جريدة الراية: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى


جريدة الراية: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

هؤلاء هم يهود منذ بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ثم خيبر؛ مردوا على الغش والخداع والفسق والفجور والجبن والذلة، وصدق الله ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾، وقد قطعوا حبل الله ولم يبق لهم إلا الناس من دول الكفر وأهل النفاق، وخونة الحكام في بلاد المسلمين!

إن شباباً أفراداً يقتحمون حصون يهود على دراجات نارية بل وعلى أرجلهم فيستولون على مدرعات يهود ويقتلونهم ويأسرونهم في الوقت الذي فيه أولئك مدججون بالسلاح والمدرعات، وهؤلاء أفراد بأسلحتهم الفردية، وبقلوبهم وعقولهم يضربون منهم كل بنان! لا يخشونهم بل يكبرون ولا يفترون، وهم إلى نصر في الدنيا يتطلعون، وفي الآخرة إلى روضة جنات فيها يحبرون.. فهنيئاً لهم في الدارين نصر من الله وفتح قريب ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

أما الذي يدمي القلب فالحكام الرويبضات في بلاد المسلمين، وخاصة الذين حول فلسطين، فكأنهم لا يرون ولا يسمعون ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾، إنهم حولهم لا يكادون يبصرونهم كأن الأرض المباركة لا تعنيهم بل هم كأنهم طرف محايد يرقبون ما يحدث، وكأنه في بلاد الواق واق، وليس في ثالث المسجدين وأولى القبلتين! ألا ساء ما يحكمون.

فكيف لو هؤلاء الحكام اقتحموا حدودهم مع فلسطين ونصروا إخوانهم الذين يقاتلون بأجسادهم وبسلاحهم الذي لا يصل إلى جزء من جزء من أسلحة عدوهم؟! كيف تطيق الجيوش المسلمة أن تبقى صامتة ساكنة وهم يشهدون القتال في فلسطين ومع أهل فلسطين؟! كيف يمتنعون عن نصرة أهل فلسطين، الأرض المباركة، مسرى الرسول ﷺ ومعراجه؟! ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوله﴾. كيف يمتثلون لأمر أولئك الحكام الخونة العملاء؟! فهل تنفعهم طاعة سادتهم في الذل والهوان أمام من ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، الذين احتلوا فلسطين الأرض المباركة بمساعدة من هؤلاء الحكام العملاء؟! ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً﴾.

إننا ندرك أن ترك أهل فلسطين يقاتلون وحدهم يهود دون أن تصحبهم بل تتقدمهم جيوش المسلمين فإن النصر الذي نريد بتحرير فلسطين من رجس يهود وإزالة كيانهم، هذا النصر لن يتحقق إلا بأن تحطمنهم جيوش المسلمين، تقودهم دولة مخلصة فتحقق الفتح المبين.

ومع كل هذا وذاك فإن هؤلاء الرويبضات سيزولون ودولة الإسلام، الخلافة الراشدة، عائدة بإذن الله، وقتال يهود وإزالة احتلالهم كائن بإذن الله، فقد قال الصادق المصدوق ﷺ في مسند أحمد عن حذيفة: «…ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» وكذلك أخرج البخاري عن عبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» وأيضاً أخرجه مسلم بلفظ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ» ومن ثَم تشرق الأرض بنصر الله القوي العزيز الحكيم.

إننا نسأل الله لشهداء فلسطين جنات الفردوس الأعلى وللجرحى والمصابين شفاء تاماً لا يترك سقما.. كما نسأله سبحانه أن لا ينجح حكام المسلمين العملاء وأتباعهم من الجماعات الضالة، لا ينجح كل هؤلاء في حرف نتائج القتال من نصر إلى هزيمة، ومن تحطيم كيان يهود إلى تثبيت أقدامه، ومن فتح مبين إلى انحراف نحو الشمال واليمين! بل يتحقق قوله تعالى عن يهود: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾.

في الثالث والعشرين من ربيع أول 1445هـ           2023/10/8م                                       حزب التحرير

جريدة الراية: زوال كيان يهود قرار عسكري يعطله الحكام


جريدة الراية: زوال كيان يهود قرار عسكري يعطله الحكام

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

لم تترك عملية “طوفان الأقصى” يوم السبت في جنوب الأرض المباركة مجالا للشك بأن بقاء فلسطين إلى الآن محتلة هو قرار سياسي فقط، بالحفاظ على كيان يهود، وبقرار من الأنظمة بعدم التحرك لانعدام الإرادة والضلوع في العمالة، تلك الأنظمة التي طالما كانت تغذي وتبرر قرارها بوهم كبير في ضعف الأمة وقوة عدوها، مع أنه ليس في الأمة ضعف إلا وجودهم وليس في العدو الضعيف الواهن الجبان قوة إلا من وجودهم.

أما ما يتعلق بحقيقة هذا الكيان الجبان فيكفي منه صورة أحداث يوم السبت؛ فشل استخباراتي وأمني لمن تم تصويرهم أنهم من أقوى أجهزة المخابرات عالميا، وأنهم الجيش الذي لا يغلب، وقد دخل المجاهدون المستوطنات وكأنه لا جيش فيها، فكانت أسلحتهم صماء ودباباتهم خرساء، ليتأكد المؤكد من أن هذا الكيان ساقط أمنيا وعسكريا ومعنويا، لا عمق فيه لمن يعرفون الحروب، ولا يملك إلا قوة نارية قابلة للنفاد، وقد طلب نتنياهو السبت تمويلا من بايدن لقبته الحديدية التي فرغت دون جدوى، فحروبهم تغذيها التكنولوجيا والمال ولكن دون رغبة حقيقية في القتال ولا عقيدة شجاعة، وخسائرهم البشرية لا يطيقونها، ومعنوياتهم في الحضيض، ولأنهم ليسوا أهل الأرض، فإنه ما لم تتوفر لهم فيها حياة أكثر رفاهية من بلدانهم الأصلية فإنهم لن يبقوا فيها، فهم أحرص الناس على حياة، ولذلك فإن الهروب هو ديدنهم عند كل حدث، بل إن اضطراب هذا الكيان وسهولة انتهائه عند المعركة الكبرى سيفاجئ الكثيرين، وستصيب الكثيرين الدهشة وربما الندم لطول المعاناة مع سهولة زوال هذا الكيان.

وأما قوة الأمة، فإنه لا يلزم الكثير للحديث عنها، بل يختزله ما قام به بضع مئات بالأمس، يقال ألفاً، وإن كانت بعض التقارير قد ذكرت أن عدد المقتحمين ما يقارب 250 مجاهداً، ولكنهم أبدعوا في الوسائل بما طالته أيديهم، وتفوقوا بالعقيدة والشجاعة، فاستطاعوا أن يبهتوا جيش العدو الذي لا يقهر، وأن يربكوه إلى درجة الشلل لساعات عدة، فكيف والأمة هائلة العدة والعدد، والمال والرجال، تحيط بكيان يهود من كل جانب، في جوفه أهل فلسطين، وفيها جيوش تنتظر أن تتحرك وأسود تتربص، وملايين من الناس قابلون للغليان بل سريعة الغليان؟!

إن الهزائم لهذا الكيان ليست جديدة، فهي تتكرر عند كل مواجهة ولو صغيرة أو جزئية مع المسلمين ولكنها تكفي للحكم عليه وعلى قدرته على البقاء، وقابليته لسرعة التفكك، فهو ليس إلا جموع أشتات تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.

وبالمقابل فإن وقائع البطولة في الأمة كثيرة، حتى ولو كانت جزئية أو تقوم بالمعركة فيها فئة، ولكنها عظيمة في أدائها؛ لقد حارب الأفغان دولا عظمى وأجبروها على الرحيل، ومرغت المقاومة العراقية أنف الاحتلال الأمريكي، ولقد لبث إقليم قرا باغ أكثر من ثلاثين سنة تحت الاحتلال الأرمني ليحرره الأذريون في بضع ساعات، وفي تشرين الأول/أكتوبر من عام 1973 كما في تشرين الأول/أكتوبر يوم السبت من عام 2023 فاجأ الأبطال كيان يهود بمفاجآت أصابته بالذهول والصعقة، ما يدل دلالة واضحة على أن الأمة إذا خاضت معركة فإن أداءها مبهر، يخرق المعايير ويفوق الحسابات، ويتجاوز الحدود إلا بما كانت تحده به أنظمة التآمر.

ولم تكن المشكلة يوما في قوتنا وقوتهم، بل إن معيار القياس مختل، فقوتهم هي وهمٌ حرصت على وجوده الأنظمة العميلة، وضعفنا هو وهمٌ وكذب حرصت عليه الأنظمة العميلة أيضا، كما أنها حرصت على وضع المقارنة بين أهل فلسطين العزل من السلاح وبين جيش كيان يهود، وأخرجوا الأمة وجيوشها وقواها من تلك الحسابات بل ومن التصورات أيضا، وبالتالي سحبوا من المعركة أقوى أسلحتها وأكبر أدواتها.

إن من أخطر ما يرعب الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين، هو تلك الأحداث والمواقف البطولية المزلزلة، التي تعيد الحيوية في الأمة فتتحرك فيها مشاعر العزة والوحدة، والأمل بقرب التحرير، مع ما يرافق كل ذلك من إدراك عند الناس بأن حكامهم هم العائق الأكبر، وبالتالي فإن الأنظمة لا ترى في تلك الأحداث إلا تصدعاً واهتزازاً لكياناتها تماما كما يتصدع بها كيان يهود، فتراهم في كل مرة يحاولون الالتفاف على تلك الحالات ليسوقوها إلى دهاليز السياسات ويحيطوها بالمؤامرات، وليحشروا نتائجها بمطالبات رخيصة، وتأطير ضمن الخطط الجاهزة والمشاريع الدولية، ليحيلوا كل نصر إلى هزيمة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وليقطعوا الطريق على أي محاولة لقطف الثمار.

إن تحرير الأرض المباركة متاح، بل هو سهل قريب، بمعية الله وعونه ونصره القريب، ولكنه بحاجة لإعادة ضبط الأمة لمفاهيمها، بنبذ الوطنية والقطرية وإزالة الحدود والأسلاك من الأذهان لتزول تلقائيا من الأرض، وإدراكها بأن أدواتها في التحرير هي قواها وجيوشها التي أقصيت من المعركة ولم تدخل بعد، وقد آن لها أن تدخل، ونقول معركة لا حرب لأن حد هذا الكيان المسخ هو معركة كبيرة لا أكثر، فهو لا يملك بقاءه بقواه الذاتية، بل بحبل من التخاذل يمده به الحكام، وهو كيان جبان، لا يقوى على أي خسارة بشرية، إذ إن كل خسارة بشرية يشرد بها من خلفها ومن خلفهم.

ولذلك فإن واجب الأمة أن تحتضن طلائعها الشجاعة وقواها المجاهدة، وأن تمد أبطالها بميمنة من الجيوش وميسرة، وأن تتحرك لتراكم على بطولات أبنائها بطولات جديدة، ونخص بالذكر أهل القوة والمنعة فيها، الذين آن لهم أن يفكوا القيد ويكسروا الأغلال، فيرى الله منهم ما يرضيه عنهم، وليشهد الناس يوم الهروب الكبير، ليس هروب الجبناء في كيان يهود فحسب، بل وهروب أوليائهم من الحكام الجبناء والأنظمة العميلة كذلك، ويشهدون يوم النصر الكبير، وصلاة في المسجد الأقصى المحرر، وما ذلك على الله بعزيز ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.

