جريدة الراية: جواب سؤال: التوتر الأمريكي الصيني حول تايوان


جريدة الراية: جواب سؤال: التوتر الأمريكي الصيني حول تايوان

  4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

السؤال: ماذا وراء التوتر الأمريكي الصيني حول تايوان؟ وما هي دوافع هذا التوتر؟ ولماذا الاستفزاز الأمريكي للصين بزيارة رئيسة الكونغرس وأعضاء آخرين إلى تايوان؟ وما هي أهمية الجزيرة لكل من الصين وأمريكا؟ وهل تسير الأمور باتجاه الحرب أم باتجاه التهدئة؟

الجواب: حتى تتضح حقيقة هذا التوتر المتزايد حول تايوان ودوافعه، ثم الاستفزازات، فلا بد من التذكير ببعض الحقائق ذات العلاقة:

أولاً: تعتبر أمريكا أن الصين باتت منافسها الأول دولياً، فالاقتصاد الصيني كبير للغاية وينمو بأسرع من نمو الاقتصاد الأمريكي ما يهدد بأن تحتل الصين مكانة الاقتصاد رقم 1 في العالم بعد سنوات غير بعيدة، وهذه القوة الاقتصادية في الصين آخذة في التحول إلى قوة عسكرية إذ يزيد إنفاق الصين العسكري عاماً بعد عام وتتطور معه قدرات الجيش الصيني التقليدية والنووية، وتتطور معه طموحات الصين السياسية ومن ذلك مشروع “طريق الحرير” الذي يجعل للصين نفوذاً سياسياً واقتصادياً في عدد من البلدان، خاصة في آسيا. وهذا كله لا يروق لأمريكا التي أعلنت حرباً تجارية على الصين، وأخذت تبني تحالفات عسكرية في آسيا لمناهضتها، ومنع صعودها.

ثانياً: وأما تايوان، فهي جزيرة كبيرة مساحتها 36 ألف كلم مربع ويسكنها 24 مليون نسمة وذات اقتصاد متقدم يجعلها “الدولة” رقم 26 اقتصادياً في العالم وتشتهر بصناعة الشرائح الإلكترونية، وبهذا فإنها دولة مكتملة الأركان وفق معايير الدول اليوم إلا أن تاريخها وكون سكانها من الصينيين وأنها لا تبعد عن البر الصيني إلا 140 كلم يجعل الصين تنظر إليها باعتبارها إقليماً متمرداً، فإن تاريخها السياسي يجعل من علاقاتها مع الصين صفحة بالغة السخونة، وذلك أنه بعد سيطرة الحزب الشيوعي على مقاليد الحكم في بر الصين الرئيسي سنة 1949 فإن حكام الصين المنهزمين (الحزب الوطني الصيني-الكوميتاج) قد انتقلوا إلى تايوان وكانت تابعة لحكمهم في ذلك الوقت وهاجر معهم مليونا صيني من أعداء الحزب الشيوعي وأسسوا العاصمة تايبيه، وهكذا فإن حكام الصين السابقين (قبل سيطرة الشيوعيين على الحكم) قد ظلوا يحتفظون بجزيرة تايوان تحت حكمهم وساعدتهم في ذلك المظلة العسكرية الأمريكية الممدودة لهم، فوقعت أمريكا اتفاقية دفاع مشترك مع تايوان سنة 1955 باعتبارها “جمهورية الصين” لأن أمريكا لم تكن وقتها تعترف بالصين الشعبية التي يحكمها الحزب الشيوعي الصيني، وقد تدخلت أمريكا مراراً للدفاع عن تايوان وأعطتها مقعد الصين الدائم في مجلس الأمن الدولي.

ثالثاً: إلا أن أمريكا وبعد تفاهماتها مع بكين قد وافقت على نقل مقعد الصين في الأمم المتحدة لبكين، أي للحزب الشيوعي الصيني، وطردت تايوان من الأمم المتحدة، وأعلنت منذ ذلك الوقت بأنها تدعم سياسة صين واحدة، أي أنها لا تعترف باستقلال تايوان ولكنها أبقت على اتفاقية الدفاع معها لمنع الصين من ضمها. وهذا كله قد جعل أمريكا عنصراً فاعلاً في المسألة التايوانية لما يزيد عن سبعين عاماً، وهي اليوم تعاملها معاملة الدولة المستقلة دون أن تعترف باستقلالها رسمياً، وتقيم معها العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية والعسكرية، بالإضافة إلى حماية الأساطيل الأمريكية لها، ولها معهد يقوم بأعمال السفارة الفعلية في تايبيه وإن لم يسم رسمياً بالسفارة.

رابعاً: هذا ما كان عبر تاريخ ولادة تايوان ككيان سياسي منفصل عن الكيان الصيني، وأما اليوم فقد تنامت قوة الصين بشكل كبير، وأصبحت دولةً مرموقة على الساحة الدولية، وصار لها نفوذ معتبر في آسيا لا سيما النفوذ الاقتصادي، إلا أن عدم قدرتها على حل مسألة تايوان باعتبارها إقليماً متمرداً تمثل نقطة ضعف كبيرة لها، وإذا كانت الصين سابقاً ولا تزال لا تخشى قوة تايوان العسكرية وتثق بالتأكيد بقدرتها على إعادة الجزيرة لحضنها بالقوة إلا أنها كانت وما تزال تخشى الحرب مع أمريكا بسبب تايوان، وهذا ظاهر جلي في الأزمة الحالية التي تظهر فيها أمريكا حزماً ضد الصين، فإن الصين دولياً قد اكتفت بعدم اعتراف الدول العالمية باستقلال تايوان، تلك السياسة المعروفة والمتفق عليها مع أمريكا بعنوان “صين واحدة”، كل ذلك على الرغم من أن تلك الدول وعلى رأسها أمريكا تعامل تايوان وكأنها دولة مستقلة، وبالمجمل فإن الصين لم تثر حول تايوان أي أزمات معتبرة من شأنها عرقلة علاقات الصين التجارية مع العالم.

