنة، ليس أقل من أن تصنع لهم شعبية سواء في البرنامج النووي أو بالإفراج عن الأموال المحتجزة.

ثانيا: ما كان للصين أن ترعى الاتفاق السعودي الإيراني لولا أن أمريكا أذنت بذلك، أي أن أمريكا استخدمت الصين في هذا الأمر كما استخدمت روسيا في الشام وليبيا وقبلها زمن الاتحاد السوفييتي لمساندة عميلها عبد الناصر.

ثالثا: إنَّ إيران منذ زمن الخميني تنفذ ما تطلبه أمريكا منها، ويكفينا إثبات هذا في بلدين؛ ففي العراق لما عزمت أمريكا على كنس نفوذ بريطانيا وعملائها من البعث كانت إيران في الصفوف الأولى لخدمة أمريكا وقبلت بتلزيمها العراق حتى أصبح البلد خاليا من البعث ورجاله، وقامت أمريكا بوضع دستور زمن الحاكم العسكري بريمر وهو دستور طائفي بامتياز يساعد في تمكين إيران من العراق بحيث يكون عملاؤها في الحكم وهذا ما كان، وما زالت أمريكا موجودة في العراق تسيطر عليه بمساعدة إيران. أما المثال الثاني فهو تلزيمها النظام في الشام بعد أن كان على وشك أن يسقط فأتت بإيران ومليشياتها لمساندته.

رابعا: لم يكن لأمريكا أن تطيل أمد الحرب في بلاد المسلمين إلا بالطائفية المقيتة التي تولت إيران كِبرها، فقد عملت في الشام والعراق على وجه الخصوص على جعل النزاع بين أهل البلد نزاعاً طائفيا بحرصها على التسميات التي تنضح بالطائفية لتسمي بها مليشياتها؛ فهؤلاء “زينبيون” و”فاطميون” و”حسينيون” و”علويون”… وكل هذا لتنفيذ مخططات أمريكا في تفتيت الأمة الإسلامية وتفكيك بنيانها.

خامساً: إن دوران إيران في فلك أمريكا يجعلها لا تخرج في سياستها الخارجية عما تريده أمريكا؛ لذلك فإن صفقة تبادل الأسرى بين إيران وأمريكا وجعل الأموال المفرج عنها تحت رحمة أمريكا هي التي تحدد كيف تصرف وفيم تنفق، تعتبر صفعة على وجه إيران، وخدمة مجانية للحزب الديمقراطي في أمريكا، وإن كون إيران تقبل أن تعامَل مثل الولد الصغير الذي يأخذ مصروفه المدرسي من والده فإن هذا وحده كاف للشعور بالمذلة والإهانة ولكن (ومن يهن يسهل الهوان عليه).

سادساً وأخيرا: إن حكام إيران لن يجلبوا للأمة غير المصائب، وهم لو أرادوا الانعتاق من أمريكا لاستطاعوا، فأمريكا ليست عليهم بالقدر المحتوم الذي لا يُبدّل، ولكنهم لم يشعروا بشعور الأحرار يوما ولم يذوقوا طعمها لذلك يَعافون الحرية بل ويحاربونها، فما الذي ينقص إيران حتى يتحرر حكامها؟! فالشعوب المسلمة في كل بلاد الإسلام تتحرّق شوقا لمن يعيدها لليرموك وحطين وعين جالوت، ولا يظنن ظانٌ أن الأمة الإسلامية قد غيرت شيئا من دينها أو بدلت، لكن شرف التغيير لا يسوقه الله لأيٍّ كان، سيما إذا كان خانعاً ذليلا لكن ﴿…فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

بقلم: الأستاذ خالد الأشقر (أبو المعتز)

جريدة الراية: أحداث دير الزور الأسباب والنتائج


جريدة الراية: أحداث دير الزور الأسباب والنتائج

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

منذ أن استولت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على دير الزور بقيادة التحالف الدولي لم تستقر المنطقة، وذلك لأن المكون الكردي يستفرد بالقرار، فيما كان الاتفاق مع العرب أن يسلموا المنطقة لأهلها بعد تحريرها من تنظيم الدولة ليكون الحكم والإدارة ذاتية، إلا أن حزب العمال الكردستاني لم يف بتعهداته بل إنه أخذ يمكّن لنفسه بأساليب تشبه أساليب النظام السابق من استزلام لبعض الرخصاء من الوجهاء ونهب ثروات المنطقة من النفط والغاز ومحاولة فرض مبدئه في منهاج التعليم مع سوء الخدمات ما دفع الناس إلى رفع الصوت وقيام بعض المظاهرات التي واجهها باعتقال الناشطين والإعلاميين واغتيال بعض الشخصيات المعارضة كالشيخ بشير الهويدي أحد شيوخ العفادلة ومطشر الهفل أحد شيوخ العقيدات وغيرهما من الشخصيات واعتقال كل من يعترض على سياساتهم ما ولد احتقاناً تراكم طوال السنوات الخمس الماضية.

وكان لمجلس دير الزور العسكري بقيادة أحمد الخبيل أبو خولة اليد الطولى في قمع المظاهرات بشدة ما ولد كرها له في المنطقة، وحاول إقصاء العشائر الأخرى مستندا إلى دعم التحالف له بشكل مباشر، ما أعطاه قوة جعلت منه شريكا لـ”قسد” في قرار المنطقة، وهذا ما لا يقبل به كوادر حزب العمال الكردستاني، فحاولوا اغتياله لكن لم ينجحوا، وحاولوا إقصاءه لكنه رفض محتميا بعشيرته البكير ومجلس دير الزور العسكري، وحاولوا إزاحته بالقوة فواجههم ولم يستطيعوا اقتحام مقراته، ثم بعد شهرين تمكنوا من اعتقاله بعد استدراجه إلى اجتماع في الحسكة بدعوة من التحالف الدولي. فكانت الشرارة التي أشعلت الأحداث الأخيرة التي تحولت بسرعة من قضية قادة مجلس دير الزور العسكري إلى قضية عامة هي التحرر من هيمنة كوادر حزب العمال واستعادة قرار المنطقة، وقام الشيخ إبراهيم الهفل بقيادة الحراك ضد “قسد”، وهو له رمزية كبيرة كونه شيخ العقيدات كلهم ما أعطى للحراك زخما وقوة، واستطاع في البداية أن يحرر المنطقة من قوات “قسد” إلا أنه نتيجة تفكك المجتمع القبلي نتيجة المنافسات العشائرية جعل البعض يقف متفرجا، وعدم وجود التنظيم العسكري للقتال وعدم وجود الدعم اللوجستي وعدم قيام المناطق الأخرى كالحسكة والرقة ومنبج ما أعطى فرصة لـ”قسد” لحشد أكثر من خمسة عشر ألف عسكري بالمصفحات ما قلب هزيمتها في البداية إلى نصر في النهاية، وكان موقف التحالف الدولي غامضا مترقبا كأنه يحاول مسك العصا من المنتصف ليستثمر فيمن ينتصر، خصوصاً أن أصوات شيوخ العشائر منذ ثلاث سنوات وفي الصراع الحالي قد علت بالمطالبة بتدخل التحالف وأن تكون العلاقة معه دون “قسد” بوصفه راعيا للمنطقة، أو قوة احتلال كما هي الحقيقة.

وبعد اشتداد المعارك فرضت أمريكا هدنة استغلتها “قسد” وعملاؤها من مرتزقة الوجهاء في تخذيل المقاتلين العرب واندفاع قوات “قسد” في الانتشار في البلدات المحررة، إلا أنها عادت وسحبت هذه القوات وأبقت على قوى الأمن الداخلي. ويرجح قيامها بهذا بضغط من التحالف الدولي، وتجري الآن عمليات فردية على قوات “قسد” تحت مسمى الذئاب المنفردة، فيما تجري مفاوضات بين الشيخ مصعب الهفل ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي في السفارة الأمريكية في قطر وفي الوقت نفسه يقوم شيوخ من عشائر العقيدات والبقارة وغيرهم بالتفاوض مع قوات التحالف لترتيب أوضاع المنطقة سياسياً وعسكريا وإداريا.