 بقلم: الأستاذ يوسف أبو زر

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)

جريدة الراية: وهم الدولة الوطنية في تونس


جريدة الراية: وهم الدولة الوطنية في تونس

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد مساء الاثنين 2023/10/02 رفضه المساعدة المالية التي قرر الاتحاد الأوروبي منحها لبلاده في إطار اتفاق لمكافحة الهجرة غير النظامية، معتبرا أن هذه الأموال “الزهيدة” تكاد تكون “صدقة” وتتعارض مع الاتفاق الذي أبرمه الطرفان في تموز/يوليو الماضي.

وقال سعيد إن “تونس التي تقبل التعاون لا تقبل ما يشبه المنّة أو الصدقة، فبلادنا وشعبنا لا يريد التعاطف، بل لا يقبله إذا كان بدون احترام”، وأضاف – حسب ما نقلت عنه الرئاسة في بيان – أنه بناء على ذلك فإن “تونس ترفض ما تم الإعلان عنه في الأيام القليلة الماضية من قبل الاتحاد الأوروبي”.

ما انفك قيس سعيّد منذ توليه الرئاسة وخاصة بعد 25 تموز/يوليو يرفع شعار السيادة الوطنية ويزعم أنه لن يتخلى عنها وأنّه يرفض التدخل الأجنبي في تونس. ولكن هل هو جاد في تصريحاته هذه أم أنها للاستهلاك المحلي؟ وهل نحن أمام خطاب سياسي جديد مبني على تفكير سياسي بدأ يتغير في تونس؟ وهل نحن فعلا أمام مدافع عن السيادة والاستقلال؟ هل نحن فعلا أمام رئيس يخوض حرب تحرير تونس فيسعى إلى قطع أيادي التدخل الأجنبي منها؟

أنصاره يقولون: “تطلبون الدليل؟ هاكم الدليل؛ ها هو الرئيس يرفض مساعدات الاتحاد الأوروبي ويقول لا حيث لم يجرؤ قبله أي رئيس أن يقول للأوروبيين لا”!

نقول إن لكل قول حقيقة، وكلام الرئيس عن السيادة الوطنية والمحافظة عليها وقطع أيادي التدخل الخارجي، هل تصدقه الوقائع؟

بعد إعلان الرئيس قيس سعيد هذا بيوم واحد انتشر خبر تداولته أغلب وسائل الإعلام في تونس تحت عنوان “الولايات المتّحدة تعلن عن تمويل جديد لدعم تونس في تقديم المساعدة الطارئة للمهاجرين”،

أما محتوى الخبر فنشرته صفحة السفارة الأمريكيّة على الإنترنت، ومما جاء فيه:

“في بيان صحفيّ مشترك صادر في تونس، يوم 3 أكتوبر 2023 أعلنت القائمة بأعمال السفارة الأمريكيّة في تونس ناتاشا فرانشيسكي، ورئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في تونس عزوز السامري، والنائبة الأولى للأمين المساعد لمكتب السكان واللاجئين والهجرة مارتا يوث، عن تخصيص مبلغ 4.45 مليون دولار في إطار دعم حكومي أمريكي جديد. وسيوفر هذا التمويل الجديد المساعدة والخدمات الإنسانية للمهاجرين في وضع هش في تونس، وسيدعم جهود الحكومة التونسية في توفير الإغاثة للمهاجرين وطالبي اللجوء”.

وفي سياق هذا البيان المشترك تقول مارتا يوث النائبة الأولى للأمين المساعد لمكتب السكان واللاجئين والهجرة، المشاركة في الاجتماع إنّ التمويل الجديد “… يستجيب لتحديات المرحلة الحالية في ظل التّطوّرات الأخيرة. ويأتي بالإضافة إلى الدعم طويل الأمد الذي قدمته الولايات المتحدة إلى تونس: قوارب ووفرت دورات تدريبية للحرس الوطني التونسي للمساعدة في ضمان تأمين عمليات الاعتراض البحري بشكل أكبر… وقد ساهمت البرامج التي ترعاها الحكومة الأمريكيّة وبالشراكة مع الحكومة التونسية والقطاع الخاص والمجتمع المدني في بعث أكثر من 49 ألف شركة صغيرة وتوفير أكثر من 56 ألف فرصة عمل جديدة وزيادة المبيعات بأكثر من 610 ملايين دولار في مختلف أنحاء البلاد”. اهـ

والسؤال هنا: ألا يُعتَبَرُ هذا تدخلا خارجيا على تراب تونس “الوطني”؟ ثمّ ما هذا التمويل ولمصلحة من ولماذا يقبل به الرئيس؟ وما شأن الحكومة الأمريكية وبعث المشاريع في تونس (49 ألف شركة) ساهمت فيها الحكومة الأمريكية لماذا؟ ومن سمح لها بذلك؟ أم أن الأمر كان سريا فلم يسمع به الرئيس سعيّد قائد “حرب التحرير الوطني”؟

السيادة الوطنية التي يزعم الرئيس رفع رايتها تقتضي قطع أسباب الهيمنة على تونس، وأسباب الهيمنة لا تأتي إلّا من طريق المساعدات المسمومة التي تقدمها أمريكا والاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لم يرد الرئيس الحالي ولا الرؤساء السابقون أية مساعدة، وسمحوا بذلك بتدخل أجنبي سافر في البلاد؛ فتلك المساعدات التي تزعم أمريكا أنها قدمتها لتونس ومكنتها من بعث 49 ألف شركة صغيرة، بما يعني أنها سمحت باختراق أمريكي في كامل البلاد، ومن جراء ذلك تتواتر الأخبار يوميا عن زيارات السفير الأمريكي لمدن تونس وقراها شمالا وجنوبا بذريعة متابعة المساعدات التي قدمتها الحكومة الأمريكية، والمتابعة عند أمريكا ليست مجرد عمل خيري إنما هو عمل سياسي في المقام الأول هدفه إيجاد موطئ قدم لهم في شمال أفريقيا تمهيدا للاستيلاء على كامل المنطقة وسحبها من أوروبا.

لا نقول هذا من باب الرجم بالغيب أو التهويل والتشنيع، فالسفير الأمريكي في تونس جوي هود وقبل أن يتم اعتماده سفيرا لأمريكا في تونس صرح أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في شهر تموز/يوليو 2022 بأنّ مهمته في تونس تحقيق اختراق من بوابة المساعدات الاقتصادية وأنه سيعمل على جعل تونس تنتمي إلى نادي المطبعين مع كيان يهود، إضافة إلى مهمته الرئيسية في ترسيخ الديمقراطية والفكر الغربي. وحينها ثارت ثائرة جانب من الوسط السياسي واعتبروا أنّ تصريحات السفير مهينة وخرجت 13 منظمة وحزبا في احتجاج أمام السفارة الأمريكية على تعيين هذا السفير، ورغم ذلك فقد استقبله الرئيس سعيد “بطل حرب التّحرير” يوم 02 شباط/فبراير 2023 وقبل اعتماده سفيرا. رغم ظهور عداوة أمريكا، وهذا السفير بالخصوص، فإن الرئيس قيس لم يرَه عدوا ولا معتديا ولا متدخّلا في شؤون تونس الداخلية، أليس هذا عجيبا غريبا؟! إنّه لا يكاد يمر يوم إلا وهذا السفير وغيره من سفراء الدول الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا وغيرهما) يجولون في طول البلاد وعرضها يقابلون من يشاؤون من مسؤولين وطلبة الجامعات وتلاميذ المدارس، حتى النساء في أعماق الريف التونسي لم يسلمن من هذه الاختراقات، والرئيس لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم!

فهل القول بالسيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني الذي لا ينفك الرئيس عن تكرارهما كاف لتحقيق السيادة والاستقلال؟!

التّغيير الحقيقي لا يكون كلاما دون أفعال، وما نسمعه من الرئيس كلام دون فعل بل أفعاله تناقضه؛ ففي الوقت الذي يتكلم فيه عن الاستقلال والسيادة يستقبل قادة أوروبا ويكلمونه في شؤون تونس الداخلية ويشركهم في الأمر، بل ما رأيناه في الأشهر الأخيرة أنّ الشأن التونسي تحول إلى شأن أوروبي بمشاركة تونس، فإيطاليا مثلا تتحدث في كل المحافل عن تونس (في اجتماعات مجموعة السّبع، وفي اجتماعات البرلمان الأوروبي، وفي اللقاءات الثّنائيّة مع الجزائر أو ألمانيا أو أمريكا…).

فما شأن إيطاليا بأزمة تونس المالية، أليس الأمر داخليّا؟ ومن سوّغ لـمفوض الاتحاد الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني الحديث عن استقرار تونس وتجنب التخلف عن السداد؟!

ثمّ أين الاستقلال حين يقول جينتيلوتي هذا إنّ “المفوضية لديها برنامج جاهز سيضاف إلى برنامج صندوق النقد الدولي” ويقول: “نحن نعمل على تسهيل برنامج جديد لصندوق النقد الدولي”؟! فهو يتحدّث عن برامج اقتصادية تم وضعها لتونس، منها ما وضعه الصندوق ومنها ما وضعه الاتحاد الأوروبي. ثم ها هو الاتحاد الأوروبي يعين مسؤولا آخر قارّا في تونس مهمته الشأن الاقتصادي (مراقبة أم متابعة أم تحكم؟) لا فرق!

فأين السيادة؟ الأوروبيون يقررون مصير تونس، ويفرضون مساعدات وكل همّ الرئيس أنّ المبلغ الذي قررت أوروبا دفعه زهيد خلافا للاتفاق المبرم؛ نعم مشكلة الرئيس أنّ المبلغ زهيد، ولذلك قال أحد المسؤولين الأوروبيين تعليقا على رفض الرئيس سعيد المساعدات الأوروبية: “الرئيس سعيّد يريد مبلغا أكبر”، أليس في هذا إهانة لتونس وأهلها الكرام؟! وتعلق رئيسة الحكومة الإيطاليّة فتقول: “تصريحات الرئيس هي للاستهلاك الداخلي… لرأيه العام”، وتأتينا الأخبار هذه الأيام أنّ وفدا من الاتحاد الأوروبي سيأتي إلى تونس لمواصلة التشاور حول كيفية تنفيذ “مذكرة التفاهم سيئة الذكر”، فهل سيرفض قائد حرب التحرير استقبالهم، وهل سيهب ليحرر تونس؟ قطعا لا، لأن حرب التحرير التي أعلنها إنما هي على بعض أشباه السياسيين الذين سبقوه في خدمة أسيادهم في أوروبا، فهم خصومه ومنافسوه في الخدمة ولكنهم أظهروا ضعفا وقلة كفاية، ويبدو أنّه يريد أن يظهر قوته وأنه شخص يمكن التعويل عليه.

بقلم: الأستاذ محمد الناصر شويخة

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

جريدة الراية: بريطانيا والدفع بالحرب الروسية الأوكرانية


جريدة الراية: بريطانيا والدفع بالحرب الروسية الأوكرانية

إلى شفير هاوية الحرب الدولية الكبرى!

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

في مقابلة أجرتها التلغراف مع وزير الدفاع البريطاني الجديد غرانت شابس، أكد أنه أجرى “محادثات مع قيادات الجيش تناولت نقل برنامج تدريب رسمي بقيادة بريطانيا إلى داخل أوكرانيا بدلا من كونه في القواعد العسكرية التابعة لبعض دول حلف الناتو”، داعيا شركات الدفاع البريطانية إلى بناء مصانع في أوكرانيا أيضا.