خامساً: اتخذت أمريكا من تايوان ساحةً لاستفزاز الصين وإهانتها وإظهار ضعفها إن هي قبلت بالاستفزاز الأمريكي، وأما إن رفضت الصين ذلك الاستفزاز الأمريكي وأخذت تذود عن نفسها فإن تايوان تصير مستنقعاً بكامل الأوصاف تتورط به الصين، بمعنى وضع الصين بين خيارين أحلاهما مر، وهذا ما هو حاصل اليوم في أزمة تايوان. فمن دون أي سبب وجيه أعلنت أمريكا نية رئيسة الكونغرس الأمريكي نانسي بيلوسي زيارة تايوان، وكان الموعد المتوقع 2022/8/3، فاشتاطت الصين غضباً وحذرت أمريكا بأنها ستدفع الثمن إن قامت بيلوسي بزيارة تايوان: (حذرت بكين، من أن الطائرات التي ستنتهك حظر الطيران في مجال تايوان الجوي قد يتم إسقاطها. موقع صحيفة الشروق، 2022/8/2)، لكن أمريكا زادت في الاستفزاز، فقامت بيلوسي بتنفيذ الزيارة على متن طائرة عسكرية أمريكية وبمرافقة 13 طائرة عسكرية أخرى أقلعت من قاعدتها العسكرية باليابان متحدية بذلك ردود التهديد الصادرة من الصين.

سادساً: أعلنت الصين عن بداية مناورات عسكرية ضخمة في مضيق تايوان تشمل إطلاق صواريخ وطالبت أمريكا بالالتزام بسياسة “صين واحدة” المتفق عليها بين الجانبين منذ 1971. وكادت صفحة زيارة “بيلوسي” أن تطوى لولا النوايا الأمريكية بمزيد من الاستفزاز، ذلك الاستفزاز الذي ظهر بزيارة لاحقة أخرى قام بها وفد آخر من الكونغرس الأمريكي لإظهار عزيمة أمريكا على تحدي الصين، (وصل وفد من الكونغرس الأمريكي إلى تايوان، الأحد 14 أغسطس (آب)، وفق ما أعلن معهد يُعدّ بمثابة سفارة لواشنطن في تايبيه، بعد أيام على إجراء الصين مناورات عسكرية في محيط الجزيرة رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي. إندبندنت عربي، 2022/8/14) فردت الصين بإطلاق مناورات عسكرية جديدة في المضيق وأعلنت أمريكا عن تنفيذ بحريتها وسلاحها الجوي عمليات عبور في مضيق تايوان لتأكيد حرية الملاحة فيه، وأخذت تايوان تبرز بعض الأنياب وتجري هي الأخرى مناورات عسكرية تحاكي صد هجوم صيني عليها. وهكذا اشتعلت أزمة تايوان بين أمريكا والصين، ويمكن إجمال ذلك كما يلي:

1- فالصين غاضبة وتجهز نفسها لاحتمال الحرب، (وقالت وزارة الدفاع الصينية، في بيان منفصل، إن زيارة النواب الأمريكيين تمثل انتهاكاً لسيادة الصين ووحدة أراضيها، و”تكشف بشكل كامل الوجه الحقيقي للولايات المتحدة كمفسد للسلام والاستقرار في مضيق تايوان”. وأضافت أن “جيش التحرير الشعبي الصيني يواصل التدريب والاستعداد للحرب، ويدافع بحزم عن السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، وسيسحق بقوة أي شكل من أشكال نزعة استقلال تايوان الانفصالية والتدخل الأجنبي” إندبندنت عربي، 2022/8/16)

2- وأما أمريكا فتستمر في الاستفزاز وحشد الأحلاف والتحريض شبه الساخن ضد الصين، (أكد نائب الأدميرال في الأسطول الأمريكي السابع كارل توماس، الثلاثاء 16 أغسطس (آب)، خلال اجتماع في سنغافورة، أن قرار الصين إطلاق صواريخ فوق تايوان يجب أن يواجه اعتراضاً باعتباره “غير مسؤول”، إندبندنت عربي، 2022/8/16) وقام بتحريض دول آسيا على الصين قائلاً وفق المصدر نفسه: (“إذا لم تواجهوها… يمكن أن تصبح، على حين غرة، مثل الجزر في بحر الصين الجنوبي (التي) أصبحت الآن مواقع عسكرية”.). وكان الرئيس الأمريكي قد أجاب بوضوح قبل ذلك بأن أمريكا ستحارب إلى جانب تايوان إذا ما غزتها الصين، (حذر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من أن الصين “تلعب بالنار” في مسألة تايوان، وتعهد بالتدخل عسكريا لحماية الجزيرة إذا تعرضت لهجوم…، وردا على سؤال مباشر عما إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان عسكريا إذا غزتها الصين، بينما لم تفعل ذلك في غزو أوكرانيا، أجاب بايدن: “نعم… إنه التزام قطعناه على أنفسنا”. بي بي سي، 2022/5/23). وبهذه الدرجة العالية من الاستفزاز الأمريكي للصين في تايوان وإظهار الصين لقوتها العسكرية حول تايوان، وما يصاحب ذلك من تهديدات وجلب أمريكا لبوارجها وطائراتها إلى المضيق نفسه وما يصاحب ذلك من تحدٍّ للصين على باب دارها، فإن هذه الأزمة تعتبر خطيرة للغاية لأن أمريكا هي من يدفع بها لمزيد من التأزيم، وهي تحشد جيوشها منذ سنوات في آسيا لاحتمال مواجهة عسكرية مع الصين، لذلك سارعت أمريكا في خطواتها لبناء تحالفات عسكرية جديدة ضد الصين مثل تحالف “أوكس” مع أستراليا وبريطانيا وتعزيز القائم منها مثل تحالف “كواد” مع اليابان والهند وأستراليا، أي أن أمريكا تجرب التهديد العسكري بجانب التهديد الاقتصادي على اعتبار الأول أكثر فعالية من الثاني.