ومن المتوقع أن يقوم التحالف بفرض تشكيلة جديدة في الإدارة المدنية والعسكرية بقيادة هفل عبود جدعان الهفل الذي يقيم في أمريكا ويحمل الجنسية الأمريكية ما يوجد استقرارا تستثمره أمريكا في بناء قوة تستند إلى المخزون العشائري لتنفيذ أجنداتها في فرض الحل السياسي على حساب دماء المسلمين تستخلصه بما توقعه من اقتتالات بينهم، فهل يدرك المسلمون هذه الفخاخ الأمريكية فيجتنبوها ويتوحدوا على مشروع الإسلام الذي يرضي الله ويحقق مصالحهم؟

إن السياسة الأمريكية في العالم اليوم تنتهج إيقاع الحروب بين الدول وبين القوميات وبين الجماعات بكافة أطيافها، وما حصل من اقتتال بين مصر والسودان والعراق وإيران وبين اليمن الجنوبي والشمالي وبين الهند وباكستان وروسيا وأوكرانيا وبين المجاهدين الأفغان وبين فصائل الصومال والحرب الأهلية في لبنان والفصائل الثورية في سوريا وغيرها الكثير، كل هذه الاقتتالات وراءها أمريكا وأدواتها من الأنظمة العميلة لإخضاع الدول والشعوب لنفوذها وتحقيق مصالحها.

فكيف بعد كل هذا هناك من يطلب الحل من عدوة الإنسانية وقاهرة الشعوب أمريكا عدوة الله ورسوله والمؤمنين؟!

إن استجداء الحل السياسي من أمريكا وتحالفها الدولي هو انتحار سياسي؛ لأن أمريكا لا يهمها إلا إيجاد أدوات تحقق مصالحها بقهر الشعوب وظلمهم ونهب خيراتهم وثرواتهم بأنظمة دكتاتورية تتسلط بالقوة والقهر، وما الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا دعاية فارغة كشعار “الوحدة والحرية” الذي نادى به حافظ أسد بلغته الخشبية المقيتة.

يا أهل ثورة الشام، يا قبائل العرب الكرام: أفبعد مليون شهيد ومليوني جريح وعشرات آلاف المفقودين والمعتقلين نقبل بالحل الأمريكي اللعين؟! إنه والله لخزي الدنيا والآخرة فهل من معتبر؟! قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾

بقلم: الأستاذ محمد سعيد العبود

جريدة الراية: حقيقة مرسوم العفو الصادر عن رئيس أوزبيكستان


جريدة الراية: حقيقة مرسوم العفو الصادر عن رئيس أوزبيكستان

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

أعلن رئيس أوزبيكستان شوكت ميرزياييف في 31 آب/أغسطس مرسوم عفو بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين للاستقلال. وبموجب المرسوم، تم العفو عن 286 شخصاً يقضون عقوبة على الجريمة المرتكبة وفقاً للبند 23 من المادة 109 من دستور أوزبيكستان والذين تابوا بصدق عن أفعالهم وواصلوا بحزم طريق التعافي. وتم إطلاق سراح 109 من الأشخاص المعفو عنهم من العقوبة الرئيسية، وإطلاق سراح 116 بشروط قبل قضاء العقوبة، وتخفيف العقوبة عن 25 سجيناً. كما صدرت أحكام بالسجن على 36 شخصا. ويقال إن 39 من الذين تم العفو عنهم هم من النساء، و22 رجلاً فوق 60 عاماً، و30 من دول أجنبية، و3 أعضاء في منظمات محظورة، كما ذكرت القنوات الرسمية.

وهنا نتساءل لماذا لا ينطبق مرسوم العفو هذا على شباب حزب التحرير، الذين يقبعون في السجون منذ 25 عاماً؟!

وقبل ذلك ننقل رسالة تيشابويف رسول جوان من منطقة توشكيت، الذي تعرض للضرب المبرح حتى الموت في المنطقة 48/64 بمدينة زرافشان في ولاية نوائي عام 2010، ولكنه لم يتمكن من إرسالها إلى عائلته:

“…لا تتوقعوا العفو الذي يصدره القائد الطاغية كل عام! لأن المجرمين فقط هم من يحتاجون العفو! ونحن لسنا مجرمين! علاوة على ذلك، فإن العفو عند الملك الجائر له شروط منكرة، يؤدي تحقيقها إلى تقويض الإيمان. ففي نهاية المطاف، أي مؤمن ينبغي أن يهين العلامة الكبير الشيخ تقي الدين والحزب الذي أسسه بكلام بذيء ليثبت أنه عاد عن طريقه! وأي مؤمن يمكن أن يوافق على شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير أو كتابة افتراء عن أخيه حتى ولو اضطر إلى القيام بهذا العمل البغيض الذي تسمح به الشريعة في حالة الإكراه، وهذه المطالب هي التي تبعدني عن عائلتي العزيزة أنتم. وحسب ظني نحن لا نستطيع أن نعود إلى حضنكم إلا بعد موت الملك اليهودي الكافر أو بعد فضل الله بنصر منه تعالى. أعتقد أنه إذا ذهب هذا الملك، سيأتي تلميذه. ولذلك فإن الشيء الوحيد الذي يستحق الأمل هو عون الله…”.

رحم الله صاحب هذه الرسالة وجعله يوم القيامة مع سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه!

في الواقع، من الصحيح أن نقول إن الأفكار المكتوبة في هذه الرسالة ليست أفكار أحد إخواننا فقط، بل هي أيضاً أفكار جميع الإخوة الثابتين على إيمانهم وطريقهم. إن ظن أخينا المذكور نراه أمام أعيننا اليوم. ورغم أن الرئيس التلميذ أوقف الإعدامات في المناطق وأجرى بعض التسهيلات، وأطلق سراح بعض شبابنا بدون هذه الشروط، إلا أنه لم يتمكن من إكمال هذا العمل الجيد. وبما أن الرئيس السابق كان معادياً للدين بطبيعته، فقد كان سعيداً جداً بسياسة أمريكا في دعمه ثم روسيا في هذا الصدد، ونفذها بكل جدية. لكن الرئيس الحالي عنده السياسة غير المستقرة لأن هناك تأثيرا للتعليمات المباشرة لروسيا والضغط الأمريكي.

أمريكا دولة مبدئية، وترتكز سياستها المناهضة للإسلام على أيديولوجيتها الخاصة، وتختلف تماماً عن سياسة الدببة التي تنتهجها روسيا. إن أمريكا التي تدعي حرية الدين، تواصل نشر ديمقراطيتها القبيحة في العالم، وخاصة البلاد الإسلامية، لكنها تغض الطرف عن الإجراءات غير الإنسانية ضد ديننا في مستعمراتها. وفي الوقت نفسه، تدرس بالتفصيل المعلومات الإحصائية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المسلمين وتستخدمها فقط لمصلحتها عندما يحين الوقت.

فعلى سبيل المثال، تنص المعلومات المقدمة من اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية على ما يلي:

“كم عدد السجناء الدينيين المحتجزين في سجون أوزبيكستان في الوقت الحالي؟ كم عدد الأشخاص الذين تم إطلاق سراحهم بعد وفاة الرئيس الاستبدادي السابق إسلام كريموف في آب/أغسطس 2016؟ إن مثل هذه القضايا الأساسية المتعلقة بالضمير، وحرية الدين، ونظام السجون في أوزبيكستان كانت منذ فترة طويلة على رأس قائمة قضايا حقوق الإنسان التي تهم المدافعين عن حقوق الإنسان الأوزبيكيين، وحكومة الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وهيئات الأمم المتحدة… ومع ذلك، كان من المستحيل تقريباً دراستها بالتفصيل خلال حكم كريموف الصارم الذي دام 27 عاماً. واليوم، وفقاً لنتائج دراسة استمرت لمدة عام أجريت تحت رعاية اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، واستناداً إلى أكثر من 113 مقابلة تفصيلية وأبحاث مكثفة أجريت في أوزبيكستان، يُظهر هذا التقرير أن أكثر من 1000 إسلامي تم العفو عنهم قبل نهاية عام 2016 لانتهاء أحكامهم بشكل طبيعي. ولكن حكومة أوزبيكستان لا تزال تبقي حوالي 2000، وهذا أحد أعلى المعدلات في العالم وأكبر عدد من الأشخاص المسجونين بسبب معتقداتهم الدينية في جميع دول الاتحاد السوفييتي السابق…”.