وقبل أسبوع، كان غرانت شابس في زيارة إلى أوكرانيا أجرى خلالها محادثات مع رئيسها زيلينسكي وأخبره بإمكانية اضطلاع القوات البحرية البريطانية بدور في الدفاع عن الحاويات البحرية التجارية وحمايتها من الهجمات الروسية.

وأشار شابس إلى أن بلاده “تدرس الطرق التي يمكنها من خلالها مساعدة أوكرانيا على أن تتهيأ لعضوية الناتو”، مرجحا أن غرب أوكرانيا “يُعد فرصة الآن لإدخال أشياء كثيرة إلى البلاد وليس التدريب فقط إذ نرى أن هناك إمكانية أيضا إلى أن تبدأ شركة بي إي أي (مؤسسة بريطانية تعمل في قطاع الدفاع)، على سبيل المثال عمليات التصنيع في البلاد”.

ليست غريبة ولا مستغربة هذه الحماسة البريطانية، فهي في سياق نهجها السياسي تجاه الحرب الروسية الأوكرانية ونظرتها الاستراتيجية لها. فهذه الحرب هي بالمفهوم الاستراتيجي حرب كبرى بين القوى الكبرى؛ روسيا كفاعل مباشر وأمريكا وأوروبا من الخلف، فتأثيرها الاستراتيجي على الموقف الدولي والساحة الدولية أخطر وأعمق، وبريطانيا ترى فيها فرصتها الاستراتيجية الكبرى لخلط الأوراق الدولية وإعادة الفرز وتشكيل الموقف الدولي بما يخدم سياساتها الاستعمارية. فهذا السخاء المسموم في دعم أوكرانيا في حرب روسيا، هو جزء من استراتيجية كبرى لبريطانيا نهجتها في مزاحمة أمريكا على السيطرة والاستعمار والتحكم في العلاقات الدولية وفي الدول نفسها لاتخاذها أدوات للسيطرة والاستعمار، وللدفاع عن مصالحها ونفوذها.

بريطانيا ترى أن الحرب الروسية الأوكرانية تستوفي جل شروط الحرب الكبرى، وتدفع بها إلى شفير هاوية الحرب الدولية العالمية لتكتمل أشراطها، فهذه الاستراتيجية البريطانية القديمة الجديدة في إشعال نيران الحروب الكبرى للتأثير في موازين القوى وهيكل الموقف الدولي وتغيير مجرى الأحداث الكبرى، وإضعاف ونهك الخصوم في محاولة لإعادة الموقف الدولي لصالح الهيمنة الاستعمارية البريطانية تكاد تكون طريقة بريطانية.

فبريطانيا هي من أشعلت فتيل الحرب العالمية الأولى وجرّت العالم إليها، لضرب القيصرية الألمانية التي شكلت تهديدا جديا لنفوذها الاستعماري وتحولا خطيرا في ميزان القوى لصالح ألمانيا القيصرية. وأيضا لتصفية الخلافة العثمانية بوصفها العدو الأول، فالدولة الإسلامية هي العدو التاريخي الأصيل لأوروبا الصليبية.

وبريطانيا هي كذلك التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الثانية وجرت العالم إليها، لضرب ألمانيا النازية التي باتت تزاحمها في استعمارها، وكذلك في محاولة منها لتصفية النظام الشيوعي في روسيا الذي أخل بتوازن القوى الأوروبي، لإعادة الهيمنة الاستعمارية البريطانية لكنها فشلت في مهمتها فانحصر استعمارها.

وبريطانيا اليوم ترى في الحرب الروسية الأوكرانية حربها الكبرى، وفرصتها لترجمة رؤيتها الجديدة لدورها العالمي والتي أعلنتها حكومة بوريس جونسون بعد الخروج الرسمي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحت شعار “بريطانيا العالمية”، أي ذلك الحنين والهوس باستعادة إمبراطوريتها الاستعمارية.

وكانت هذه الحرب بمثابة الاختبار لشعارها “بريطانيا العالمية”، فبعيد إعلان الحرب صرح رئيس وزرائها بوريس جونسون في مقر الناتو ببروكسيل “ربما تكون أخطر لحظة… أكبر أزمة أمنية واجهتها أوروبا منذ عقود…”، ومنذ الأيام الأولى للحرب، كان جونسون هو أول قائد أوروبي يزور كييف، وكثف المسؤولون البريطانيون الزيارات لكييف ودول شرق أوروبا، ثم ذلك السخاء البريطاني المسموم في حشد الدعم المالي والعسكري والتأييد السياسي لأوكرانيا، فبريطانيا هي ثاني داعم مالي وعسكري لأوكرانيا بعد أمريكا، فهي من استضافت برنامج التدريب إنترفليكس لتدريب 10 آلاف جندي أوكراني، وقد فاجأت الدول الغربية بإرسال دباباتها المتطورة تشالنجر 2 للجيش الأوكراني، ثم انتقلت إلى خطوة أكثر خطورة وحساسية عبر إعلانها عزمها الجاد في تزويد الجيش الأوكراني بطائرات مقاتلة، وكانت قبلها قد زودته بصواريخ مضادة للدبابات، بل ومن خبيث دسائسها في تسعير نار الحرب صرح أحد وزرائها بدعمه لشن هجمات أوكرانية داخل الأراضي الروسية، ثم كان الهجوم على خطوط أنابيب الغاز الروسي عصب الاقتصاد الروسي، والذي اتهمت فيه وزارة الدفاع الروسية عبر بيان لها في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2022 البحرية البريطانية بالمشاركة في الهجوم الذي استهدف خطوط أنابيب نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، وفق ما نقل موقع العربية نيوز الناطق بالإنجليزية عن وكالة سبوتنيك الروسية، وأوضحت الوزارة أن ممثلين عن سلاح البحرية البريطاني شاركوا في التخطيط للهجوم، الذي استهدف نورد ستريم 1 و2 في بحر البلطيق خلال شهر أيلول/سبتمبر 2022، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة. ثم جاء هذا التصريح الأخير لوزير الدفاع البريطاني وخطورته على الساحة الدولية في دفع الحرب الروسية الأوكرانية إلى شفير الهاوية وأتون حرب دولية واسعة، ما دفع بنائب مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف للرد على التصريح البريطاني بالقول “تدريب بريطانيا لعسكريين على أراض أوكرانية يدفعنا بقوة إلى حرب عالمية ثالثة”.

واليوم سيرا على ديدنها واستجابة لعرقها الدساس وحنينا لإمبراطوريتها الاستعمارية المشئومة، تسعى بريطانيا لتأجيج نار الحرب الروسية الأوكرانية طمعا في تحويلها لفتيل حرب دولية كبرى، سعيا لإقحام أمريكا فيها وإغراقها في أزمة دولية كبرى طمعا في استنزاف قوتها وإنهاكها، عبر ضربها بروسيا وكسر ظهرهما وتحطيم هيمنتها وإن لم يكن فإضعافها؛ فأمريكا هي من أزاحتها عن الموقف الدولي في خمسينات القرن الماضي وقصقصت أجنحتها واستولت على العديد من مستعمراتها ولا زالت تكيل لها الضربات الواحدة تلو الأخرى في شبه القارة الهندية وشرق آسيا والخليج وبلاد الحجاز واليمن وليبيا ودول أفريقيا.

كما أن تسخين الأجواء وتصعيد التوتر ورفع مستوى الأزمة الأوكرانية ومنسوب الخطر والتهديد الروسي لدول شرق أوروبا، يخدم سياسة بريطانيا لما بعد البريكست وانسحابها من الاتحاد الأوروبي، إذ يُمَكِّنُها من التَمَوْضُع في المنطقة الرخوة للاتحاد الأوروبي (دول شرق أوروبا) لإيجاد أوراق ضغط لها من داخل الاتحاد خدمة لمصالحها (بولندا مرشحة لهكذا دور)، وكذلك مزاحمة أمريكا دوليا عبر الوجود في البؤر الساخنة.

هو حنين الإنجليز لماضيهم الاستعماري الملعون وهوسهم بإمبراطوريتهم الاستعمارية المفقودة على ضعف حالهم وقلة حيلتهم، فواقع الحال يقول إن الاقتصاد البريطاني هو الأضعف من حيث النمو حاليا بين دول مجموعة السبع، كما أن الجيش البريطاني بات من أضعف الجيوش الغربية، وبالرغم من كل هذا فبريطانيا الخبيثة لا تعدم المحاولة!

فكيف بكم أيها المسلمون وكل أسباب القوة بين أيديكم؛ رب قوي متين وإسلام عظيم وأمة صنعها وحي الحكيم العليم فصهر شعوبها في بوتقته فجعلها نسيجا فريدا في نسجه وتماسكه، واصطفاها لحمل الرسالة والشهادة على الناس فأودعها ختم وحيه وحقيق ويقين كلام الله لخلقه، فأنعم عليها بإسلامه وجعل قدرها أن تسود وتقود؟! فحري بكم أن تكونوا في مستوى إسلامكم وعلى قدر رسالته.

هي الجيوستراتيجية الاستعمارية الملعونة ووحوش استعمارها الضارية، ما كانت إلا خرابا ودمارا وافتراسا ودماء وأشلاء. يبقى الخلاص الخالص هو حشد الأمة الإسلامية لطاقاتها وشحذ لهمم أبنائها، لتحقيق مشروعها الاستراتيجي الأعظم في إعادة الإسلام إلى الساحة الدولية لقيادة الموقف الدولي وإعادة بناء العلاقات الدولية على أساس مفاهيمه الربانية الهداية والأمانة والعدل والرحمة بالعباد، بإقامة كيانه الاستراتيجي الرباني؛ خلافته الراشدة على منهاج النبوة، لتستأنف مفاعيل الاستراتيجية العظمى للإسلام في كنس هذا المقت الاستعماري المسمى دولا كبرى ونظاما عالميا، ودحر دوله ومؤسساته وتوابعه وأذياله، لإخراج البشرية من ليل الغرب البهيم إلى نور الإسلام العظيم وهديه، وإنه لكائن بإذن الله ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾؟

بقلم: الأستاذ مناجي محمد

جريدة الراية: ذكرى ثورة 26 سبتمبر في اليمن تحت المجهر


جريدة الراية: ذكرى ثورة 26 سبتمبر في اليمن تحت المجهر

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

إن ثورة 26 أيلول/سبتمبر 1962م، قامت بدعم أمريكي عن طريق جمال عبد الناصر وذلك لبسط نفوذ أمريكا في اليمن، ومما ساعد في إشعالها هو سوء رعاية حكام المملكة المتوكلية في شمال اليمن، ومع انطلاقة الثورة حتى برز للعلن الصراع الدولي لجني ثمارها، فأمريكا عملت على الظفر بها عن طريق القوات المصرية، فيما عملت بريطانيا لقطفها عبر مشايخ القبائل في شمال اليمن الذين كانوا على ارتباط بها عبر أمراء آل سعود، والناظر لحال اليمن منذ اندلاع تلك الثورة إلى اليوم يرى أن وضعها كان على صفيح ساخن بسبب الصراع عليها بين أمريكا وبريطانيا، وهنا تظهر حقيقة هذه الثورة وأنها ليست لأجل أهل اليمن واستقرارهم ونهضتهم، بل كانت ثورة بين أصحاب النفوذ الدوليين؛ بريطانيا المستعمر القديم وأمريكا التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وتربعت على عرش العالم للظفر والسيطرة على أجزاء كبيرة من العالم ومنها اليمن.