3- ويبدو أن الصين باتت تدرك أن هذه الخطط متعلقة بسياسة أمريكا الكبرى لاحتواء الصين وليست المسألة خاصة بتايوان، لذلك تراها تظهر قدرتها العسكرية، فقد جاء في بيان صادر عن القيادة الشرقية للجيش الصيني أن (“جيش التحرير الشعبي الصيني نظم في الـ 15 من أغسطس دورية للتأهب لمعارك مسلحة متعددة القوات، ومناورات قتالية في البحر والمجال الجوي حول تايوان”. إندبندنت عربي، 2022/8/14)، وكذلك (فقد قال الجيش الصيني إنه أجرى اليوم مناورات قرب تايوان لتشكيل ما وصفه برادع جدي لواشنطن وتايبيه “اللتين تواصلان لعب الحيل السياسية وتقويض السلام والاستقرار” عبر مضيق تايوان. وأوضحت القيادة الشرقية للجيش الصيني أن جيش التحرير الشعبي نظم مناورات قتالية بالذخيرة الحية في البحر والمجال الجوي حول تايوان. وفي الإطار نفسه، قالت وزارة الدفاع الصينية إن قواتها تواصل التدرب والاستعداد للحرب والدفاع بحزم عن السيادة الوطنية، وسحق أي شكل من أشكال استقلال تايوان ومحاولات التدخل الخارجية. وحذرت الوزارة الولايات المتحدة والحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايبيه من أن استخدام تايوان لاحتواء الصين مصيره الفشل. الجزيرة نت، 2022/8/15). وكذلك أرسلت الصين 2022/8/17 بعض قواتها إلى روسيا للقيام بتدريبات مشتركة مع الجيش الروسي، وكأنها تهدد أمريكا وتوحي لها بأن روسيا تقف إلى جانب الصين في أزمة تايوان.

سابعاً: هذه هي أبعاد أزمة تايوان التي تصنعها أمريكا وتريد من خلالها إخضاع الصين، ومما يجدر التنبيه إليه أربع مسائل ذات علاقة:

1- فيما باتت أمريكا تخشى الحروب الاقتصادية مع الصين بسبب قوة الاقتصاد الصيني فإن فارق القوة العسكرية الكبير بين أمريكا والصين يجعل الأولى لا تخشى المواجهة العسكرية مع الصين، لذلك فإن هذا التأزيم الأمريكي لقضية تايوان يجب أن ينظر إليه باعتباره أوضح السياسات الأمريكية وأشدها لنقل ميدان الصراع مع الصين من الاقتصاد إلى ملعب القوة العسكرية التي تتفوق فيها أمريكا على الصين بشكل شبه حاسم، ولعل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا ينفي أي احتمال لدعم عسكري روسي للصين في حال نشوب الحرب حول تايوان، تلك الحرب البعيدة كل البعد عن أي احتمالات نووية.

2- إذا ما نجحت أمريكا في توريط الصين بحرب في تايوان، وقامت بعد ذلك مع حلفائها بفرض العقوبات الاقتصادية عليها على غرار تلك التي فرضت على روسيا فإن عظمة الصين والمتمثلة بالاقتصاد ستكون محل تهديد كبير للغاية قد يحقق لأمريكا ما تصبو إليه من احتواء القوة الصينية، وهذه العقوبات المتوقعة ضد الصين في حال اندفعت لغزو تايوان تتراءى لأمريكا عظيمة التأثير وبشكل موجع للغاية على طبقة من كبار أغنياء الصين، وهم أعضاء كبار في الحزب الشيوعي الحاكم، وهذه الطبقة المؤثرة في حال تضرر مصالحها لتلك الدرجة العميقة ستعمل عمل الطابور الخامس من داخل الحزب الشيوعي الصيني باتجاه التوافق مع أمريكا!

3- وبكل ما ذكر فإنه يتضح بأن التأزيم حول تايوان مصدره أمريكا وأنه يسير في الاتجاه التصاعدي، ويتضح أيضاً بأن انشغال أمريكا بالحرب في أوكرانيا لا يمنعها من زيادة التصعيد مع الصين، ولمزيد من التدليل على ذلك فقد ردت أمريكا على بولندا حين عرضت عليها تزويد أوكرانيا بطائرات ميغ سوفييتية الصنع وطالبت بولندا حينها بأن يكون ذلك مقابل تزويد أمريكا لبولندا بطائرات “إف 16” قالت أمريكا بأن مصانع الطائرات الأمريكية تعمل لتزويد تايوان بالطائرات المقاتلة، بمعنى أن الحرب في أوكرانيا لم تُعم عين أمريكا عن الصين. هذه هي أزمة تايوان الحالية وتلك كانت دوافعها.

4- أما أن تقود هذه الأزمة إلى الحرب أو التهدئة فإن الأرجح أن يكون المقصود منها إشغال الصين بأزمة على باب دارها، فيمنعها ذلك من دعم روسيا في حربها على أوكرانيا، وهكذا توجِد أمريكا أزمة لروسيا في أوكرانيا وأزمة للصين في تايوان، ويخلو الجو لأمريكا في إضعاف الجانبين، هذا إذا لم تدرك روسيا والصين مدى خطورة المستنقع الذي أعدته أمريكا لهما في تسخين الأزمتين في أوكرانيا وتايوان! ونقول هذا هو الأرجح لأن احتمال الحرب أو على الأقل المناوشات العسكرية، هو احتمال وارد لأن أي خطأ غير محسوب في هذه الحالة من تقارب الجيوش وتصاعد الاستفزازات يجعل هذا الاحتمال وارداً.

ثامناً: والخلاصة هي أن هذا العالم تسوده هذه الأيام دول (كبرى) لا تقيم وزنا للعدل والخير بل يغلفها الظلم والشر من سمت رأسها إلى أخمص قدمها.. فهي دول إذا اقتضت مصالحها إهلاك الحرث والنسل فعلت، وإذا اقتضت رغباتها سفك الدماء فساداً وإفساداً سفكت.. فكأن الواقع القديم قد عاد بفُرسه ورومه “الدول الكبرى” آنذاك، وكما زالت تلك بسواعد المؤمنين فكذلك ستزول الدول الكبرى اليوم بسواعد المؤمنين، وتشرق الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من جديد بإذن الله، وتنشر الخير في ربوع العالم: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾.