“…وفضلا عن ذلك منذ فترة طويلة، ساعد الرئيس الاستبدادي لأوزبيكستان كريموف، في وضع وتنفيذ أكثر القوانين عدوانية وقمعا بشأن الممارسة الدينية في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق. ابتداءً من أوائل التسعينات وتوسعها في نهاية العقد، أدت تكتيكات الخدمات الخاصة لكريموف إلى سجن الآلاف من المسلمين المستقلين العاديين الذين مارسوا دينهم خارج سيطرة الدولة الصارمة. وأدى الاضطهاد الديني إلى ما بين 7000 إلى 10000 سجين ديني وسياسي في ذروة سياسات كريموف…”.

“ومنذ عام 2016، بدأ الرئيس شوكت ميرزياييف سلسلة من الإصلاحات، بما في ذلك إطلاق سراح فئات معينة من السجناء الدينيين والسياسيين وإزالة أكثر من 20 ألف مسلم مستقل وأقاربهم من “القوائم السوداء” سيئة السمعة للمتطرفين الدينيين المشتبه بهم. أطلقت حكومة ميرزياييف اليوم سراح أكثر من 65 سجيناً سياسياً رفيع المستوى ومجموعة كبيرة مجهولة من السجناء الدينيين. ومع ذلك، فيما يتعلق بالسجناء الدينيين، لم تطلق الحكومة مطلقاً سراحهم ولم تكشف عن عدد أو هوية أولئك الذين ما زالوا مسجونين، على الرغم من الدعوات المتكررة من آليات الأمم المتحدة…”.

“…علاوة على ذلك، من بين هذه الحالات، هناك اتجاه مثير للقلق يتمثل في تمديد فترات سجن السجناء الدينيين طوعاً والحكم عليهم بالسجن أثناء وجودهم في السجن”.

“تظل الأحكام الطويلة المثيرة للصدمة بحق السجناء الدينيين في أوزبيكستان قضية هامة… ومع ذلك، لا يزال الآلاف من السجناء الدينيين مسجونين، ويقضون حالياً أحكاماً بالسجن لأكثر من 20 عاماً”.

“وهذا يضع السجناء الدينيين في أوزبيكستان بين أولئك الذين صدرت بحقهم أطول الأحكام الدينية في العالم، إلى جانب التعذيب وإعادة المحاكمات والأحكام الطويلة، غالباً ما يؤثر القمع على عائلات بأكملها، على مدى عدة أجيال…”.

“وجدت الدراسة أيضاً أن القمع ضد المتدينين هو ذو طبيعة عابرة للحدود الوطنية. وقد أُعيد غالبية المحتجزين حالياً قسراً من الخارج، في بعض الحالات، في انتهاك للإجراءات القانونية الواجبة وغيرها من معايير حقوق الإنسان. وأخيراً، تواصل الحكومة الأوزبيكية تقييد حرية الضمير والدين وحرية التعبير التي يكفلها دستور أوزبيكستان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وعدد من الوثائق الدولية الملزمة الأخرى”.

“يستند هذا التقرير إلى 113 مقابلة مع سجناء دينيين وسياسيين تم إطلاق سراحهم مؤخراً، بالإضافة إلى أفراد عائلات السجناء الحاليين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والمحامين، والمسؤولين الحكوميين، والزعماء الدينيين، وممثلي المنظمات الدولية، وغيرهم من الخبراء… من تموز/يوليو 2020 إلى آب/أغسطس 2021، بناءً على أكثر من 100 ألف مقابلة تفصيلية. أُجريت هذه المقابلات مع أشخاص يعيشون خارج أوزبيكستان، بما في ذلك كازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وتركيا والولايات المتحدة…”.

لقد قمنا بكشف الجرائم غير الإنسانية المرتكبة ضد شباب حزب التحرير وغيرهم من السجناء الدينيين في سجون أوزبيكستان منذ 25 عاماً، وما زلنا مستمرين في مصادرنا. المعلومات الواردة أعلاه أوردتها (اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية) وهي تؤكد ما نقوله.

هذه هي الحال في أوزبيكستان، وهذه هي حقيقة العفو الذي وقعه رئيسها ميرزياييف. وهذا هو التصديق لحديث رسول الله ﷺ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ» رواه الترمذي.

بقلم: الأستاذ إسلام أبو خليل – أوزبيكستان

جريدة الراية: الصراع الدولي على أفريقيا


جريدة الراية: الصراع الدولي على أفريقيا

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

لا شك أن أفريقيا بما تملكه من عناصر القوة المادية والموارد الهائلة التي يسيل لها لعاب الشركات العالمية والدول الطامعة وهي الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا، تجعل هذه الدول تدخل في صراع حتمي حدّ كسر العظم ولا يقبل القسمة على اثنين إلا في حالة واحدة وهي حالة الضعف التي تنتاب المستعمرين والتي هي من السنن الإلهية الحتمية، ومحاولة أهل الأرض استعادة حقوقهم ومكانتهم بين الأمم ونظرتهم لهؤلاء المستعمرين، ما يستدعي من الدول الاستعمارية حتى لا تفقد مكتسباتها في هذه الكعكة الأفريقية أو في أي مكان في الأرض، حينها تلجأ للمهادنة والاقتسام فيما بينها وربما تزيد حصة الفتات الذي كانوا يعطونه لهم، ولكن هذه الحالة دائماً تكون مؤقتة وليست دائمية.

أفريقيا تعرضت لموجات استعمارية من الأوروبيين على مر خمسة قرون مضت، وتعرضت شعوبها للاضطهاد والتهجير والاستعباد والنهب المستمر، ولم يستثن شبر واحد من أفريقيا إلا وغزته جحافل الأوروبيين واستعمرته، وركزت شركاتهم في تلك الأرض التي يحتوي باطنها على مليارات الأطنان من كل المعادن (البترول والغاز والمنغنيز واليورانيوم والتيتانيوم والبوتاس والفوسفات والحديد والزنك والذهب والألماس وما لم يكتشف بعد)… خيرات لا يعلم بوفرتها إلا الله سبحانه وتعالى، لو استَغلت القارة السوداء عُشر ما فيها فقط لعاش سكانها رغد العيش ولاستغنوا عن شعوب الأرض، ولكنها تجري على شعوب هذه القارة ما يجري على غيرها من سننٍ إلهية لم تأخذ الشعوب بها، وهي أن تأخذ زمام المبادرة باستعادة إرادتها والتضحية في سبيل ذلك، لكن تلك الشعوب سلمت إرادتها لقيادات وأحزاب فاسدة صنيعة المستعمر وربيبته على مر العصور، ولا زالت هذه القيادات تتغير وتتلون مع ارتباطها بالمستعمرين تتسيد المشهد السياسي فتجري مسرحيات هزلية في النفير الشكلي وغير الحقيقي بما يتناسب مع سياسات المستعمرين، والشعوب تتقلب في تلك المسرحيات والسيناريوهات ظناً منها أن القادم أفضل وخير وما هو إلا سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء!

إن الانقلابات التي جرت ولا زالت تجري في أفريقيا في معظمها هي نتيجة حتمية لصراع القوى الكبرى على هذه القارة السمراء، وقد اشتد في الآونة الأخيرة ومنذ عشر سنوات في مالي وبوركينافاسو والنيجر والغابون، أي دول الإكواس التي ترأستها نيجيريا الدولة الكبرى في هذا التجمع الاقتصادي، والذي تم التعديل بميثاقه بحيث يحق له التدخل في حالات الانقلابات على القانون وتعرض هذه المجموعة للاضطراب وعدم الاستقرار والشرعية المنتخبة ديمقراطياً كما يحلو لهم أن يقولوا.