وفي الذكرى 61 لهذه الثورة تجدد الصراع بين عملاء أمريكا وبريطانيا، فقد قامت في بعض المناطق في شمال اليمن مظاهرات واحتفالات بذكرى 26 أيلول/سبتمبر مساء الاثنين ويوم الثلاثاء، وكان هذا بدفع من حزب المؤتمر الشعبي العام، لكن فوجئ المحتفلون بردة فعل مضادة من الحوثيين الذين يمثلون السلطة الحاكمة، حيث قاموا بحملة اعتقالات للمحتفلين بذكرى ثورة 26 أيلول/سبتمبر. “شهدت العاصمة صنعاء، ومدينة أب مساء اليوم الاثنين، احتفالات شعبية كبيرة بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر المجيدة، وقالت مصادر محلية إن عناصر حوثية قامت بالتهجم على المواطنين المحتفلين في شوارع العاصمة صنعاء وتسجيل مخالفات مرورية على السيارات التي ترفع النشيد الوطني” (عدن الغد، 25 أيلول/سبتمبر 2023 م).

إن ثورة 26 أيلول/سبتمبر 1962م نادت بتطبيق النظام الجمهوري العلماني الذي يفصل الدين عن الحياة، ولا يمت للإسلام بأي صلة، فهو مستمد من المبدأ الرأسمالي حيث التشريع فيه للبشر ممثلا بالمجالس التشريعية، وينادي بالديمقراطية التي هي حكم الشعب نفسه بنفسه، والشعب مصدر السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، وينادي بالحريات المطلقة. بينما في نظام الإسلام يكون التشريع فقط للخالق المدبر، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾.

لم ينعم أهل اليمن في ظل هذا النظام بالسلام والرخاء بل استمرت الصراعات والحروب والفقر ونهب الممتلكات العامة وقطع الطرق والترويج للتفرقة والعنصرية والمناطقية راح ضحيتها آلاف مؤلفة من أهل اليمن، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾، وفوق هذا وذاك لم ينالوا رضا ربهم لأنهم تركوا كتابه وراء ظهورهم وذهبوا وراء الكافر المستعمر يأخذون نظامه الوضعي ويحملونه إلى بلادهم، وقد وضعوا أهدافا لهذه الثورة ومنها:

1- التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات. وعليه إن أول هدف من أهداف هذه الثورة يحمل نقضه بين جمله، فكيف يكون التحرر من الاستعمار في ظل الدعوة إلى إقامة نظامه لو كانوا يعقلون؟! فالنظام الجمهوري الذي يخلق الفوارق والامتيازات بين طبقات المجتمع وجعله مجتمعاً رأسمالياً يعيش فيه أصحاب رؤوس المال على حساب عامة الناس، ويعيش هؤلاء على فتات موائدهم!

2- بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها:

لقد أفرزت الثورة جيشاً وطنياً يحمي الحكام من المحكومين وليس له دخل بالإسلام ولا بالمسلمين، فهو لا تعنيه أراضي المسلمين المحتلة ولا عقيدتهم المتطاوَل عليها ولا أعراضهم المنتهكة ولا ثرواتهم المنهوبة، وإنما وجد هذا الجيش لحماية مصالح الكافر المستعمر من أن تُمس بسوء، وذلك مقابل راتب للجندي الواحد لا يتجاوز 50 دولاراً! فيضطر هؤلاء الجنود لنصب النقاط والتسلط على عامة الناس بجباية أموالهم تحت مسميات مختلفة، مع أن الأصل في الجنود أن يكونوا حماة الإسلام وحراس العقيدة، لا حراس حكام فسقة يطبقون عليهم أنظمة الكفر.

3- رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا!

أما هذا الهدف فقد تحقق نقيضه من حيث ارتفاع مستوى الفقر والبطالة والتفكك الأسري وإشغال الشعب في الجري وراء لقمة العيش، لا يتفرغ للأعمال السياسية، بل وتعمل على تكميم الأفواه والقمع السياسي والفكري من خلال الأجهزة الأمنية، والتجسس على أبناء الأمة وتأمين الشركات الأجنبية لنهب ثروات البلد.

4- إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمدة أنظمته من روح الإسلام الحنيف

نعم عملت هذه الثورة بكل جهودها على غرس فكرة الديمقراطية في أوساط المسلمين لإبعادهم عن الإسلام ونظامه السياسي نظام الخلافة، لذلك يسعى الكافر المستعمر بهذه الفكرة لتضليل الناس محاولاً التوفيق بينها وبين الإسلام رغم التناقض الكبير بينهما.

5- العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة

فالغرب الكافر مدرك تماما أن المسلمين متوحدون بعقيدتهم ومشاعرهم ونظام حكمهم، ولأجل ألا يشعروا بالفرقة وضعوا لثوارهم هذا الهدف، فالوحدة الوطنية فكرة ضيقة وموجودة عند الحيوان والطير فهي نابعة عن العاطفة ولا تصلح لأن تربط بين الناس، لأنها تظهر عندما يتدخل أجنبي على الوطن، وفي حالة السلم ليس لها أي أثر بل تظهر بجانب سلبي وهو الصراع وإشعال الحروب بين أبناء البلد الواحد، فالوطن الذي يزعمون حمايته والدفاع عنه ها هم يدمرونه وأصبح كصنم التمر يعبدونه ثم إذا ما جاعوا أكلوه! ولذلك فالوطنية ليست من الإسلام في شيء، فهي فكرة دخيلة على أفكار الإسلام وأذهان المسلمين، وجدت لزرع الفرقة بين أبناء الأمة الإسلامية.

6- احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم:

ولكي يضمن الغرب الكافر المستعمر سيطرته على البلاد والعباد أمعن في الهيمنة عبر هيئة الأمم المتحدة. إن هذا الهدف يظهر بكل وضوح حقيقة ثورة 26 أيلول/سبتمبر وبأن المسيّر لهذه الثورة هو الغرب الكافر فيدعو أهل اليمن إلى احترام مواثيق عصبة الأمم النصرانية التي سميت لاحقا الأمم المتحدة التي تتوغل بين الشعوب عن طريق المنظمات والبعثات والمعاهد التبشيرية بحجة الإنسانية وحقوق الإنسان والمرأة والطفل والمساواة وصدق الله القائل سبحانه: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

أما من ناحية العلم الوطني الذي تراه بعض الأحزاب مقدسا خاصة بعد أن مزقه الحوثيون، وتعالت أصوات مستنكرة هذا الفعل فيتهمون الحوثي أنه لا يريد هذا العلم، والحوثي يرد عليهم بأنه لا علاقة له بهذه الأعمال وأن من قام بها هم مندسون وسوف يعاقبون.

أقول للأسف إن من رسم هذه الأعلام الوطنية هم أعداء الأمة الإسلامية في معاهدة سايكس بيكو عام 1916م عندما قسموا تركة الخلافة العثمانية بعد هدمها، ورسموا لكل دويلة حدودا وتقاسموها فيما بينهم وعندما أرادوا تحويل الاستعمار من وجودي إلى نفوذي صنعوا حركات وثورات تخدع الأمة بأنها أخرجت الاستعمار ووضعوا لكل دولة علماً وطنياً يقدسه أهل الوطن ويرونه رمزاً للحرية والاستقلال، وهذا هو السراب الذي لا وجود له وإنما خدعة لتضليل المسلمين وجعلهم متفرقين، وتسميم أفكارهم وجعلهم يمجدونه كل صباح في تحية العلم في المدارس وفي افتتاحيات الحفلات والفعاليات. إن تقديس العلم الوطني يخالف العقيدة الإسلامية التي تأمرنا بالتوحد على أساسها وليس على أساس الوطنية الضيقة، إن الراية التي قُطعت يدا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من أجلها في غزوة مؤتة هي راية التوحيد، راية الإسلام، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ راية واحدة لكل المسلمين وليس رايات الاستعمار والتفرقة والعنصرية، إن الواجب على أهل اليمن هو الترفع عن هذه الضلالات والوعي على حقيقة ما يجري في بلدهم، وهو صراع دولي بدعم إقليمي وتنفيذ أيادٍ محلية خدمة للكافر المستعمر وتنفيذا لمخططاته، ولا يهمهم حال أهل اليمن.

يا أهلنا في اليمن: إن المخلص لكم من هذه الفتن والحروب وضنك العيش ليس هو اتباع أكاذيب العملاء وأنظمتهم المستوردة وثوراتهم المصطنعة وأعلامهم وراياتهم الاستعمارية، إنما هو بالعمل مع حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة التي تحرر بلاد المسلمين من الاستعمار وأعوانه، وتعيد لهذه الأمة أمجادها ومكانتها بين الأمم؛ فهبوا هبة رجل واحد ليرضى عنكم ربكم: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾.

بقلم: الدكتور محمد بن محمد – ولاية اليمن

جريدة الراية: النتائج الجيوسياسية لحرب ناغورنو قرة باغ


جريدة الراية: النتائج الجيوسياسية لحرب ناغورنو قرة باغ

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

قامت القوات المسلحة لأذربيجان في التاسع عشر من أيلول/سبتمبر 2023م بهجوم صاعق على الجيب الجبلي الخاضع للاحتلال الأرمني منذ ثلاثين عاماً والمعروف باسم إقليم ناغورنو قرة باغ، فاستعادته خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، وسيطرت على تسعين نقطة عسكرية كان الأرمن يتحصنون بها فيه، وهو ما أدى إلى استسلام الأرمن بسرعة، وتسليم أسلحتهم للقوات الأذرية بالتنسيق مع قوات السلام الروسية المنتشرة على الحدود بين الإقليم وأذربيجان، ثمّ هجرة غالبيتهم إلى أرمينيا.

إنّ توقيت هذا الهجوم الخاطف يأتي في وقت تنهمك فيه روسيا في حربها الطويلة مع أوكرانيا، ولا تستطيع الانشغال بحرب جديدة تشتعل في جنوب القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، فلقد كان من المفترض وفقاً لاتفاقية الدفاع المشترك التي تربط روسيا بأرمينيا أنْ تقوم روسيا بمنع أذربيجان من استرداد الإقليم بالقوة كما كانت تفعل طوال الثلاثين عاماً الماضية، لكن الأمور في المنطقة قد أفلتت من يدها بالفعل منذ عام 2020 وذلك عندما قامت أذربيجان بإسنادٍ من تركيا بشن حرب شاملة على أرمينيا تمكنت وقتها من تحرير جميع الأراضي المحتلة حول ناغورنو قرة باغ، ولم تستطع روسيا وقتها منع أذربيجان من استرداد معظم أراضيها ما عدا إقليم ناغورنو قرة باغ الذي جاء وقت تحريره في هذه الأوقات.

لقد أدركت أرمينيا منذ خسارتها للأراضي التي سيطرت عليها حول إقليم ناغورنو قرة باغ عام 2020 أنّ سقوط الإقليم بات مسألة وقت، وأنّ روسيا لم تعد قادرة على حماية أرمينيا من أذربيجان ولا منعها من احتلاله، لذلك قامت أرمينيا عام 2021 بسحب قواتها من الإقليم، ولم يبق فيه إلا الأرمن الانفصاليون الذين كانوا قد أعلنوا فيه جمهورية من طرف واحد غير معترف بها رسمياً، وهم أعجز ما يكونون عن الوقوف أمام الجيش الأذري من دون دعم أرمينيا.