الخامس والعشرون من محرم 1444هـ

2022/8/23م

المصدر: جريدة الراية

جريدة الراية: جواب سؤال: الانتخابات الرئاسية في كينيا


جريدة الراية: جواب سؤال: الانتخابات الرئاسية في كينيا

  4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

السؤال: (قدم زعيم المعارضة الكينية اودينقا الاثنين: “2022/8/22” طعناً رسمياً أمام المحكمة العليا على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها منافسه ويليام روتو نائب الرئيس المنتهية ولايته وذكرت وكالة اسوشيتد بريس أن اودينقا سلم صباح اليوم أوراق الاعتراض إلى المحكمة العليا التي يتوجب عليها الرد خلال 14 يوما حسب القانون… 2022/08/22، وكالة الأناضول). وكان قد أعلن يوم 2022/8/15 عن فوز وليام روتو على خصمه أودينغا بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية التي جرت في كينيا يوم 2022/8/9… وفي هذه الحملة الانتخابية بدا الرئيس السابق كينياتا معارضا لنائبه وليام روتو، ومؤيدا لخصمه زعيم المعارضة أودينغا بعدما جرت المصالحة بينهما. فهل كانت هذه لعبة من كينياتا ليظهر أنه مؤيد لخصمه أودينغا ومعارض لنائبه روتو حتى يؤمِّن فوز نائبه ضد خصمه؟ وما سر تحركات أمريكا تجاه كينيا؟ وهل هناك صراع بينها وبين بريطانيا؟

الجواب: لتوضيح الجواب على التساؤلات أعلاه نستعرض الأمور التالية:

1- إن اهتمامنا بكينيا هو باعتبارها جزءاً من منطقة القرن الأفريقي التي تعتبر منطقة إسلامية ذات أهمية استراتيجية واقتصادية، فأكثرية أهل المنطقة من المسلمين وكانت تحكم بالإسلام، وهي بلدان مرتبطة بعضها ببعض فأكثرها وقع تحت نير الاستعمار البريطاني. وكانت كينيا مرتبطة بسلطان زنجبار المسلم إلى أن وقعت تحت حكم الاستعمار البريطاني نهاية القرن التاسع عشر. ورغم نيل كينيا الاستقلال منذ نهاية عام 1963 إلا أنه شكلي، حيث تظهر تابعيتها لبريطانيا بواسطة العملاء، فتعاقب على حكمها عملاء تابعون لبريطانيا من جومو كينياتا منذ الاستقلال الشكلي حتى عام 1978 إلى دانيال أراب موي حتى عام 2002، إلى مواي كيباكي حتى عام 2013، إلى أن وصل الأمر إلى أوهورتو كينياتا ابن الرئيس الأول جومو كينياتا. وفاز مرة أخرى في انتخابات عام 2017. فبريطانيا تصنع العملاء على عين بصيرة من الآباء إلى الأبناء وعلى أيدي الحكام العملاء الذين لا يمكِّنون أحدا إلا إذا كان عميلا على شاكلتهم ومن جنس تابعيتهم وولائهم للمستعمر نفسه.. 

2- لقد تمكنت أمريكا من كسب عملاء من المعارضة، وخاصة أودينغا الذي تعتبر قبيلته القبيلة الثالثة في البلد، ولهذا بدأت تشهد البلاد صراعا استعماريا سياسيا يأخذ طابعا قبليا. وأحزابها تعتبر قبلية، وتنال تأييدها من أتباع قبيلتها عموما، فالانتماء القبلي هو الرابط بين أعضاء الحزب الواحد. فكلما جرت فيها انتخابات سالت فيها الدماء احتجاجا على نتائجها تعصبا لابن القبيلة. ووليام روتو الرئيس الجديد الذي أعلن عن فوزه في الانتخابات الأخيرة ينتمي إلى قبائل الكالينجين التي ينتمي إليها الرئيس السابق دانيال أراب موي، ويتفاخر روتو بأنه تتلمذ على يد هذا الرئيس السابق حيث انتمى إلى حزبه منذ عام 1992.

3- أعلن عن النتائج الرسمية بفوز روتو بهامش ضئيل حيث حصل على 50,5% بينما حصل أودينغا على 48,8% من أصوات الناخبين. ويلاحظ أن هناك انقساما في لجنة الانتخابات العليا، فقال رئيس المفوضية للانتخابات وافولا تشيبوكاتي: “لقد قطعنا الرحلة التي تضمن حصول الكينيين على انتخابات حرة ونزيهة ذات مصداقية، ولم تكن رحلة سهلة” بينما قالت نائبته جوليانا تشيريرا “لا يمكننا تبني النتائج التي سيتم الإعلان عنها بسبب الطبيعة غير الشفافة لهذه المرحلة الأخيرة من الانتخابات العامة” (بي بي سي 2022/8/15). وقد رفض أربعة من الأعضاء السبعة للجنة الانتخابية نفسها الاعتراف بهذه النتائج ما يثير الشكوك بحصول التزوير. وقد خرجت مظاهرات تحتج على النتائج. وقال أودينغا: “لتجنب الشك، أود أكرر أننا نرفض رفضا تاما ودون تحفظات النتائج الرئاسية التي أعلنها أمس السيد تشيبوكاتي” (الأناضول 2022/8/16) وقد تقدم إلى المحكمة العليا بالطعن رسميا أمام المحكمة العليا. فذكرت وكالة أسوشييتد برس الأمريكية أن “أودينغا سلم صباح اليوم (يوم 2022/8/22) أوراق الاعتراض إلى المحكمة العليا التي يتوجب عليها الرد خلال 14 يوما حسب القانون”. وإذا قبلت المحكمة الطعن فستعاد الانتخابات خلال 60 يوما حسب القانون، وهذا غير مستبعد حتى يتم إسكات المعارضة لأن الفارق ضئيل جدا بين الطرفين ولأن لجنة الانتخابات منقسمة، وحتى لا تحصل أعمال عنف واضطرابات لا تحمد عقباها، فتجعل لدى المعارضة الأمل في كسب جولة الإعادة إذا تم الإعلان عن ذلك أو يتم الاتفاق على صيغة تصالحية بين الطرفين بأن تُعطى لأودينغا رئاسة الوزراء بعد استحداثها مرة أخرى!