ما جرى أخيرا في النيجر والغابون من انقلابين عسكريين نجد أنهما تشابها في طبيعة الانقلابيين وهم الذين انقلبوا على رئيسين تم انتخابهما واستلامهما السلطة بعد عملية انتخابية لم تمكنهما من الجلوس على كرسي السلطة، والثانية أن الذين قاموا بالانقلاب يعتبرون من داخل القصر الرئاسي أي الحرس الجمهوري، لكن الاختلاف في طبيعة الانقلابين؛ ففي النيجر كان الانقلاب داخليا بين رجال أمريكا ولصالحها طبعا، لذلك نجد أنها معه وليست ضده وإن كانت مطالباتها بالعودة للديمقراطية والدستور، وخلال مدة قصيرة والضغط على دول الإيكواس بالجلوس للحوار مع الانقلابيين وعدم استخدام القوة، وهو ما لا تستطيعه هذه الدول للانقسام بينها في طريقة التعامل مع انقلاب النيجر، ثم للإجراءات التي اتخذها الانقلابيون حيث دفعوا الشارع للتحرك ومحاصرة القاعدة الفرنسية ووضعها تحت الحصار الشديد ومطالبة السفير الفرنسي والقوات الفرنسية بالرحيل، وما مماطلة فرنسا بالرحيل إلا أملا في أن تأتي فرصة سانحة تمكن من إلغاء الانقلاب أو التفاوض معه للمشاركة في كعكة النيجر، ولكن المؤشرات تدلل أن الانقلاب ماضٍ بكنس فرنسا نهائياً من النيجر، فقد ألغى الانقلابيون الاتفاقيات الموقعة من حكومات النيجر مع فرنسا. على خلاف انقلاب الغابون حيث لم تحرك دول الإيكواس ساكناً كما فعلت من التهديد بالتدخل العسكري وفرض العقوبات على دولة النيجر بل على العكس من ذلك فقد استقبل قائد الانقلاب في الغابون السفير الفرنسي ووعد كما وعد انقلابيو النيجر بالعودة للديمقراطية خلال فترة ليست بالطويلة، لذلك يلمح من هذا الانقلاب أنه عملٌ استباقي من فرنسا لانقلاب محتمل كما حصل في النيجر تكون هي الخاسر الأكبر.

إن الصراع الأمريكي الأوروبي على أفريقيا ستشتد وتيرته في قادم الأيام، فأمريكا تستغل الضعف والانقسام الأوروبي على زعامة أوروبا ما بين ألمانيا وفرنسا، ما يجعل عملية التغيير في القارة السمراء أسهل على أمريكا، ولِما للصورة القاتمة للاستعمار الفرنسي التي يتم ترسيخها وكشفها، ما يجعل الشعوب الأفريقية التواقة للتغيير والتخلص من هذا الكابوس الفرنسي الحلم الأفريقي.

ولكن التغيير الحقيقي المنشود ليس باستبدال قيادات باهتة عفا عليها الزمن والإتيان بقيادات لا تختلف عنها، وإنما بتسليم الأمور لقيادات حقيقية صاحبة مشروع الإسلام الخالد والهادف لإقامة الخلافة على منهاج النبوة إن أرادت هذه الشعوب العزة والكرامة وامتلاك إرادتها الحقيقية.

بقلم: الأستاذ سالم أبو سبيتان (أبو صهيب)

جريدة الراية: أمريكا وسياسة الإغراءات والضغوطات تجاه كيان يهود ح4


جريدة الراية: أمريكا وسياسة الإغراءات والضغوطات تجاه كيان يهود ح4

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

ذكرنا في الحلقة السابقة أن أمريكا تتعامل هذه الأيام مع قضية فلسطين بسياسة الإغراءات والضغوطات من أجل التهدئة أولا، ومن أجل تنفيذ بعض الأمور الاقتصادية كمقدمات للحلول مستقبلا عندما تتفرغ للملف الفلسطيني… ونكمل في هذه الحلقة ما تفعله أمريكا بمساعدة مصر وتركيا وقطر وبعض الدول الأخرى في المنطقة:

2- إشراك مصر والأردن والإمارات وقطر وتركيا وإيران في موضوع السيطرة على حركات المقاومة في غزة والضفة. وهذا الأمر ظاهر في عملية الاحتواء المدروسة؛ عن طريق الدعم المالي والسلاح من أجل السيطرة على القرار السياسي لهذه الحركات. وباتت كل الاجتماعات السياسية من مصالحات مع السلطة، أو أمور التهدئة مع كيان يهود، أو غير ذلك مما يطرح من أمور اقتصادية ومشاريع تتم عن طريق بوابات هذه الأنظمة. وقد طرحت في الآونة الأخيرة بعض المشاريع عن طريق هذه الدول مثل موضوع إنشاء ميناء ومطار داخل سيناء، ومثل إنشاء محطة كهربائية تعمل عن طريق الغاز بتمويل قطري في الأراضي المصرية على مقربة من قطاع غزة. وكذلك طرح موضوع تحلية مياه البحر الأبيض مقابل توريد المياه للأردن، وإنشاء محطة طاقة كهربائية في منطقة النقب تورد الكهرباء لكيان يهود والسلطة بتمويل قطري.

3- موضوع التطبيع مع السعودية، وهو من المواضيع التي تديرها أمريكا، مقابل بعض الشروط التي تشترطها على حكومة نتنياهو، ولم تلق حتى الآن قبولا من الأحزاب المتطرفة؛ لأن أحد شروطها هو عدم الاعتداء على مناطق سي في السلطة، وتجميد الاستيطان والتهدئة في مناطق السلطة. ومع أن نتنياهو موافق على ذلك، إلا أنه يواجه صعوبات كبيرة في إقناع الائتلاف بهذه الصفقة الكبيرة. فقد نقل الإعلام العبري عن وزير خارجية يهود، إيلي كوهين في 2023/8/22، قوله إن بلاده هي أقرب من أي وقت مضى لإنجاز اتفاق سلام مع السعودية. وأضاف كوهين “إن هناك فرصة حتى آذار/مارس المقبل لإتمام ذلك”، في وقت أشارت فيه وسائل إعلام عبرية، إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيرى مثل هذا الاتفاق في حالة تحققه، بمثابة إنجاز دبلوماسي، يرتكن إليه خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة. أما وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، فقال في تصريح بتاريخ 2021/4/2 إنه “لا يعرف ما إن كانت هناك صفقة تطبيع وشيكة بين بلاده و(إسرائيل)”. وأضاف في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية، أن تطبيع مكانة كيان يهود داخل منطقة الشرق الأوسط سيحقق فوائد هائلة للمنطقة كلها، وأنه سيكون مفيدا للغاية اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، على حد تعبيره.

4- المشاريع الاقتصادية للمنطقة ومنها زيادة الدعم الأمريكي لكيان يهود وتعزيز النظام الدفاعي العسكري. ونقصد بالمشاريع الاقتصادية ما تطرحه أمريكا من بعض المشاريع ضمن خطة التهدئة المطروحة حاليا لانشغالها بأمور كبيرة ومتشعبة عالميا ومحليا كما ذكرنا. ومن هذه المشاريع ما يتعلق بغزة والضفة من أجل إرساء الهدوء، وعدم اشتعال الأجواء بالفعل والفعل المضاد كما يصفه السياسيون. ومن هذه المشاريع كما أسلفنا مشروع تحلية مياه البحر مقابل إقامة محطات لتوليد الطاقة في الأردن، ومنها أيضا إنشاء محطة لتوليد الكهرباء تعمل على الغاز. وفي المقابل وعدت أمريكا كيان يهود بزيادة حجم المساعدات المالية والعسكرية، وتقوية النظام الدفاعي. فقد صرح السناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي غراهام في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية في 2021/6/2 “في كل مرة يحاول أحدهم تدمير (إسرائيل)، ردنا سيكون مساعدات أكثر، وهذا سيبدأ من تجديد مخزون القبة الحديدية. مليار دولار”. أما بايدن فكان قد تعهد مع دخول وقف إطلاق النار بين كيان يهود والفصائل الفلسطينية حيّز التنفيذ عام 2021 بالعمل على تجديد مخزون القبة الحديدية.