وعندما جاء هجوم أذربيجان الأخير على الإقليم وقفت أرمينيا موقف المتفرج، ولم تفعل شيئاً للأرمن الانفصاليين، وبررت ذلك بضعف الموقف الروسي، وعجز روسيا عن القيام بحماية الأرمن في الإقليم، وخذلانها لهم بسبب عدم تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وأرمينيا، مُعلّلة ذلك الموقف الروسي الضعيف بانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا.

لقد استغلت أمريكا هذا الموقف الجديد الذي أحدث فراغاً واضحاً في القوقاز الجنوبي ويحتاج إلى قوة دولية لملئه فقامت من فورها بالاتصال بأرمينيا وبقيادتها السياسية والعسكرية، وأجرت معها مناورات عسكرية مباشرة، في الوقت الذي كانت رحى الحرب تدور في المنطقة، ثمّ عرضت عليها حمايتها بدلاً من الحماية الروسية، وبدأت بالاتصال بالقيادات في أذربيجان للقيام بالوساطة بينها وبين أرمينيا.

ولم تكتفِ أمريكا بذلك بل إنها قامت بعد انتهاء أذربيجان من السيطرة على إقليم ناغورنو قرة باغ ووقف إطلاق النار بإرسال وفد خاص إلى أرمينيا سلّم رسالةً إلى رئيس وزرائها نيكول باشينيان من الرئيس بايدن تتضمّن نقطتين مُهمّتين ومُحدّدتين وهما:

1- إرسال وحدة عسكرية أمريكية للتمهيد لإرسال بعثة مُراقبة دولية إلى جنوب القوقاز (أرمينيا وأذربيجان) بحجة حماية المدنيين الأرمن.

 2- إرسال مُساعدة مالية بقيمة 11.5 مليون دولار أمريكي للاجئي ناغورنو قرة باغ الأرمن.

ولم ترد روسيا على هذا التدخل الأمريكي السريع والمباشر في منطقة نفوذها التقليدية إلا بالإعلان عن امتعاضها من ذلك، ثمّ إطلاق تهديدات فارغة تُدين تصرفات أرمينيا ورئيس وزرائها المتعاون مع أمريكا، لكنّها لم تتخذ أي إجراء عملي فعّال لمنع التدخل الأمريكي.

ويمكن إجمال النتائج الجيوسياسية لهذه الحرب على المستوى الإقليمي والدولي بما يلي:

1- تمكّنت أذربيجان من تحرير أراضيها المحتلة بعد ثلاثين عاماً من الاحتلال الأرميني مستفيدة من ضعف موقف روسيا بسبب انشغالها بحرب أوكرانيا، ومستفيدة أيضاً من دعم تركيا السياسي والعسكري القوي الذي كان حاسماً في تفوقها على الأرمن في المعركة.

2- خسرت أرمينيا والأرمن الانفصاليون الحرب بسبب اعتمادهم على حماية الروس العسكرية وبسبب ركونهم إلى فرنسا وأوروبا في الدفاع عنهم بوصفهم جزءاً لا يتجزأ من الصليبية الدولية، إلا أنّ المصالح الاقتصادية والسياسية كانت أقوى من الروابط الدينية العاطفية.

3- ربحت تركيا من هذه الحرب تعميق أواصرها وتقوية علاقاتها بالشعوب الناطقة باللغة التركية بوصفها تقوم بدور الدولة الحاضنة والراعية للشعوب التركية في القوقاز وفي آسيا الوسطى.

4- خسرت إيران من هذه الحرب والتي كانت تُعوّل على دعم أرمينيا لمساعدتها في إبعاد تركيا عن عمقها الطوراني، ولإبقاء إيران حاجزاً جيوسياسياً أمام هذا التمدد التركي.

5- خسرت روسيا من هذه الحرب خسارةً كبرى بسبب ضعفها جراء ورطتها في أوكرانيا، وبسبب تحالف تركيا مع أذربيجان الذي كان ضاغطاً عليها، ومانعاً إيّاها من استمرار دعم أرمينيا ضد أذربيجان.

6- تمكّنت أمريكا من التغلغل في جنوب القوقاز اعتماداً على تركيا التي ساهمت في انتصار أذربيجان، والتي فتحت لها المجال للتواصل مع أرمينيا بحجة الحماية، والحلول مكان روسيا عسكرياً فيها، ولإعادة ترتيب خطوط ومسارات الطاقة من أذربيجان إلى أوروبا.

7- خسرت فرنسا مكانتها في القوقاز بصفتها كانت تقوم بدور الراعي لأرمينيا من ناحية دينية.

إنّنا بصفتنا مسلمين لا شك أنّنا نفرح لتحرير أي أرض إسلامية محتلة من أيدي الكفار، وإنّ استعادة أذربيجان لقرة باغ هو تحرير لأرض إسلامية، وهو أمر يدعو إلى الفرح والسرور بلا ريب، ولكن ما يؤلمنا هو قيام حكام المسلمين في تركيا وأذربيجان بتسهيل إدخال النفوذ الأمريكي مكان النفوذ الروسي في هذه المنطقة الإسلامية العريقة التي فتحت في وقت مبكر أيام الخلافة الراشدة في عهد الخليفتين عمر وعثمان رضي الله عنهما.

بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني

جريدة الراية: أمريكا وسياسة الإغراءات والضغوطات تجاه كيان يهود ح6


جريدة الراية: أمريكا وسياسة الإغراءات والضغوطات تجاه كيان يهود ح6

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

ذكرنا في الحلقة السابقة بعض الأعمال والسياسات من الضغوطات التي تمارسها أمريكا على حكومة نتنياهو والائتلاف الحاكم معها، وذلك بطريق مباشر وغير مباشر؛ أي عن طريق عملائها من الحكام. وذكرنا قبل ذلك سياسة الإغراءات والعروض التي تعرضها من أجل التهدئة، وإرساء أسس من التفاهمات لتنفيذ الحلول السياسية لقضية فلسطين؛ وذلك عندما تتفرغ لذلك. فهل ستنجح هذه السياسات والأعمال في تحقيق ما تريده، أم أنها ستمضي في تعنتها وصلفها وأعمالها الإجرامية ضد أهل فلسطين؟ وما النتائج في حال تطور الأمور إلى الأسوأ؟ وقبل أن نجيب عن هذا السؤال لا بد أن نستعرض بعض الأمور منها:

1- لقد شهد رب العزة جل جلاله أن يهود أهل فساد وشر، وقوم غدر وخيانة، وفي الوقت نفسه أهل طمع وغرور، ويحبون الدنيا ويتمسكون بها، ولا يعطون الناس نقيرا. قال تعالى في وصف عداوتهم وتنافرهم: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾، ويقول في فسادهم وإفسادهم في الأرض: ﴿…كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾، ويقول كذلك في صفة البخل والتمسك بالأموال والثروات: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾، ويقول في نكثهم العهود: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾؛ ومن كانت هذه صفاته فإنه لا يرقب في بشر إلا ولا ذمة، ولا يحافظ على عهود ولا وعود، ولا يحب أن يعطي شيئا وقع تحت يديه، إلا إذا أُجبر على ذلك بالقوة. فليس من السهل أن يتنازل يهود عن شيء من أرض أو غيرها إلا بقوة السلاح، وغير ذلك عبثٌ وإضاعة للوقت والجهود.

2- إن أمة الإسلام منذ عهد المصطفى ﷺ تعاني من دسائس يهود، ومن كذبهم وغدرهم وخياناتهم المتكررة، ولم ينفع معهم إلا السيف. وهذا ما فعله ﷺ، ووصى به بعد موته، وأكمله عمر رضي الله عنه فأخرجهم من كل جزيرة العرب. والمسلمون اليوم يكرهون يهود، ولا يقبلونهم أبداً، لا في عهد ولا وعد ولا تطبيع ولا انفتاح ولا سلام. وقد أكّد هذه الحقيقة رئيس وزراء كيان يهود في أكثر من مناسبة كان آخرها عندما ألقى خطابا أمام الكنيست في الذكرى الأربعين لمعاهدة كامب ديفيد؛ حيث قال: “لقد ظل السلام باردا مع الشعوب طوال أربعين عاما، رغم توقيع معاهدات سلام مع بعض الحكومات”. فاليهود سيبقون جسما مرفوضا في محيط إسلامي كما قال بن غوريون عند تأسيس كيانهم. لذلك لن يهدأ الصراع أبدا لا داخل فلسطين ولا في المحيط، ولن تقبل معاهدات التطبيع مع الشعوب، ففي كتاب “دولة بأي ثمن” للصحفي اليهودي توم ساغيف، ويحكي فيه مواقف وحياة بن غوريون، جاء فيه بعض الأقوال والمواقف لبن غوريون منها: “إن الدولة العبرية ستظل عُرضة للتهديد بالإبادة طوال وجودها في المنطقة، وبأن العرب لن يقبلوا بوجودها”، و”احتلت علاقة اليهود بالعرب مساحة واسعة من اهتمامات بن غوريون، فإذا كان السلام محوراً مهماً، شغل ولا يزال يشغل الجانبين، فإن الرجل العجوز اعتبر، قبل وقت طويل، أن الجميع يدرك صعوبة هذه العلاقة، ولكن الجميع يغض الطرف عن استحالة إيجاد حلول”. و”لا يوجد حل. هناك هوَّة في العلاقة بين الطرفين، لا يمكن تفاديها”. فمسألة السلام هي فكرة وهمية ولا يمكن تحقيقها أبدا ما دام المسلمون يقرؤون القرآن، ويدركون معنى اغتصاب يهود لأرض الأقصى والمسرى، وما داموا كذلك يرون ما يحدث لأهل فلسطين كبرهان عملي على سجايا يهود.

3- الحركة الصهيونية العالمية (وهي حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر)، تمثل أطماع يهود داخل فلسطين وفي المحيط. فيهود يتطلعون للسيطرة على كامل فلسطين، ومنها المسجد الأقصى المبارك، وبالإضافة لذلك فلهم أطماع دينية. فالحركة الصهيونية سميت بذلك نسبة إلى جبل صهيون، وهو جبل القلعة؛ لأن كلمة صهيون هي القلعة في التاريخ. وقد حددت الحركة الصهيونية أهدافها في المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 في مدينة بازل بسويسرا وجاء في إحدى قراراته: “هدف المؤتمر هو وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود”، وجاء في كتاب الدولة اليهودية لهرتسل، عندما تحدث عن المؤتمر الصهيوني: “لو طلب إليّ تلخيص أعمال المؤتمر فإني أقول: إنني قد أسست الدولة اليهودية”. فكيان يهود هو كيان يمثل أطماع الحركة الصهيونية العالمية، ويسعى إلى تحقيق أهدافها في الواقع، ومن ضمن هذه الأهداف تفريغ كامل فلسطين من أهلها والسيطرة عليها. يقول جوزيف وايتس، رئيس قسم المستعمرات في الوكالة اليهودية سنة 1940: “يجب أن يكون واضحاً فيما بيننا بأنّ لا مكان لشعبين في هذا البلد. نحن لن نحقق أهدافنا مع وجود العرب في هذا البلد الصغير. لا يوجد غير حل واحد وهو ترحيل العرب، كل العرب، إلى البلدان المجاورة، ويجب ألا تبقى قرية عربية واحدة، ولا قبيلة واحدة”. أما بن غوريون، وهو أول رئيس وزراء لكيان يهود ومن المؤسسين له، فقال سنة 1948: “يجب أن نطرد العرب ونأخذ مكانهم”.