4- فكما هو معتاد، فإن المعارضة تدّعي تزوير الانتخابات عندما تخسرها، وخاصة في كينيا عندما تكون هذه المعارضة أمريكية والفائز فيها من عملاء الإنجليز، وكذلك يحدث العكس في بلاد أخرى يسيطر عليها عملاء الأمريكان. لأن كل فريق يريد الفوز بأية طريقة ويستخدم نفوذه عندما يكون في الحكم. وقد حصل في انتخابات عام 2007 أن ادّعى كل طرف كسب الانتخابات، فبدأت الاشتباكات بين طرفي الصراع فسالت الدماء وقتل نحو 1200 شخص وشرد مئات الآلاف من مناطق سكناهم بسبب الهجمات القبلية. ولكن في هذه الحال فإن الدهاء الإنجليزي لعب دورا لوقف المعارضة، فنصب فخا بإعطاء أودينغا منصب رئيس الوزراء وبقي كيباكي رئيسا للدولة، بيده كافة الصلاحيات، ووضع عراقيل في ممارسة صلاحيات رئيس الوزراء. ولكن كينياتا الذي أعلن عن فوزه في انتخابات 2013 قام وألغى منصب رئيس الوزراء ليتفرد بالسلطة. وفي انتخابات 2017 حدث أن ادّعت المعارضة التزوير وطالبت المحكمة العليا بإعادة الانتخابات فأعيدت الانتخابات في تشرين الأول/أكتوبر 2017 وقاطعتها المعارضة وأعلن عن فوز كينياتا ونائبه وليام روتو. مع العلم أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تدخل في الأمر باعتباره من أصول كينية! ودعا إلى الهدوء وقبول نتائج الانتخابات، لأنه كان يعرف أنه لو جرت الانتخابات فسوف يفوز فيها عملاء الإنجليز مرة أخرى، لأنهم ما زالوا متحكمين في الدولة، ولهذا أراد أن تكون له منَّة على حكام كينيا حتى يصبح تأثيره عليهم أقوى وبذلك يعزز نفوذ أمريكا في كينيا ويمارس الضغوطات حتى يتمكن عملاؤها في المستقبل من الوصول إلى الحكم. ولكن بريطانيا بعملائها تراوغ في كل مرة حتى تحافظ على نفوذها المهدد في كينيا، فتحايل عميلها كينياتا كأنه يوادّ عميل أمريكا أودينغا وجعلت عميلها روتو يفوز.

5- إنها المرة الخامسة التي يعلن رايلا أودينغا عن ترشحه للانتخابات الرئاسية ويخوضها ويخسر فيها. وقد رشح نفسه سابقا أربع مرات عام 1997 و2007 و2013 و2017 ولكن عملاء الإنجليز المسيطرين على الساحة السياسية في كينيا لم يمكنوه من الفوز. وكان يأمل أن يخلف أوهورو كينياتا التي انتهت فترتاه الرئاسيتان ولا يمكنه الترشح لولاية ثالثة بناء على الدستور. وقد قام أودينغا وصالح كينياتا بعدما صافحه في 9 آذار 2018 بعد أشهر من الصدامات الدامية بين أنصارهما وعدم اعترافه بفوز كينياتا وإعلان نفسه رئيسا لكينيا وبهذه المصافحة أعلنا عن نهاية الانقسامات بينهما والاعتراف برئاسة كينياتا. وقد أثنى أودينغا على كينياتا لما “يتمتع به من شعور بالوطنية في بدء الحوار الذي أدى إلى المصافحة”. وظن البعض أنهما قد توصلا إلى صفقة اتفاق ينص على أن يخلف أودينغا كينياتا أو أن أودينغا تحول لعمالة الإنجليز! ولكن كينياتا وعملاء الإنجليز لم ينخدعوا بهذه المصالحة، بل سخروها لحسابهم. لقد لعب كينياتا لعبة أثناء الحملة الانتخابية بأن أظهر أنه يؤيد أودينغا قائلا “إن روتو لا يستحق تولي أرفع منصب في البلاد ولا ينبغي توليه” فرد روتو قائلا: “إن كنياتا يريد أن يخلفه أودينغا لأنه يرغب في رئيس دمية” (بي سي سي 2022/8/16)

6- ومن المعلوم أن حزب روتو اندمج مع حزب كينياتا عندما اتفقا عام 2012. ومن ثم توسع حزبهما الحزب الحاكم حزب اليوبيل ليتشكل من اندماج 11 حزبا في 2016/9/8 ليخوض انتخابات عام 2017 وترأسه كينياتا بعدما كان تحالفا سياسيا عام 2013 لدعم كينياتا في حملته الانتخابية. وروتو كان حليفا ونائبا له في الفترتين، وكان من مؤيدي عميل الإنجليز العريق الرئيس السابق دانيال أراب موي وكان يحشد الشباب من أجل تأييده، فنال رضاه وبدأ بترفيعه في مناصب حكومية. وقد شغل مناصب وزارية كوزير الداخلية ووزير الزراعة ووزير التعليم العالي. واتهمته الجنائية الدولية مع كينياتا بارتكاب جرائم عامي 2007 و2008 وقد برأتهما المحكمة التي تتحكم فيها أوروبا، فبرأت كينياتا عام 2014 وبرأت روتو عام 2016 ليخوضا معا انتخابات عام 2017 ويعلنا فوزهما فيها، كينياتا رئيسا وروتو نائبا له. ولهذا فإن روتو من عملاء الإنجليز العريقين فلا يظن أنه سيُستغنى عنه بهذه السهولة ويستبدل به أودينغا عميل أمريكا وفق ذلك الاتفاق إلا أن تكون خديعة مدبرة من دهاء الإنجليز!