6- التعهد بموضوع إيران، والذي كما هو معروف تحت سيطرة أمريكا، توجهه لخدمة مشاريعها. وقد رأينا ذلك في عدة أمور منها احتلال العراق وأفغانستان وتثبيت النظام السوري. وكذلك توجه إيران في الملف الفلسطيني لخدمة سياسة أمريكا عن طريق المساعدات التي تقدمها للفصائل لاحتوائها، وعن طريق تهديد كيان يهود لجعله في دائرة أمريكا وتحت سيطرتها وبحاجة دائمة لها لحمايته، وغير ذلك من أمور عسكرية وسياسية في المنطقة. وأمريكا تعرض باستمرار على كيان يهود الحماية من خطر إيران وعدم الانزلاق في أي عمل عسكري غير محسوب العواقب وهذا من باب التهديد والاحتواء له. والحقيقة أن موضوع الملف النووي الإيراني هو موضوع سياسي أكثر منه حقيقي أو واقعي؛ وذلك من أجل احتواء الأنظمة الأخرى كدول الخليج والسعودية، وأيضا من أجل وضع كيان يهود في دوائر أمريكا السياسية، وعدم الخروج عليها. فقد وقع رئيس أمريكا بايدن ورئيس وزراء يهود في حينه (2022/7/14) على اتفاق مشترك، يتعهدان فيه بمنع إيران من حيازة سلاح نووي في اليوم الثاني من رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط، وفق مسؤول أمريكي. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، في وصفه للإعلان المشترك للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف، إن الاتفاق سيوسع العلاقة الأمنية طويلة الأمد بين أمريكا وكيان يهود.

7- عدم الوقوف في صف المعارضة في حال التزمت الحكومة بسياسات أمريكا تجاه قضية فلسطين. فالمعروف أن هناك اتصالات وتفاهمات بين بعض الشخصيات السياسية والعسكرية المحسوبة على أمريكا مثل جانتس ولابيد من الحكومة السابقة. وأن أمريكا تشجع موضوع الاحتجاجات على حكومة نتنياهو، وقد دعت أمريكا عدة مرات بطريقة غير مباشرة، إلى احترام المعارضة داخل كيان يهود وإلى عدم خرق الديمقراطية؛ عندما صوت الكنيست على قانون إلغاء سلطة المحكمة العليا وهو ما يسمى “حجة المعقولية” التي تمكن المحكمة من أن تقضي بعدم معقولية الإجراءات. وقال المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر في لقاء مع الجزيرة في 2023/3/30 “لدينا بعض المخاوف بشأن بعض التطورات الحاصلة في (إسرائيل)”. وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي “نحث القادة (الإسرائيليين) على التوصل إلى تسوية في أقرب وقت ممكن، وتعليقات الرئيس بأن على نتنياهو الابتعاد عن التعديلات القضائية تتوافق تماما مع إيجاد تسوية تحافظ على الضوابط والتوازنات في (إسرائيل)”. وكان بايدن قد رفض لقاء نتنياهو ودعوته لزيارة أمريكا على غرار ما هو معروف في السياسة الأمريكية حيث تتم دعوة رئيس وزراء يهود بعد نجاحه في الانتخابات، وهذا يدل على عدم رغبة الإدارة الأمريكية بسياسات هذه الحكومة. وفي حال خضعت حكومة يهود للإطار العام للسياسة الأمريكية تجاه قضية فلسطين فإن بايدن سيوقف دعمه للمعارضة لإسقاط الحكومة.

هذه بعض الاغراءات التي تعمل الإدارة الأمريكية لعرضها في موضوع قضية فلسطين؛ لإيجاد التهدئة وعدم الانزلاق نحو الأسوأ في التصعيد وامتداد الأمور إلى خارج دائرة فلسطين. ومع هذه العروض والإغراءات هناك أيضا ضغوطات تمارسها أمريكا على كيان يهود إما مباشرة أو عن طريق حكام الدول المحيطة أو القريبة من الكيان ومن هذه الضغوطات:

يتبع…

بقلم: الأستاذ حمد طبيب – بيت المقدس

جريدة الراية: متفرقات الراية – العدد 462


جريدة الراية: متفرقات الراية العدد 462

  12 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 27 أيلول/سبتمبر 2023مـ

إن مولد النبي ﷺ، فرصة لتجديد العهد معه ﷺ، فهو من علم الأمة الصدق وكانت في صحراء الكذب هائمة، وأرشدها إلى الحق وكانت في ظلمات الباطل عائمة، وقادها إلى النور وكانت في دياجير الزور قائمة، فهلا استفاقت الأمة من هذا السبات العميق وارتفعت عن حضيض الجهل السحيق؛ وذلك باتباعها طريقته ﷺ في تغيير واقع الكفر والشرك إلى واقع الإسلام، فإنه لا معنى للاحتفال بمولد النبيّ ﷺ دون العمل لإقامة الخلافة.

===

حكام تونس يفتحون أبوابها لأمريكا وحلفائها

قال بيان صحفي أصدره المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس، الجمعة 30 صفر 1445هـ، 2023/9/15م: لم تكتف السلطات التونسية بفتح أبواب وزارات السيادة لسفير أمريكا ليجوب البلاد طولا وعرضا ويجوس خلال الديار، بل ها هي تفتح الأبواب على مصاريعها أمام الأمين العام المساعد لمنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” المكلف بالشؤون السياسية وسياسة الأمن والمبعوث الخاص للأمين العام للمنظمة لجنوب القوقاز وآسيا الوسطى خافيير كولومينا، الذي أدى زيارة عمل إلى تونس في الفترة الممتدة بين 11 و2023/09/13، أكد خلالها أن تونس من أهم شركاء منظمة حلف شمال الأطلسي في منطقة جنوب المتوسط، باعتبار تعدد الأنشطة ومجالات التعاون، فضلا عن كونها حليفا أساسيا من خارج الحلف، حيث استقبله نبيل عمار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عشية الاثنين 2023/09/11، ثم عماد مميش وزير الدفاع الوطني يوم الثلاثاء 2023/09/12، وقد أكد كولومينا التزامه بمواصلة العمل للارتقاء بهذا التعاون المشترك ليبلغ أشواطاً متقدمة، تتجاوز التكوين والتدريب وتبادل الخبرات.

وتابع البيان: ولم يقف الأمر عند وزارتي الخارجية والدفاع، بل فتحت له أبواب قصر باردو يوم الثلاثاء 2023/09/12، ليلتقي وفدا من مجلس نواب الشعب على رأسه عادل ضياف رئيس لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح، وقد حضرت معه نائبة رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حلف شمال الأطلسي مريم بن حسين. وقد أفاد كولومينا خلال هذه الجلسة بأنّ قرار تجديد ودعم الشراكة مع تونس اتّخذ عام 2022، وبأن المفاوضات جارية لضبط إطار التعاون الذي يتضمّن عددا من الأهداف والمشاريع الجديدة المتناغمة مع أولويات المرحلة، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب ومواجهة الهجرة غير النظامية. فهل هذه أولويات الشعب التونسي أم أولويات الاستعمار ومنظماته؟!

وأضاف البيان الصحفي: وإننا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس، يهمنا أن نؤكد للرأي العام ما يلي:

1- إن هذه الزيارة هي خطوة في مسار استهداف منطقة شمال أفريقيا والساحل الأفريقي، وفق رؤية استعمارية أمريكية تحتكر صناعة الإرهاب تمهيدا لإزاحة النفوذ الفرنسي، فضلا عن ركوب موجة التصدي للهجرة وتسخير الناتو رسميا لهذه المهمة.