4- السياسات التي تمارسها أمريكا مبنية على الظلم والبراغماتية والمصالح، وليست مبنية على أي قانون، حتى القوانين الدولية قد تنصلت منها لإرضاء يهود. فأمريكا اليوم هي سيدة العالم، وهي التي ترسم السياسات وتقررها في منطقة الشرق الأوسط. وهي تتعامل مع قضية فلسطين من منطلق النظرة النفعية المصلحية. فقد رأت، على سبيل المثال، في فكرة الانفتاح والتطبيع بين البلاد الإسلامية وكيان يهود أنها تخدم فكرة السيطرة على كيان يهود، وفي الوقت نفسه السيطرة على الدول العربية القريبة منه. وقد نظرت أيضا للمستوطنات في فترة سابقة أنها تهدد مشروع حل الدولتين، والآن أصبحت تغض الطرف عنها، وتطالب بعدم إنشاء مستوطنات جديدة… وهكذا فإن الأمور في نظرة أمريكا تخضع لتطورات الوقائع على الأرض ولنظرتها لمصالحها.

5- الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية أنظمة مهزوزة ومهزومة أمام توجه الأمة وعقيدتها؛ لذلك فإن أي اهتزاز في المنطقة المحيطة بكيان يهود سوف تضعه في مواجهة الأمة مباشرة، ولن تستطيع هذه الأنظمة حمايته أمام هجمة الأمة لتحرير فلسطين. وهذه القضية يفهمها يهود بشكل جيد، وهي أن مصير كيانهم مرتبط بوجود هذه الأنظمة.

وفي الختام نقول: لقد شهدت هذه البلاد أكثر من احتلال خلال حقب التاريخ؛ من الصليبيين إلى المغول إلى الإنجليز، ثم يهود، وكانت سببا في عودة الأمة ووحدتها؛ بسبب نظرة الأمة لهذه الأرض؛ خاصة أنها جزء من عقيدتها، وفيها المسجد الأقصى المبارك. ولن تنجح أي مباحثات أو لقاءات مع يهود؛ بسبب الأوضاع السياسية أولا في كيان يهود، وعدم وجود حكومة قادرة على اتخاذ قرار كهذا. والأمر الثاني: هو الأحداث العالمية وعدم تهيؤ الأجواء لإيجاد حلول بخصوص قضية فلسطين لانشغال أمريكا عن ذلك. ومجريات الأحداث تدلل على أن الأمور نحو التصاعد، وليس نحو الهدوء بسبب ما تقوم به حكومة يهود، وهذا يقتضي مزيدا من الضغوطات الأمريكية على كيان يهود داخليا وخارجيا. وأمام ضعف نتنياهو السياسي فإنه سيلجأ إلى التنفيس في الداخل والخارج من أجل المحافظة على ائتلافه الحكومي.

وفي النهاية نقول إن هذه البلاد لن تشهد سلاما، ولا استقرارا ولا هدوءاً؛ بسبب الصراع الدولي وبسبب يهود وأطماعهم وسياساتهم، وبسبب موقف الشعوب المسلمة من الأرض المباركة. وقد وعد رب العزة جل جلاله في أكثر من آية أن هذه الأمة ستعود لتقضي على فساد يهود، قال تعالى: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً﴾. ويقول ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ». فنسأله تعالى أن يعجل بوحدة هذه الأمة الكريمة في دولة واحدة تحت راية واحدة تعلن الجهاد على كيان يهود فتخلعهم كما خلعت الصليبيين والمغول من قبل. اللهم آمين

بقلم: الأستاذ حمد طبيب – بيت المقدس

جريدة الراية: متفرقات الراية – العدد 464


جريدة الراية: متفرقات الراية العدد 464

  26 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

أيها المسلمون: إن جيوش المسلمين هم منكم، أبناؤكم وإخوانكم وأهلكم، فادفعوهم إلى الحق الذي أنزله الله، أنيروا لهم الطريق بنور الإسلام فينصروا دين الله وينصروا أهلهم وإخوانهم الذين يقاتلون بأجسادهم وبسلاحهم، ويُعيدوا سيرة جند الإسلام الذين اقتلعوا الصليبيين من أرض فلسطين وأرض الشام، وأزالوا سلطان التتار من أرض الإسلام… فكانوا منارة الدنيا بالخير الذي نشروه، والعدل الذي أقاموه.

===

يا جيوش المسلمين: أبطال فلسطين هزّوا للعدو كيانه فانصروهم وحطموا أركانه

أصدر المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين) السبت بيانا قال فيه: في صبيحة هذا اليوم، السبت، قام المجاهدون الأبطال من قطاع غزة باختراق خطوط العدو في كيان يهود، واقتحام مستوطناته، ليسوؤوا وجوه القوم الجبناء كما ساء صباحهم، وليصحو أهل فلسطين بل وعموم المسلمين على مشاهد أسعدت صباحهم، وأحيت العزة في نفوسهم، فنسأل الله عز وجل، أن يكون كرّاً يعقبه نصرٌ عزيزٌ من الله القوي العزيز.

وأضاف البيان: إن ما يجري اليوم في الأرض المباركة إنما هو صورة استباقية، لما ينتظر هذا الكيان على أيدي المخلصين من أبنائكم، في يوم مشهود لعله بات قريبا، وهو كذلك صورة واضحة تمام الوضوح لحقيقة هذا العدو الهش الجبان، الخائر القوى، فهي ما كانت إلا ساعة من النهار حتى كان الأبطال يجوسون في شوارعه ويجولون في قواعده ويحرقون دباباته، ويسحبون جنوده وأشلاءهم كالخراف، وقد غابت احتياطاته ودفاعاته وغطرسته التي لطالما مارسها متبجحا وهو يمارس القتل والفساد.

وهي كذلك صورة، بل نموذج لثلة من شباب الأمة، وطليعة من أبطالها، حين يمارسون الجهاد ويبهتون العدو، فكيف إذا التحمت معهم وساندتهم قوى الأمة وبقية أبطالها، وكيف إذا مزق الجند في الأردن ومصر حدود الكيان الموهومة، كما مُزّق اليوم عليهم غلاف مستوطنات غزة، ودخلتها دباباتهم لتتجه صوب الأقصى بالهدير والتكبير؟!

وتابع البيان: يا جنود المسلمين وضباطهم، ويا أهل القوة من أبناء أمتنا: إن ما حدث اليوم قد هز كيان يهود في جسده وروحه، وهو كيان واهن واهٍ، ينتظر الضربة الكبرى لتتخلص الأمة منه ومن شروره للأبد، ومن فساده في الأرض المباركة وإجرامه بحق أهلها، وتدنيسه للقدس والمقدسات، فكونوا أهلها، كونوا أهل تلك الضربة لتحوزوا شرف النصر الكبير وتعيدوا للأمة أمجاد فتح الفاروق وأيام صلاح الدين، وإن إخوانكم من أبطال الأرض المباركة قد أشعلوا الشرارة، فأضرموا أنتم النار في هذا الكيان، وانصروهم فقد استنصروكم، انصروهم وانصروا دينكم بميمنة وميسرة من الجيوش، تدك أسوار هذا العدو الجبان وجدرانه وتلغي كيانه، ولا تجعلوا حكامكم الجبناء العملاء المطبعين يحرمونكم شرف النصرة والنصر، أسقطوهم، فعروشهم واهية مهتزة كحال أوليائهم من كيان يهود، وسقوطه من سقوطهم…

إن عدونا وعدوكم لئيم، وإن حكام المسلمين فوق تخاذلهم وخيانتهم هم متآمرون، وإن الدول الكبرى دول مجرمة، وكما أنهم جميعا حريصون على بقاء هذا الكيان المسخ، فهم حريصون كذلك على قتل كل همة فينا، وإطفاء كل جذوة تشعل فينا معاني النصر أو روح الجهاد، وها هو كيان يهود يتوعد بالحرب، وقد عهدناه يحارب حرب الجبان ويبطش بطش الجبان الذي يتمكن من الأذى، وقد عهدنا من الدول الكبرى وعملائهم حكام المسلمين أنهم يعملون على كل حركة تبعث في الأمة الحيوية، بالاحتواء والدهاء، ويتعاملون مع النصر بالمكر لتحويله إلى هزيمة، أو استثماره في خطة خبيثة أو مؤامرة جديدة، ولطالما كانوا يمسكون برقاب أهل فلسطين ليسلموهم إلى الذبح، ولا يعنيهم أمرهم ولو دُفنوا تحت ركام القصف، وإن الأمر اليوم جلل، فانصروا دينكم بنصرة الأرض المباركة وأهلها، واحذروا أن يحاط بهم، فإن أهل فلسطين قد طرقوا باب القوم فادخلوا أنتم عليهم الباب ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، انصروا الله ينصركم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ وستجدون أن نصر الله أقرب مما تظنون ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيب﴾.

===

اقتحام المجاهدين لحصون كيان يهود يوجب على جيوشنا الالتحام معهم لتحرير فلسطين

صرح الأستاذ خالد سعيد، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين، أن ما يجري في الأرض المباركة يثبت بما لا يدع مجالاً للشك هشاشة كيان يهود، وسقوط منظومته الأمنية والعسكرية وعجزها عن الرد أمام تحرك ثلة مؤمنة قليلة العدد والعدة، فكيف لو تحركت جيوش الأمة الجرارة؟!

وأضاف سعيد، إن ما يحدث يحمل رسالة فورية وعاجلة للأمة الإسلامية وفي مقدمتها الجيوش المدججة بالسلاح، ماذا تنتظرون وأنتم ترون هؤلاء المجاهدين على أرض فلسطين يقتحمون حصون يهود، ويسحقون تحصيناتهم، ويقتلون ويأسرون جنودهم وقطعان مستوطنيهم؟! ألا يثير ذلك الحمية ومشاعر العزة والكرامة فيكم، ويبدد الغشاوة عن عيونكم التي لطالما حرصت أنظمة العمالة والخيانة على تضليلكم بها، وتحييدكم وإبعادكم عن مشهد المعركة والنزال، مشهد التحرير والانتصار، مشهد الجهاد والاستشهاد؟!

وخاطب الأستاذ سعيد جيوش الأمة بالقول: أيها الأبطال المغاوير في جيوش المسلمين إننا نحملها إليكم عاجلة، ونريدها أن تصل إليكم مدوية، فقد آن الأوان، نصرة للأقصى والأسرى ولأهلكم ومجاهديكم في فلسطين، فأروا الله تعالى من أنفسكم خيرا، ونقول لكم قولة المؤمنين الصادقين: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.

===

أما آن الأوان يا جيش الكنانة لتطفئوا شوقكم لتحرير الأقصى والصلاة فيه؟!

استيقظ الناس صباح أمس السبت على صرخات وصياح كيان يهود إثر هجوم ثلة من المجاهدين على مستوطنات غلاف غزة وسيطرتهم عليها وأسرهم عدداً كبيراً من جنود يهود وقتل المئات وإصابة ما يربو على الألف منهم، فيما يعلن الرئيس المصري أنه يكثف الاتصالات لاحتواء الموقف ومنع المزيد من التصعيد بين الطرفين، ليس خوفا على أهل فلسطين وإنما حماية لكيان يهود!

إن هذا العمل البطولي يثبت حاجة الأمة إلى جيوشها، ووجوب تحركها لتحرير فلسطين، كما يثبت هشاشة كيان يهود وأنه لا يستطيع الصمود أمام فصيل مسلح فكيف لو كان أمام جيش منظم؟! وكيف لو اجتمعت عليه جيوش الأمة التي تتوق لتحرير فلسطين؟!