7- قام كينياتا بزيارة لبريطانيا ما بين يومي 26-2021/7/29 واجتمع مع رئيس وزرائها جونسون وأعلن عن أن هدف الزيارة “تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين كينيا وبريطانيا” ووقع الطرفان اتفاقية تعاون دفاعي جديدة لمدة خمس سنوات. وأعلن عن أن الاتفاقية تهدف “إلى تعزيز وتقوية التعاون بين البلدين في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة في شرق أفريقيا” (بي بي سي البريطانية). ولم تفعل بريطانيا كما فعلت أمريكا وأثارت موضوع وثائق باندورا وقضايا حقوق الإنسان وقضايا الفساد عند زيارة كينياتا لها، لم تفعل ذلك بسبب ولائه وتابعيته لها! علما أن لبريطانيا قاعدتين عسكريتين في كينيا بموجب اتفاقية بين البلدين، إحداهما قريبة من نيروبي العاصمة الكينية، ومهمتها المساعدة في استقرار الحكم في كينيا لصالح النفوذ البريطاني والتحرك منها إلى مناطق أخرى لحماية هذا النفوذ، والأخرى في شمال كينيا ومهمتها تدريب القوات البريطانية التي تعد لتحارب في مناطق صحراوية وشبه صحراوية. وتتدرب القوات البريطانية في مساحة أراض تساوي أربعة أضعاف ما يستخدمه الجيش البريطاني في بلده بأسلحة وذخيرة حية تحاكي حالة حرب حقيقية. وقد ذكرت تقارير إعلامية أن القوات البريطانية التي قاتلت في أفغانستان كانت قد تدربت في هذه القاعدة بكينيا. ولهذا تولي أمريكا أهمية أخرى لكينيا لوجود هذه القواعد الإنجليزية، حيث تعمل على تصفيتها من هناك.

8- ويبدو أن بريطانيا خلال زيارة كينياتا لهم قد طلبوا منه أن يرتب زيارة إلى أمريكا لإظهار التودد معهم وتأكيد المصالحة مع أودينغا حتى لا تقوم أمريكا مستقبلاً بأعمال (تشويش) للانتخابات القادمة، ولذلك كان التخطيط لزيارة أمريكا، وهكذا كانت تلك الزيارة بعد نحو شهرين من زيارته لبريطانيا، واستقبل الرئيس الأمريكي بايدن الرئيس الكيني أوهورو كينياتا يوم 2021/10/14 وهو أول رئيس أفريقي يستقبله الرئيس الأمريكي. وقد ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن الرئيسين سيناقشان العلاقات الثنائية الصلبة وكذلك “الحاجة إلى الشفافية والمحاسبة في الأنظمة المالية المحلية والدولية” وقد ورد اسم كينياتا في “وثائق باندورا” التحقيق الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين وجاء فيه أن كينياتا الذي يؤكد عزمه على محاربة الفساد يملك بشكل سري مع ستة أفراد من عائلته شبكة مؤلفة من 11 شركة أوفشور إحداها تملك أسهما تقدر قيمتها بثلاثين مليون دولار. وردا على هذه المعلومات أضافت ساكي قائلة “إن الرئيس لطالما ندد بالتفاوتات (بالتجاوزات) في النظام المالي الدولي. وهذا لا يعني أننا لن نلتقي الأشخاص الذين نختلف معهم. هناك عدد من المواضيع التي لدينا مصلحة في العمل عليها مع كينيا وهذا سيكون الهدف الرئيسي (للاجتماع بين الرئيسين). وإن الرئيسين سيناقشان جهود الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ودفع السلم والأمن قدما وتسريع النمو الاقتصادي والتعامل مع تغير المناخ” (فرانس برس 2021/10/14). فحاولت أمريكا استعمال أوراق الضغط على كينياتا حتى يعلن تأييده لمرشحها أودينغا، وقد قام بذلك فظهر أنه مؤيد لأودينغا، ولكن هذا التأييد لم يكن جادا، وإنما نفاقا حتى يغطي على فضائحه فلا تقوم أمريكا بإثارتها والتشهير به، فكان من الصعب أن يترشح لولاية ثالثة وقد لوحت أمريكا بمعارضتها لمثل ذلك… وقد قام وزير خارجية أمريكا بلينكن يوم 2021/11/17 بزيارة لكينيا ضمن جولة أفريقية له شملت أيضا نيجيريا والسنغال استمرت أسبوعا. وقال وهو في العاصمة النيجيرية: “إن الحكومات أصبحت أقل شفافية. وإن هذا يحدث في جميع أنحاء أفريقيا يتجاهل القادة حدود الولاية، ويزورون أو يؤجلون الانتخابات، ويستغلون المظالم الاجتماعية لكسب السلطة والحفاظ عليها، واعتقال شخصيات المعارضة وقمع وسائل الإعلام والسماح للأجهزة الأمنية بفرض قيود الوباء (كورونا) بوحشية” (الشرق الأوسط 2021/11/21).

والحال كذلك، كانت قواعد حزب كينياتا تعمل على حشد التأييد لروتو، وذلك باتفاق داخلي في الحزب بين العملاء الذين يدركون اللعبة فانتخبوا روتو رغم تظاهرهم بمعارضته.