2- إن فتح الأبواب على مصاريعها أمام كافر حربي يحمل لواء حلف عدواني استعماري وإجرامي كحلف الناتو، هو جريمة موصوفة يتشارك فيها حكام تونس السابقون واللاحقون، وهي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. فهل ننتظر أن تدق أمريكا طبول الحرب حتى يستفيق أشباه الساسة والحكام على هذا الخطر الداهم؟! أم أنهم سيبتلعون الطعم بإدخال الناتو تحت غطاء التصدي للهجرة غير النظامية؟! قال تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾. وقال ﷺ: «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ».

3- إن التستر على مضمون الاتفاقية العسكرية التي سبق توقيعها مع أمريكا لمدة عشر سنوات، ثم التنسيق الأمني والعسكري المستمر مع أعداء الأمة، هو خيانة عظمى تنسف كل معاني السيادة والحفاظ على الأمن القومي.

4- إنه لا سبيل لتحقيق أمن البلاد وأمانها، إلا باستعادة سلطان الإسلام كاملا غير منقوص، عبر إقامة خلافة راشدة تجعل السيادة للشرع والسلطان للأمة وتقطع دابر الكافر المستعمر أيا كانت جهته، تحقيقا لوعد الله سبحانه وبشرى نبيه ﷺ.

===

خطاب عباس في نيويورك اجترار للتفريط وتسول وسخف سياسي

إن عرض قضية فلسطين على الأمم المتحدة الاستعمارية هو بحد ذاته خيانة وتفريط، فالأمم المتحدة هذه هي التي أقرت قيام كيان يهود على جماجم ودماء أهل فلسطين، وهي التي تضفي الشرعية على جرائمه، فهل يطلب من الشوك العنب؟! علاوة على كون اللجوء للأمم المتحدة هو لجوء للطاغوت وتحكيم له في قضية من خصوصيات المسلمين، مسرى نبيهم وأرضهم المباركة. ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾.

وعلاوة على ذلك كله، فإن تفاصيل خطاب عباس تقطر خيانة لله ولرسوله وللمسلمين وتفيض تسولا وسخفا وسذاجة سياسية، فحل الدولتين والاعتراف بشرعية المحتل على جل فلسطين هو خيانة، والمطالبة بالحماية الدولية هو استعانة بالكافرين واستجلاب احتلال دولي جديد، وتكرار الطلب بتطبيق القرارات الدولية الاستعمارية والتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية والتعلق بالسلام المزعوم وحل الدولتين الأمريكي رغم ما يقوم به كيان يهود من تغول وتوسع استيطاني واقتحامات يومية للأقصى وإراقة للدماء الزكية؛ هو سخف سياسي بل تآمر وتواطؤ.

إن هؤلاء الصليبيين الذين يتعلق عباس بحبالهم الواهية هم أنفسهم قد احتلوا فلسطين، وكان تحريرها بجيوش المسلمين التي اجتثتهم منها وطهرت مسرى النبي الكريم ﷺ من رجسهم، وكذلك اليوم لن تحرر فلسطين إلا كما حررت أول مرة، بجيش للمسلمين وبعين جالوت وحطين جديدة، وما سوى ذلك وهم وتضليل وإطالة من عمر الاحتلال.

===

تركيا ترحل مئات اللاجئين السوريين قسرياً والجندرما تعتدي عليهم بالضرب المبرح

رحلت السلطات التركية، الخميس الماضي، 700 لاجئ سوري ترحيلاً قسرياً من بينهم نساء وأطفال عبر معبري تل أبيض وباب الهوى شمالي سوريا. وقالت المصادر إن 220 لاجئاً تم تسليمهم من الجانب التركي لفصائل مسلحة بمعبر تل أبيض شمال الرقة، ونقلتهم إلى مراكز إيواء للتحقيق معهم. فيما سلمت هيئة تحرير الشام عبر معبر باب الهوى ما يقارب الـ480 لاجئاً من بينهم نساء وأطفال، وأضافت المصادر أن عملية الترحيل تمت بعد سحب السلطات التركية كافة الثبوتيات الشخصية للمرحلين، وأخذت بصمات أيديهم وأعينهم لضمان عدم رجوعهم إلى أراضيها. وأفادت مصادر من داخل معابر تل أبيض وباب الهوى وباب السلامة، أن عدد المرحلين السوريين قسرياً بلغ أكثر من 9700 مرحل منذ بداية الشهر الحالي. وفي السياق، اعتدى حرس الحدود التركية “الجندرما” بالضرب الوحشي بقضيب من الحديد على 6 شبان بعد محاولتهم عبور الجدار الحدودي عند أطراف بلدة الدرباسية بريف الحسكة الشمالي، ووفقاً للمعلومات فإن الجندرما جردتهم من ملابسهم، واعتدت عليهم بالضرب المبرح، ما أدى إلى إصابة أحد الشبان بنزيف داخلي، نتيجة طعنه بأداة حادة، بينما بقي ثلاثة آخرون ملقين قرب الجدار، حيث لم يتمكن أحد من سحبهم خوفاً من قنص الجندرما.

===

تواصل الحراك الثوري بريفي حلب وإدلب وتغول جديد لهيئة الجولاني على أهل الشام

أفادت نشرة أخبار الجمعة 2023/9/22م من إذاعة حزب التحرير/ ولاية سوريا؛ بأن الحراك الثوري بدأ أسبوعه بجمعة جديدة بعنوان (بركان الثورة الهادر يُسقط قادات المعابر)، وتواصلت الخميس المظاهرات والفعاليات الشعبية المستمرة للشهر الخامس على التوالي، ضمن الحراك الثوري اليومي في ريفي حلب وإدلب. وطالب المتظاهرون بإطلاق المعتقلين، واستعادة قرار الثورة، وفتح الجبهات، ورفض حلول أمريكا وقرار مجلس الأمن 2254، وشددوا على الثبات على الحراك وسلميته، حتى تحقيق كافة المطالب.

بالمقابل شنت هيئة تحرير الشام، الخميس، حملة اعتقالات في بلدة أريحا جنوب إدلب بتهمة التحريض ضدها وضد قائدها أبي محمد الجولاني. وقال مصدر، إن “وحدتين أمنيتين داهمتا عدة منازل في الأطراف الغربية والجنوبية من بلدة أريحا بريف إدلب، وتم خلالها اعتقال 12 شخصاً من بينهم 4 عناصر عسكريين سابقين بصفوفها”. وأضاف أن الحملة استمرت لمدة ساعتين حيث تم نقل المعتقلين إلى فرع الـ107 في مدينة إدلب للتحقيق معهم، ليرتفع عدد المعتقلين من بلدة أريحا هذا الشهر على يد الهيئة إلى 41 معتقلاً من بينهم امرأتان.

===

النظام التونسي يعتقل الأستاذ خالد اللومي أحد شباب حزب التحرير

قامت فرقة الأبحاث والتفتيش بصفاقس، يوم الأربعاء 2023/09/20، باعتقال أحد شباب حزب التحرير وهو الأخ خالد اللومي، حيث تسلم استدعاء من طرف الفرقة المذكورة، ثم منع أعوان الفرقة محاميه من الحضور معه، بتعلة أن عملهم مع الأستاذ خالد هو محضر إرشادات فحسب، وحيث استمر التحقيق معه من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الخامسة مساء، ولما طلب محاميه الاستفسار عن ذلك أجابه أعوان الفرقة أنهم سيبحثون معه محضرا جديدا والتهمة “شبهة إرهابية” وأنهم سيحتفظون به لمدة لا تقل عن 48 ساعة.

وبناء عليه، أعلن المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس ما يلي:

ـ نذكّر أنّ الأخ خالد اللومي هو رجل معروف في منطقته ولدى الجهات الأمنية من كونه يعمل مع حزب التحرير وهو أحد أعضائه. فما هو الهدف من وضعه ظلما وبهتانا تحت “شبهة الإرهاب”؟ مع العلم أن الرجل تجاوز الستين سنة، وهو مريض بالقلب، وأجرى عدة عمليات جراحية؟ فإن لم يكن هذا اعتقالا سياسيا فماذا يكون؟!