أيها المخلصون في جيش الكنانة: ألا يستفز نخوتَكم ما فعله أهل غزة وهم على ما هم عليه من ضعف وحصار، فكيف بكم وتحرير فلسطين واجبكم الذي أوجبه الله عليكم؟! والله إنكم لمسؤولون أمام الله عز وجل فقد خذلتم أهل فلسطين والأمة في مواطن هم فيها أحوج لنصرتكم، فأروا الله منكم ما يحب واخلعوا عنكم حكام السوء الذين يحولون بينكم وبين واجبكم، فوالله لن يغنوا عنكم شيئا أمام الله، بل سيتبرؤون منكم، فبادروا أنتم إلى البراءة منهم الآن، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت لمن أعلنها لله وخلع من عنقه كل ولاء للغرب وعملائه.

فهلم إلى خلع هذا النظام من جذوره حتى لا يضيّع جهودكم ويكبل حركاتكم ويحول بينكم وبين واجبكم، وإقامة الدولة التي تفتح الباب أمامكم وتدفعكم دفعا نحو رضا الله عليكم؛ بالجهاد في سبيله وحمل دينه والانتصار للمستضعفين، فأقيموها أيها المخلصون في جيش الكنانة خلافة راشدة على منهاج النبوة.

===

ألم يأن لنشامى الأردن أن يهبوا لتحرير فلسطين وهم يرون ثلة من المجاهدين قد زلزلوا أركان كيان يهود؟!

في دقائق قليلة من صباح يوم السبت السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، تزلزلت أركان كيان يهود المسخ، وفر جيشه الجبان رغم عدته وعتاده، وقببه الحديدية، أمام ثلة من المجاهدين الذين اقتحموا مغتصباته، برا وجوا وبحرا، بعتاد متواضع متوكلين على الله واثقين بنصره، تعلو انتصاراتهم صيحات الله أكبر الله أكبر، التي أرهبت يهود أعداء الله، بل وأرعبت من وراءهم من مستعمرين ومطبعين متخاذلين.

يا جيش الأردن: يا أبطال الكرامة ويا أبناء خالد وشرحبيل وأبي عبيدة رضي الله عنهم، إننا نعلم أن الدماء تغلي في عروقكم شوقا للجهاد في سبيل الله، وأنكم تتأهبون لتثبوا وثبة الأسد لنصرة المجاهدين في فلسطين الذين أثبتوا لكم استعدادهم لتلتحموا معهم في معركة لن تطول لتحرير الأقصى وكل فلسطين، فيسجل التاريخ نصركم كما سجل لصلاح الدين، فهلا كنتم مع أمتكم فتنالوا رضا الله سبحانه وتعالى، ولا تركنوا إلى الأرض لترضوا حكامكم في سخط الله؟!

أيها النشامى: اجعلوا من هذه الألقاب استحقاقا لكم تنالون شرفها عند الله ورسوله والأمة الإسلامية وأبنائكم بنصرتكم لأهلكم في فلسطين، فهي إما نصر مؤزر أو شهادة في سبيل الله، وادحروا هذا الكيان الجبان ومن يقف وراءه وأنهوا هذه المسرحية التآمرية والأكاذيب والخيانات التي طال زمنها لعقود، ولتعملوا مع العاملين لإقامة دولة الخلافة لتطبيق شرع الله وهي قائمة قريبا بإذن الله ومنتصرة على كل أعدائها فهي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ.

===

يا جيش تونس: انصروا مجاهدي فلسطين واضربوا كيان يهود الضربة القاضية

في صبيحة يوم السبت 2023/10/07، وبعد يوم من ذكرى معركة أكتوبر، قام أبطال قطاع غزة بهجوم مباغت ومتزامن، برا وبحرا وجوا، فضلا عن إطلاق 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال أول 20 دقيقة، ضمن عملية حملت اسم “طوفان الأقصى”، تم خلالها اقتحام مستوطنات غلاف غزة، ليصحو أهل فلسطين بل وعموم المسلمين على مشاهد أسعدت صباحهم، وأحيت العزة في نفوسهم، وذكرتهم بذروة سنام الإسلام؛ الجهاد في سبيل الله.

وفي ذلك قال بيان صحفي للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس: هكذا عبر أبطال الأرض المباركة عن موقفهم من قضية فلسطين، أفرادا وجماعات، وكانت عملية اليوم تتويجا لمسار نضالي كفاحي عريق، لم يخضع فيه أهل فلسطين ولم يستكينوا، وهم يوجهون نداءاتهم صباحا ومساء إلى أبناء الأمة جمعاء وفي مقدمتهم الجيوش الرابضة في ثكناتها، فمن سيكون له شرف تلبية هذا النداء من جيوش المسلمين؟ من سيعيد تاريخ صلاح الدين ويطهر الأرض المباركة من رجس يهود الغاصبين؟

وأضاف البيان: فيا جيش تونس الأبي، يا أهل القوة والمنعة، أيها القادة المخلصون:

غزة تناديكم، والأقصى يناديكم، والقدس تناديكم، وكل شبر من الأراضي المحتلة يناديكم، فهل ستلبون النداء؟ هل ستنالون شرف الالتحاق بالمعركة وتوجيه أسلحتكم ودباباتكم صوب العدو الغاشم لدحره؟ فها قد أشعل أبطال غزة الشرارة في انتظار إضرام النار في هذا الكيان المسخ، فهلا نصرتموهم وقد استنصروكم؟ ألم تقرؤوا قوله سبحانه: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾؟

===

تواصل الحراك الثوري اليومي المطالب باستعادة قرار الثورة في ريفي إدلب وحلب

ذكرت إذاعة حزب التحرير في ولاية سوريا في نشرة أخبارها ليوم السبت الماضي 2023/10/7م أنها قد تواصلت يوم الجمعة، الفعاليات الشعبية المستمرة منذ خمسة أشهر على التوالي، ضمن الحراك الثوري اليومي في ريفي حلب وإدلب، وذلك في جمعة جديدة حملت عنوان (قم فإن الله لا يرضى بأن تحيا ذليلا). حيث خرجت مظاهرة للحرائر في مدينة إعزاز شمال حلب ووقفة للأحرار في مدينة الباب شرق حلب، كما خرجت الخميس مظاهرة للحرائر في بلدة السحارة بريف حلب الغربي. بينما خرجت مظاهرات بعد صلاة الجمعة وأخرى ليلية في 14 مدينة وبلدة ومخيماً بريفي حلب وإدلب. وطالب المتظاهرون بإطلاق سراح المعتقلين، واستعادة قرار الثورة، وانتفاض ثوار المحرر ضد القادة المرتبطين، والرد على جرائم النظام عبر فتح الجبهات، وشددوا على الثبات على الحراك وسلميته، حتى تحقيق كافة المطالب.

===

النظام التونسي يواصل تغوله على شباب حزب التحرير

خاطب المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس عبر بيان صحفي، الأربعاء الماضي، رئيس وأعضاء النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، مؤكدا أن شبابه ما انفكوا يتعرضون إلى حملة إيقافات وإحالات على المحاكم دون وجه قانوني، وإلى حدّ الآن لا يمر أسبوع دون أن تسجّل مكاتبنا إيقافات تعسفية لشباب الحزب، تمتد أحيانا إلى أكثر من أسبوعين وبمجرّد إحالتهم على القضاء يتم حفظ التهم المنسوبة إليهم. هذا وقد سجل فريق الدفاع عنهم العديد من الخروقات القانونية، أهمها: الاعتداء على خصوصياتهم الذاتية؛ حجز هواتفهم الجوالة والحصول عنوة على كلمة العبور ثمّ تصفّح صفحاتهم الشخصية، ومن ثم تكوين ملفّات قضايا واتهامات بشبهة الإرهاب وتمجيده بناءً على تدويناتهم أو مشاركتهم لحزب التحرير في المواقف الصادرة عنه رسميا… وعليه، وإن كنا نعاين متابعتكم التلقائية لجميع الانتهاكات الحقوقية الحاصلة في تونس قبل وبعد 25 تموز/يوليو، ندرك بأنكم على علم لكلّ ما تعرّض له الحزب وشبابه سواء من السلطة أو من أيتام التجمّع الدستوري الديمقراطي سابقا ولم تحركوا ساكنا، فإننا نذكركم بدوركم الأساسي الذي قامت عليه النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. ونحتج عليكم باستعمالكم مكاييل متعددة ومختلفة في دفاعكم عن حقوق الصحفيين والإعلاميين حسب مقاييس فكرية ومبدئية إقصائية ومتطرفة.

===

المصدر: جريدة الراية

جريدة الراية: هل نجحت السعودية في سحب الحوثيين لبيت طاعتها؟


جريدة الراية: هل نجحت السعودية في سحب الحوثيين لبيت طاعتها؟

  19 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 04 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

وصل إلى الرياض الأسبوع الماضي وفد المفاوضات الحوثي في أول زيارة علنية لهم منذ أن شن التحالف الذي تقوده السعودية تدخلاً عسكرياً في اليمن عام 2015م، وصل الوفد بصحبة الوسيط العماني، ثم غادر الرياض الثلاثاء عائداً إلى صنعاء بعد خمسة أيام من المفاوضات.

وعلى الرغم من التكتم الشديد والغموض الذي لا يزال يلف مجريات الجولة الحالية من النقاش الدائر بين الحركة الحوثية والمسؤولين السعوديين والعمانيين، إلاَّ أن ظهور قادة عسكريين إلى جانب كبير مفاوضي الحركة محمد عبد السلام خلال لقائهم بوزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان آل سعود قبل عودة هؤلاء إلى صنعاء للتشاور، يوحي بأن ترتيبات أمنية وعسكرية بين السعودية والحوثيين ربما يجري بحثها بجدية، إن لم يكن قد جرى التوصل إلى خطوطها الأساسية، وذلك لتأمين الحدود في جنوب السعودية، كهدف أمني أساسي للرياض، وكمقدمة تفضي إلى مرحلة تالية من العلاقة مع الحوثيين ضمن الكيان السياسي المأمول لليمن. حيث تركزت المحادثات على إعادة فتح الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء بشكل كامل، وعلى دفع رواتب الموظفين المنقطعة أكثر من ثمانية أعوام وجهود إعادة الإعمار، وعلى جدول زمني لخروج القوات الأجنبية من اليمن. وقد أكدت ذلك صحيفة الأخبار اللبنانية، عمن وصفتها بالمصادر الدبلوماسية، أن “السعودية بدأت بإجراء ترتيباتها، منذ أيام، لحفل توقيع إنهاء حالة الحرب في اليمن بشكل رسمي، والذي ستجري مراسمه في الرياض بحضور ممثلين عن المجلس الرئاسي ووفد جماعة الحوثيين المفاوض”. وإذا تم هذا الأمر فقد نجحت السعودية في خروجها من طرف في الحرب إلى وسيط، وهذا ما تسعى إليه لتتنصل عما يجب عليها من إعادة الإعمار وجبر الضرر الذي حدث على أهل اليمن. كما أشارت الصحيفة إلى أن المراسم ستتم أيضاً بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وأمريكا وبريطانيا وفرنسا ومجلس التعاون الخليجي، والأمين العام للجامعة العربية.

ويشمل الإعلان الذي أُطلق عليه إعلان الرياض، ما يلي:

– اتفاق وقف إطلاق النار.