9- إن كثيرا من الدول الأفريقية الواقعة تحت النفوذ الأوروبي ومنها كينيا والسنغال تعمل على التقوي بالصين في مواجهة أمريكا التي تعمل على بسط النفوذ فيها. فالسنغال الواقعة تحت النفوذ الفرنسي تعزز علاقاتها مع الصين. فاستضافت منتدى التعاون الصيني الأفريقي في عاصمتها دكار ما بين يومي 29 و2021/11/30 وقالت وزيرة خارجية السنغال أيساتا تال سال “لدينا دبلوماسية سيادية لا نستبعد منها أحدا” بينما يبقى نفوذ أمريكا في أفريقيا محدودا مقابل النفوذ البريطاني والفرنسي فتعمل على تعزيزه بمختلف الوسائل وتعمل على منافسة النفوذ الصيني الاقتصادي الذي تتقوى به بريطانيا وفرنسا لتحصين عملائها في أفريقيا. ومؤخرا قام عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي بزيارة لكينيا يوم 2022/1/6، واجتمع مع الرئيس كينياتا الذي قال: “إن الصين ليست فقط صديقة مخلصة لكينيا ولكنها أيضا شريكة تنموية للتعاون الوثيق… وإن إنجازات التنمية في كينيا لم تكن لتتحقق بدون الدعم القوي من جانب الصين… وإن كينيا على استعداد لمواصلة تعميق التعاون متبادل المنفعة مع الصين لتحقيق التنمية المشتركة” بينما قال وزير خارجية الصين وانغ يي “ترغب الصين في تعزيز التعاون الشامل مع كينيا لمساعدتها على تعزيز قدرات التنمية الذاتية وتسريع التصنيع وتعزيز التضامن والتنسيق معها في الشؤون الدولية ومتعددة الأطراف” وقدم وانغ “مبادرة التنمية السلمية في القرن الأفريقي” وقال كينياتا “المبادرة تلبي الحاجات الملحة لدول القرن الأفريقي وإن كينيا توافق على لعب دور في هذا الصدد” (شينخوا 2022/1/6). وهذا كله يزعج أمريكا التي تعمل على ضرب النفوذ الأوروبي في أفريقيا كما تعمل على الحد من قوة الصين المتنامية.

10- والخلاصة أن النفوذ البريطاني ما زال قويا في كينيا وأغلب اللاعبين السياسيين من عملائها، وتوحدهم عندما تدعو الحاجة كما تفرقهم عندما يستدعي الأمر ذلك. فإذا كان لا بد من الاتفاق بين عملائها وعملاء أمريكا ومن ثم تتقاسم معهم السلطة مع إمساكها بزمام الأمور فإنها تفعل وتوعز إلى عملائها ليقوموا بالمصالحة ويعقدوا اتفاقا بهذا الشأن. وإذا تمكنت من تثبيت عميلها روتو في الحكم وتمكنت من إسكات المعارضة فعندئذ لا توعز إلى عميلها بفعل ذلك، فهم رهن إشارتها وطلاب سلطة لا غير على شاكلة عملاء أمريكا. وهذا دأب العملاء في كل بلد. وأما أمريكا فسوف لا تترك الساحة وستعمل على تعزيز نفوذها في كينيا، ولا يهمها إسالة الدماء والفوضى والاضطرابات فيها وفي غيرها من البلدان الأفريقية، وهي تعمل بمختلف الوسائل والأساليب، سواء أكانت اقتصادية أم سياسية أم على المستوى الأمني والعسكري، فتعمل على كسب العملاء في هذين القطاعين تحت مسمى الاستثمار الأمني والمساعدة في تدريب الجيش والقوى الأمنية، ومن ثم تعمل على طبخ الانقلابات كما فعلت في مالي أو تثير التمردات كما فعلت في تشاد وأدى التمرد لقتل عميل فرنسا إدريس ديبي.

وهكذا تبقى هذه البلاد، وأكثرها بلاد إسلامية، ساحة للصراع الدولي، وخاصة بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا. ولا أمل لهذه البلاد في التخلص من هذا الصراع الاستعماري الذي يجعلها متخلفة وهي من أغنى البلاد بالثروات، إلا بعودة الخلافة على منهاج النبوة. وقد بشر رسول الله ﷺ بقيامها قائلا: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» أخرجه أحمد.

أول صفر الخير 1444هـ

2022/8/28م

المصدر: جريدة الراية

جريدة الراية: النظام السوداني يستهين بأرواح الناس وممتلكاتهم


جريدة الراية: النظام السوداني يستهين بأرواح الناس وممتلكاتهم

في ظل كوارث الفيضانات والسيول

  4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

ضربت السيول والفيضانات كثيراً من مدن السودان، شرق البلاد وغربها، جنوبها وشمالها، ولم ينج منها إلا القليل، وتناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية، المقروءة منها والمسموعة والمرئية، تلك المأساة ونقلت بعضها صور الأضرار والدمار الذي أصاب كثيراً من البنى التحتية لتلك المناطق المنكوبة فعزلتها، حيث اجتاحت السيول والأمطار أكثر من 90% من المساحات المزروعة خلال هذا الموسم الصيفي، وهناك أرقام أولية أوردتها صحيفة أخبار اليوم السودانيه بتاريخ 23 آب/أغسطس 2022م، قدرت حجم الخسائر في المنازل وأن 21894 منزلاً، تدمرت بالكامل، و91940 تدميراً جزئياً، و80 حالة وفاة ومئات الإصابات. وفي تقرير للمركز القومي للأرصاد، فإن مدينة المناقل في ولاية الجزيرة بوسط السودان، تدمرت فيها عشرات الأفدنة المزروعة ومئات المرافق العامة، والمتاجر والبساتين، و٥٤ قرية وصلتها السيول، وهناك مدن أخرى تأثرت بهذه السيول والفيضانات.

لقد أصبحت آلاف الأسر تفترش المياه، وتلتحف السماء، فلا طعام ولا مياه صالحة للشرب، ولا صرف صحي، والأخطر من هذا وذاك، اختلاط هذه المياه بمخلفات التعدين في عدد من ولايات السودان.

هذا هو حال أهل السودان؛ آلاف الأسر بلا مأوى، ولا طعام ولا دواء، حتى إن أهل البلد المشهورين بالطيبة لم يجدوا ما يقدمونه للمتضررين بسبب انقطاع المناطق المنكوبة، والوضع الاقتصادي، وارتفاع الأسعار الجنوني، وضيق العيش الذي يعاني منه الجميع، ناهيك عن أن الحكومة الانتقالية لا تهتم بمعالجة آثار السيول والفيضانات ولا غيرها مما يحتاجه الناس من مأكل وتطبيب وغيرهما بسبب سوء الرعاية فلم يبق إلا البكاء والحزن على ما وقع على الناس.