ـ إن تلفيق التهم لشباب حزب التحرير والاعتقالات المتكررة لهم، موجهة توجيها سياسيا مفضوحا لتخويف عامة الناس من الحزب سعيا لعزله ولمنع أهل تونس من التصدي للاستعمار وأذنابه، ولمنعهم من العمل لعودة الحياة وفق أحكام الإسلام.

إننا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية تونس نطالب بإطلاق سراح الأخ خالد اللومي فورا، ووضع حد لنزيف الاعتقالات السياسيّة لشباب الحزب ليواصلوا أعمالهم لصالح الإسلام والمسلمين في العالم بأسره، بما فيه تونس. فقد واجهوا من قبلُ نظامي بورقيبة وبن علي ولم تفت في عضدهم الاعتقالات ولا السجون، وهم اليوم أشد عزما وحزما على إسقاط الهيمنة الغربية ومنظومتها التشريعية وأدواتها المحلية وإقامة حكم راشد على أساس الإسلام، ولن يؤثر في عزيمتهم تحريض المغرضين ولا سجون الظالمين.

===

منع النقاب في مدارس مصر اتباع للجبت والطاغوت

صدر قرار من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر، بخصوص الزي المدرسي الموحد جاء فيه منعُ غطاء الوجه، تزامناً مع بدء العام الدراسي في نهاية أيلول/سبتمبر الجاري. وتم توزيع الكتاب من الوزارة على مديريات التربية في جميع المحافظات. تضمن الكتاب السماح بغطاء الرأس بكافة أشكاله، حيث ورد فيه “ارتداء غطاء الرأس للطالبات اختياري، بشرط ألا يحجب الوجه، ولا يعتد بأي نماذج أو رسوم توضيحية تعبر عن غطاء الشعر، بما يخالف ذلك”.

وقد تساءل بيان صحفي للقسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير متعجبا: هل يغيظ النقاب والمنقبات المسؤولين في الوزارة ليحظروه؟! أم أنها خطوة ضمن سياسة تشريعية تستهدف دين الله في نفوس أهل مصر؟! وخدمة لأجندات النسويات وتماشيا مع الرؤية الجديدة للأمم المتحدة التي تشرعن للفجور والانفلات وتريد فرض بنود اتفاقيات سيداو وبيجين في مصر بكل وسيلة ممكنة؟!

وأضاف البيان: إن أهل مصر جزء من أمة الخير، وهم رغم الكيد والمكر الذي يُمكر لدين الله في بلادهم لا زالوا متمسكين به، وثابتين على شعائره، وكل هذه الضربات الموجعة دلالة على أن العقيدة في نفوسهم حيّة والإيمان في قلوبهم صلب، وهم كسائر هذا الجسد متشوقون ليوم يعز الله فيه أهل طاعته ويذل أهل معصيته.

===

دور المرأة أعظم بكثير من القتال في حرب عبثية!

بثت قناة الجزيرة في 20 أيلول/سبتمبر 2023م، مشاهد من تخريج الدفعة الأولى من النساء السودانيات المستنفرات بمحلية مروي بالولاية الشمالية، استجابة لدعوة القائد العام للقوات المسلحة، الفريق البرهان باستنفار الشعب للقتال بجانب الجيش.

من جانبها قالت الناطقة الرسمية لحزب التحرير في ولاية السودان عبر بيان صحفي: أيتها المستنفرات للانضمام للحرب التي أعلن قائد الجيش السوداني من أول يوم أنها عبثية، هل مشاركتكن في هذه الحرب ستحدث أثرا عجز عن إحداثه الرجال الأقوياء الأشداء، الذين من خِلقتهم حمل الدروع، وركوب المدرعات، ومجابهة كل المخاطر؟! وهل مشاركتكن في حرب يقتل فيها المسلم أخاه المسلم لها مسوغ شرعي ينجيكن من حساب الله تعالى القائل: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾؟!

وأضافت: إنها مؤامرة لتجييش أهل السودان للاقتتال لأجل كراسي حكم معوجة القوائم، ولإكمال مخطط تفتيت ما تبقى من السودان، ولا شك أن الجيش لا يحتاج إلى استنفار، بل يحتاج إلى دولة تمتلك قرارها السياسي لإنهاء الحرب. لذلك فإن الاستنفار ليس عملاً عسكرياً بل هو عمل سياسي يراد له اصطفاف أهل السودان خلف البرهان لإكسابه قوة الدفع اللازمة لتنفيذ مخطط سيدته أمريكا في بلادنا…

وتابعت: إن الدور الواجب على المرأة التلبس به هو حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية ونموذجه المشرق هو الصحابيات اللاتي كن من أعظم الأسباب في تبوّؤ هذه الأمة مكانتها، وإن دورهن وكفاحهن ونضالهن السياسي، كان نموذجه أم عمارة وأم منيع في بيعة العقبة، وفي الحروب، رفيدة الأسلمية ومجموعة من المتطوعات، يذهبن إلى الرسول ﷺ، يطلبن الإذن بالمشاركة لعلاج الجرحى، وفي الاستشارات السياسية أم المؤمنين أم سلمة، وغيرهن كثيرات في مجالات غير خوض القتال.

ثم ختمت الناطقة الرسمية لحزب التحرير في ولاية السودان بيانها الصحفي بقولها: ولكي تتسنم المرأة مركزها في المجتمع، ودورها في الحياة، فإنما يكون ذلك بعودة سيرتهن الأولى مسلمات، واعيات، ملتزمات بأحكام الشرع الحنيف، لا ينخدعن بالشعارات ولا المؤامرات التي توهن الأمة وتمزقها إربا، بل يعملن من أجل التغيير حتى يمن الله علينا بالنصر والتمكين في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

===

المصدر: جريدة الراية

جريدة الراية: أمريكا ونقرها المتواصل المستمر لجدار النظام المخزني بالمغرب!


جريدة الراية: أمريكا ونقرها المتواصل المستمر لجدار النظام المخزني بالمغرب!

5 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 20 أيلول/سبتمبر 2023مـ

تناقلت الأخبار وصول مدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية من طراز بول إغناتيوس إلى أكادير جنوب المغرب في 26 آب/أغسطس 2023 من أجل مناورة بحرية مشتركة بين المغرب وأمريكا، لتنفيذ جزء من فعاليات “اللقاء الأطلسي 23-1″ وهي مناورة بحرية ثنائية بين القوات البحرية الأمريكية والمغربية، والهدف المعلن هو تقوية وتعزيز الجاهزية القتالية للقوات المشتركة في العمليات البحرية والأمنية حسب ما أكدته السفارة الأمريكية بالرباط”. (هيسبريس 28 آب/أغسطس 2023).

إن الحقيقة السياسية أنها ليست مناورات عسكرية ولكنها اختراقات للنواة الصلبة لأنظمة الإقليم ولجيوش المنطقة وعساكرها ودوائرها الأمنية الضيقة واستقطاب لقادتها، والمغرب ليس استثناء.

لقد كان انهيار الاتحاد السوفيتي لحظة مفصلية في تاريخ الاستعمار الأمريكي وظرفا استثنائيا ليبلغ أقصى تغوله وتوحشه، فقد اتخذت أمريكا بعدها من الحرب على الإسلام فرصتها الاستراتيجية لاختراق مجال النفوذ الاستعماري الأوروبي، فجعلتها حربا دولية لينخرط فيها الكل وتفتح فيها مصارع الدول وترفع الستائر وتباشر أمريكا الاختراق والاتصال والاحتكاك المباشر بقادة الجيوش وضباط الاستخبارات والأمن بالدول الدائرة في فلك الاستعمار الأوروبي القديم لقلب الطاولة عليه وكنسه من الساحة الاستعمارية.