– اتفاق صرف المرتبات، والتي ستصرف من النفط والغاز وموارد الموانئ. ما يعني أن السعودية لن تدفع المرتبات من خزينتها.

– فتح الطرقات.

– توسيع وجهات الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى خمسة مطارات أخرى.

– حل ملف الأسرى والمعتقلين المتعثّر وفق قاعدة الكل بالكل.

وبحسب الصحيفة، فإن “المصادر الدبلوماسية المطلعة على المباحثات تحدثت عن توجه سعودي أمريكي أممي، لترحيل عدد من الخلافات حول آليات التنفيذ إلى جولات قادمة، سيتولّى ترتيبها مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ”.

من كل ذلك يظهر أن السعودية قد ربحت جولة المباحثات برمتها، فقد أصبحت وسيطاً بين سلطتي صنعاء وعدن، وستُدفع المرتبات من موارد وثروات اليمن، وهي لن تتحمل أي مسؤولية حول ذلك. كما أنها نجحت في سحب الحوثيين إلى بيت الطاعة كما سحبت حكومة معين عبد الملك ومجلس العليمي الرئاسي من قبل، وذلك بجعل الحل السياسي في اليمن مربوطاً بها وبسياستها خدمةً لسيدتها أمريكا، ولعل في استحواذها على الحوثيين إنقاذاً لهم من سخط أهل اليمن المتزايدة حدته نتيجة الأوضاع المتردية لعدم صرف المرتبات وانعدام الخدمات الواجب على حكومة صنعاء تقديمها لمن هم تحت سلطتها، بالإضافة إلى الجبايات المتعددة كالجمارك والضرائب وإحياء ذكرى المناسبات الطائفية والاحتفالات التي لا تمت لرعاية الناس بصلة. كما نجحت السعودية في التحكم في الهدنة طويلة الأمد التي كان من نتائجها سلامة حدودها الجنوبية من العمليات العسكرية، وأراضيها ومنشآتها من أن تطالها صواريخ ومسيرات صنعاء.

والمتابع لتصريحات مسؤولي الحوثيين يجد ترحيبهم بما توصلوا إليه مع السعودية، فقد قال رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لجماعة الحوثيين مهدي المشاط في مقابلة متلفزة إنهم جاهزون لمعالجة أية مخاوف لدى السعودية بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء، وأن صنعاء لن تكون إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وكافة بلدان أمتها المسلمة، حسب تعبيره. وقال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين علي القحوم إن المفاوضات اتسمت بالجدية والإيجابية والتفاؤل في تجاوز العُقد في الملفات الإنسانية، مضيفا أنه ستكون هناك جولة جديدة من المفاوضات، ما يدل على تجاوب الحوثيين لهذه المحادثات، رغم العنتريات والتهديدات التي يطلقها مسؤولوهم للاستهلاك الإعلامي، ولإقناع أتباعهم وتهيئتهم لما هم قادمون عليه، وبالذات من كانوا يقاتلون معهم بإخلاص في الجبهات.

فإلى متى سيبقى بأس الأمة فيما بينها شديداً؟ وإلى متى ستبقى مسلوبة الإرادة والقرار السياسي، يتحكم فيها أعداؤها، ويفرضون عليها حلولهم التي لا تمت لعقيدتهم بصلة؟!

إن الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يعمل لها حزب التحرير هي القادرة وحدها حصراً وليس غيرها على الوقوف أمام الكفر ودوله وأنظمته، لتحرر الأمة من قيود وتبعية الكافر المستعمر، وجعلها أمةً واحدةً من دون الناس، لها نظامها القويم ونمط عيشها الفريد من لدن حكيم عليم خبير، فللعمل من أجل ذلك يدعوكم حزب التحرير ويشد على أيديكم. قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِیزِ الْحَكِیمِ لِیَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِینَ كَفَرُوا۟ أَوْ یَكْبِتَهُمْ فَیَنقَلِبُوا خَائِبِینَ﴾.

بقلم: الأستاذ عبد الله القاضي – ولاية اليمن

جريدة الراية: أمريكا مستمرة بتحقيق أهدافها من الحرب الروسية الأوكرانية


جريدة الراية: أمريكا مستمرة بتحقيق أهدافها من الحرب الروسية الأوكرانية

  19 من ربيع الاول 1445هـ   الموافق   الأربعاء, 04 تشرين الأول/أكتوبر 2023مـ

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية رسميا يوم 7 تموز/يوليو 2023 تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، ضمن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لدعم كييف والتي شارفت تكاليف هذا الدعم على 43 مليار دولار حتى الآن، بتدرج واضح في نوعية الأسلحة والذخائر المقدمة بما يخدم الأهداف الأمريكية المرجوة من هذا الغزو، والذي يتطلب زيادة أمد الحرب، وزيادة غرق روسيا في المستنقع الأوكراني الذي جرتها إليه أمريكا منذ البداية، في سعيها لإضعاف روسيا وكسر هيبتها كقوة عالمية ذات أثر، والعمل على إخضاعها لإرادتها لتكون طوع بنانها تنفذ ما تمليه عليها خدمة لمصالحها في مختلف دول العالم.

فبعد ظهور غباء روسيا في قبولها خدمة مصالح أمريكا في سوريا وغيرها من الدول الأفريقية، ارتأت أمريكا أن تجعلها الجندي الذي يحقق مصالحها دون أن تلوث يدها أو أن تتحمل نقمات الشعوب من تدخلها، هذا التدخل أشعر روسيا بأنها قوة قادرة على مزاحمة أمريكا، وانجرت إلى المستنقع الأوكراني المعد مسبقاً لإغراقها، كما أفاد الرئيس الأوكراني قبل بدء المعارك من أن أمريكا تدفع بنشوب هذه الحرب، وكان ظن الرئيس الروسي أن هذه المعركة ستستغرق عدة أيام تتم فيها الإطاحة بالنظام الأوكراني وتنصيب نظام تابع لروسيا. فاندفع وبغباء سياسي كبير وأعلن بدء الزحف الروسي نحو كييف، لتتكبد قواته في الأيام الأولى خسائر كبيرة في المعدات العسكرية والقوة البشرية، وليظهر ضعفها الواضح في كافة المجالات العسكرية من حيث الإعداد والتنظيم والدعم اللوجستي والاستخباراتي، ولتصطدم بالثبات الأوكراني والمهيأ مسبقاً من أمريكا.

وبفشل الهجوم الروسي انتقلت أمريكا ومعها الدول الأوروبية لزيادة إرسال المعدات العسكرية لأوكرانيا والتخطيط لهجوم أوكراني مضاد يجبر القوات الروسية على الانسحاب من المناطق التي احتلتها بما فيها القرم، وكانت كمية ونوعية الأسلحة المقدمة تتم وفق ما يخدم أهداف أمريكا، ويؤكد ذلك ما صرح به مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في أيار الماضي بقوله: “نهجنا في توفير الأسلحة والعتاد والتدريب للأوكرانيين هو حسب مقتضيات الصراع”.

فأمريكا سعت لضرب عصافير عدة بحجر واحد؛ أولها إضعاف روسيا وكسر هيبتها وجعلها طوع بنانها، وثانيها إبقاء هيمنة أمريكا على أوروبا وإنعاش حلف الناتو، ومنع الدول الأوروبية من الانعتاق من الهيمنة الأمريكية، فاندفعت الدول الأوروبية مجبرة على تزويد أوكرانيا بالمعدات والذخائر العسكرية وزيادة ميزانياتها العسكرية وفق الرغبة الأمريكية، وثالث هذه العصافير إرعاب الصين من أي عمل متهور تجاه تايوان، والاستمرار في احتوائها، ومنع أي تطلع للصين لتزاحم أمريكا على المدى المتوسط والبعيد. فأمريكا لا يهمها حجم الدمار ولا سفك الدماء ما دام استمرار المعارك يخدم مخططاتها ويتماشى مع أهدافها.

ومع زيادة ظهور ضعف روسيا وغرقها أكثر وأكثر، والذي كان واضحاً من التمرد الذي قاده زعيم مجموعة فاغنر، ومع وصول الطائرات المسيرة الأوكرانية لمحيط الكرملين، نقلت أمريكا أوكرانيا من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم المضاد ضد القوات الروسية لكسر ما بقي لها من هيبة، إلا أن هجوم أوكرانيا المضاد لم يجر كما يشتهي المخططون الغربيون، فكان بطيئاً جداً ولم يظهر أي تقدم لأوكرانيا، واستنفد معظم معداتها وذخائرها، ما دفع بالرئيس الأمريكي للإعلان عن استمرار التزام أمريكا بدعم أوكرانيا وتزويدها بالقنابل العنقودية، بعد تزويدها بالعديد من الأسلحة الغربية كالصواريخ والمسيرات والمدافع والدبابات، كدبابات ليوبارد الألمانية، مع ما يرافق ذلك من تهويل إعلامي كبير والإيحاء بأن هذه المعدات ستقلب الأحداث.

وبالنظر إلى القنابل العنقودية نجد أنها ليست من الأسلحة الاستراتيجية التي يمكن أن تقلب الأحداث، فهي عبارة عن قنابل صغيرة يصل عددها تقريبا إلى 600، توجد في حاوية أو صواريخ تفتح بالهواء بعد الإطلاق، لتنتشر على مساحة واسعة، وهي غير دقيقة وتصل نسبة ما لا ينفجر منها إلى حوالي 40%، ما يشكل خطراً بالغاً على المدنيين؛ لأنها تنفجر لاحقاً بمجرد لمسها أو تحريكها، والغاية من ذلك تعطيل أي تقدم روسي محتمل نحو أوكرانيا بعد ظهور البطء وشبه الفشل بالهجوم الأوكراني المضاد. ولقد تم اختيار هذا النوع من القنابل مع وجود عدد كبير من الدول تمنع استخدامه وفق اتفاق أوسلو 2008 والموقع من 120 دولة، لتكدس المخازن الأمريكية بها منذ غزو أمريكا لأفغانستان والعراق، فهي من جهة تتخلص من هذا المخزون القديم وتنعش مصانع السلاح في أمريكا، ومن جهة أخرى تعمل على إطالة أمد المعارك تنفيذاً لما خططت له مسبقاً دون اعتبار لبشر أو حجر، ودون اعتبار لما قد ينتج عن هذه الأسلحة من تلوثات إشعاعية ما دام أن المتضرر هي روسيا أو أوكرانيا أو حتى بعض الدول الأوروبية.

إن أمريكا مستمرة في تحقيق أهدافها المرسومة لهذه الحرب واستمرارها، يساعدها على ذلك ضعف وخوف روسيا من استخدام أسلحة متقدمة نحو أوكرانيا قد يدفع إلى دخولها في مواجهة مباشرة مع حلف الناتو لا تقوى على الصمود أمامه، وكذلك الضعف والخوف الأوروبي من أي تقدم لروسيا نحو الغرب، ما يبقي دوله بحاجة للمظلة الأمريكية.

هذه هي أمريكا وهذا هو النظام الرأسمالي؛ القوي فيه يأكل الضعيف، يَصدُقُ فيهم قولُ الله تعالى: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾. وسيبقى العالم يكتوي بنار ظلمهم حتى يأذن الله بإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة التي بدأت خيوط فجرها تبدد ظلمة الرأسمالية الفاسدة وجورها، وما ذلك على الله بعزيز.

بقلم: د. عبد الله ناصر – ولاية الأردن