وقد تزايد الاهتمام الأمريكي بالمغرب لموقعه الاستراتيجي فهو بوابة أفريقيا والمنفذ الخطير لأوروبا، فعبره عبرت جيوش الفتح الإسلامي، والتاريخ يعتبر عينا استراتيجية في رسم السياسات، والمستجد اليوم أن نظامه صار يدا جديدة لبريطانيا رأس الاستعمار الأوروبي القديم في أفريقيا التي تسعى أمريكا لشلها طمعا في قطعها، وقد فَعَّلت أمريكا أدواتها العسكرية والأمنية لتسريع اختراقها واقتحامها للنواة الصلبة للنظام بالمغرب ولجغرافية البلد، فقامت بتشكيل لجنة عسكرية مشتركة بين البلدين وهي أول هيئة من هذا النوع بينهما، وبحسب نائب كاتب الدولة في الدفاع للشؤون الأمنية بيتر رودمان في تصريح صحفي بالرباط في 28 كانون الثاني/يناير 2003، “إن الولايات المتحدة الأمريكية قررت تقوية تعاونها الاستراتيجي العسكري والأمني مع المغرب”، ثم توالت زيارات المسئولين العسكريين والأمنيين للمغرب، أعقبتها تدريبات ومناورات مشتركة وتبادل الزيارات العسكرية والأمنية.

فعطفا على استعمال أمريكا لثالوثها الاستعماري المتمثل في وزارة خارجيتها ووزارة دفاعها البنتاغون ووكالة استخباراتها سي آي إيه في تحقيق أهدافها الاستعمارية، فهناك ذراعها العسكرية الدولية حلف الأطلسي وتوظيفه في اختراق واقتحام الإقليم، فقد تم تصنيف المغرب كحليف استراتيجي من خارج الحلف، الأمر الذي مكن قادة الحلف الأمريكيين من الاتصال المباشر بالقادة العسكريين والأمنيين بالمغرب، ولقد كان ملف الإرهاب قنطرتها لاختراق جدار المغرب بعد أن دفعت بالنظام المغربي للانخراط كلية في حربها ضد الإسلام، ثم تلاها اعتراف إدارة ترامب بمغربية الصحراء فأصبحت معه الطريق سالكة لتكثف أمريكا اتصالاتها المباشرة بالقادة العسكريين والأمنيين ببلاد المغرب، وإدارة بايدن اليوم تستثمر اعتراف ترامب وإن كانت لا تقره في تثبيت وتركيز أعمدة اقتحامها واختراقها، والمغرب يشارك سنويا في أكثر من 100 عملية عسكرية أمريكية، بما في ذلك مناورات الأسد الأفريقي، حسب ما سبق أن صرح به مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، خلال زيارته للرباط في تشرين الأول/أكتوبر 2020 لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني من أجل زيادة توطيد الشراكة الاستراتيجية الأمريكية المغربية.

وقد تناسلت الاتفاقيات الأمنية والمناورات العسكرية ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، فقد تم توقيع اتفاق أمني عسكري لعشر سنوات (2020-2030) حمل اسم “خارطة الطريق للتعاون في مجال الدفاع” وصف بالتاريخي ما يفسر مستوى خطورته الاستراتيجية على الإقليم بل أفريقيا كلها، واعتبره البنتاغون “تجديد التحالف بين البلدين كحجر الزاوية للسلام بأفريقيا”، والسلام الأمريكي يعني الاستعمار وتعبيد الطريق له. ثم أعقبتها المناورات العسكرية الميدانية على أرض المغرب وعلى رأسها مناورات الأسد الأفريقي التي تعد أكبر وأضخم تدريبات عسكرية بأفريقيا، ثم فتح باب التجسس على المنطقة وأهلها تحت ما سمي بالتعاون الاستخباراتي، وكان اجتماع السفير الأمريكي بالمدير العام للأمن ومراقبة التراب المغربي، ثم هذه المناورة البحرية الأخيرة. كل هذه المناورات والاتفاقات العسكرية وذلك التعاون الأمني المزعوم، عمليات نقرٍ في جدار النواة الصلبة لنظام المخزن بالمغرب العسكري منه والأمني لإحداث ثقب فيه لخرقه، ثم هدمه فردمه.

وفي سياق الاقتحام الأمني لجغرافية البلد تطرق العدد الجديد من مجلة الجيش الإسباني صيف 2023، لتفاصيل نظام سرب المراقبة الجوية الجديد بمدينة قاديس جنوب إسبانيا، وخاصيات نظام الدفاع الجوي الجديد أوردها تقرير بالمجلة العسكرية الإسبانية تحت عنوان “مراقبو السماء الجنوبية”، مبرزا أن النظام يستطيع مراقبة المجال الجوي لجبل طارق وشمال المغرب وذلك بسرعة ودقة، واللافت في الأمر هو وجود قاعدة روطا الأمريكية في عين المكان في إقليم قاديس جنوب إسبانيا، أي أن شمال المغرب وحركة ملاحته واتصالاته أصبح مكشوفا لأمريكا.

إن اتفاقيات أمريكا العسكرية والأمنية ومناوراتها العسكرية كمناورات الأسد الأفريقي متعددة الأطراف أو مناورة اللقاء الأطلسي البحرية الثنائية هي مناورات لاختراق واقتحام جدار الجغرافية الغربية لبلاد المسلمين وساحلها الصحراوي والبلاد الإسلامية المجاورة، وهو تدريب عملي واستئناس ميداني بجغرافية المنطقة من عساكر المستعمر الأمريكي، ثم أقبح منها هو اختراق لعساكر المسلمين وحرف بوصلة ولائهم وتوظيفهم في استراتيجية أمريكا الاستعمارية وصناعة العملاء المرشحين لاستلام الوظيفة الاستعمارية، ثم هي الأسلوب الاستعماري الأمريكي في قلب الطاولة على المستعمر الأوروبي القديم وسلب نهبه.

فما حلت أمريكا بأرض واستباحتها إلا بعد اختراق عساكرها، والتاريخ شاهد؛ فعساكر المكسيك وتشيلي والأرجنتين ضالعة في تحويل أمريكا اللاتينية إلى حديقة خلفية لأمريكا، وعساكر مصر وسوريا وإيران والعراق والسودان وباكستان هي التي مكنت أمريكا من التغلغل في هذه البلاد من بلاد المسلمين وإرساء أنظمة العمالة فيها خدمة لأمريكا. كما أن المحاولتين الانقلابيتين بالمغرب في سبعينات القرن الماضي كانتا بعد اختراق أمريكي للجيش بالمغرب ولكن ذاكرة هذه الأنظمة الخربة خراب!

هو الاستعمار وتكالبه وتطاحنه على بلاد المسلمين، وما كان لهذا الوضع الاستعماري المتعفن ليكون، ومعه استباحة بيضة المسلمين واستعمار بلادهم وتسخير جيوشهم لخدمة العدو الكافر المستعمر لولا فقد الدرع والحامي والجنة والواقي، خليفة المسلمين الذاب عن حياض هذا الدين والحامي لبيضة المسلمين والقاهر لعدوهم.

فيا جيوش المسلمين: أنتم والله قنطرة الاستعمار متى تنكبتم صراط ربكم المستقيم وخنعتم للعملاء الضالين المضلين، وخنتم الله ورسوله في حماية بيضة الإسلام والذود عن حياضه وعياله، وأنتم والله مدفع التحرير وباب الخلاص من الاستعمار اللعين متى استقمتم على أمر ربكم وحفظتم أمانة حراسة هذا الدين وإعلاء كلمته ونصرة أهله.

يا جيوش المسلمين: أما آن لقلوبكم أن تخشع ولعقولكم أن تعي فتصدقوا مع الله بالاستمساك والاعتصام بحبله المتين ونصرة دينه العظيم، وقطع كل خيوط الاستعمار الغربي اللعين عن بلاد المسلمين ورفع الغطاء عن عملائه المنبوذين، والاستجابة لاستنصار الأتقياء الأنقياء الواعين المخلصين أصحاب مشروع الإسلام العظيم؟!

إلى أبناء هذه الأمة من ضباط جيوشها وسلك شرطتها، أهل قوتنا ومنعتنا، أما آن لهذه العقول أن تسمع نداءنا ولهذه القلوب أن تخشع لجبار السماوات والأرض فتنصر دينه وتعلي كلمته؟!

بقلم: الأستاذ مناجي محمد