وإزاء الوضع المتدهور والتفاقم المتصاعد للأوضاع، فإن أقصى ما قامت به الحكومة الانتقالية الهزيلة، أنْ شكّل عبد الفتاح البرهان لجنة عليا لدعم المتأثرين من السيول والأمطار، وذلك لأن النظام الرأسمالي الذي ابتليت به الأمة لا يلقي للرعية بالاً، فقد حول الحكام من أمراء يسوسون الناس، إلى وحوش بشرية القوي يأكل الضعيف، فأطراف النزاع على السلطة في السودان، كل فريق منهم مشغول بتلميع نفسه؛ فالمدنيون همهم كيف يوقعون العسكر في مضايقات تطيل الفترة الانتقالية، ليتمكنوا من إيجاد تأييد لهم من الشارع، والعسكر بتعدد مراكزهم (الجيش، الدعم السريع، الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام)، كل منهم يصارع لتثبيت نفسه، وهنا تنعدم الرعاية وتضيع الرعية، طالما كل فريق يعمل لصالح أسياده وداعميه الأوروبيين أو الأمريكان. وكل ما فعلته الحكومة أن تقدمت ببعض الخيام وبعض الطعام، تبرعت بها بعض دول الخليج، وهذا نفسه لا يعالج قضية السيول والفيضانات، وإنما ذر للرماد في عيون الناس، ولا هو حل للمشكلة، فهو لا يجبر لهم ضرراً، ولا يغنيهم عن مسكن تضرر، والحكومة تعلم ذلك، والجهات المانحة هي الأخرى تعلم ذلك، والمتضررون أشد علما بحالهم، فالناس في العراء، والسيول والفيضانات تزداد يوما بعد يوم والحكومة تتفرج وتكثر من العويل، مثلها مثل العامة وكأنها غير معنية بالمعالجة، رغم لجوء المتضررين إليها وهو الحق، ولكن الحكومة نفسها تلجأ للعامة وهو الأمر المستغرب!

إن هؤلاء الحكام كأنهم لم يقرؤوا سيرة القائد الأعظم محمد رسول الله ﷺ، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُول: «لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا» ثُمَّ قَالَ: «وَجَدْنَاهُ بَحْراً أَوْ قَالَ إِنَّهُ لَبَحْرٌ». فهو ﷺ يعلم أمته وخاصة القادة منهم كيف يكون القائد يقظاً حريصاً على أداء مهامه. وفي عام المجاعة يخاطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بطنه لما قرقرت من الجوع فيقول لها: “قرقري أو لا تقرقري والله لن تطعمي لحما حتى يطعمه فقراء المسلمين”، ويقول فيما يتعلق بأمر المسؤليات العامة: “والله لو عثرت بغلة في العراق لخفت أن يسألني الله عنها لم لم تسو لها الطريق”! هكذا هي القيادة في الإسلام.

فقد حدد الإسلام المسؤوليات العامة الواجبة على الحاكم تحديداً واضحاً لا يدع أي مجال للبس أو إبهام. فقد بين مسوؤلية الحاكم بالنسبة لعلاقته بالرعية، روى مسلم عن معقل قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ»، وهذه المسؤوليات العامة قد ضمن الإسلام قيام الحاكم بأعبائها ضماناً تاماً بالتوجيه والتشريع.

ففيما يتعلق بالمياه فقد أمر الإسلام بالاستفادة منها، فتقوم دولة الخلافة، استجابة لأمر الله، بتشييد السدود لتوليد الكهرباء، ومخازن لمياه الشرب، وحصد مياه الأمطار للاستخدامات المتعددة. أما في ظل الأنظمة الرأسمالية فقد أصبحت الأمطار نقمة يخاف الناس موسم هطولها، لغياب الراعي الجنة الذي يحتمون به في الشدائد والمحن.

ولكن صبراً أمة الإسلام، صبرا يا من وقع عليكم الضرر؛ صبراً فدولة الخلافة دولة الرعاية عائدة قريباً بإذن الله لتزيل عنكم كل ما تعانونه في هذه السنوات العجاف التي سادت فيها الأنظمة الرأسمالية البشعة، فتعود لكم الطمأنينة وتكونوا خلفاء الأرض بحق فتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، فكونوا من العاملين الصادقين لإقامتها.

بقلم: الأستاذ محمد الحسن (أبو علم) – ولاية السودان – القضارف

جريدة الراية: النفط والغاز  أهم من دماء أهل شبوة وما جاورها!


جريدة الراية: النفط والغاز  أهم من دماء أهل شبوة وما جاورها!

  4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

انطلقت يوم الاثنين 2022/08/08م مواجهات عسكرية عنيفة في عتق عاصمة محافظة شبوة النفطية بعد إصدار محافظ شبوة الجديد عوض محمد العولقي، الشيخ القَبَلي عضو مجلس النواب السابق عن حزب المؤتمر؛ يوم الأحد 2022/08/07م قرار إقالة عبد ربه لعكب قائد القوات الخاصة التابعة للإصلاح المتمركزة في عتق، دون الرجوع لوزارة الداخلية، التي تتبعها القوات الخاصة. وضرب حصار على منزله قبل مداهمته ونهبه بقصد السيطرة على عتق التي بدأت في آب/أغسطس 2019م بين طرفي النزاع الحاليين؛ قوات المجلس الانتقالي والنخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات، التي تعمل جاهدة للتمدد والسيطرة على جميع محافظات جنوب اليمن الست، ولم تنتهِ بإزاحة المحافظ محمد صالح بن عديو رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح، وماجستير إدارة أعمال سياسة واقتصاد برمنجهام بريطانيا في 2021/12/25م بمبرر الآلية التنفيذية لاتفاق الرياض المنعقد في 2019/11/05م باستبعاد محافظي المحافظات، بعد مطالباته بخروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف الغازية. ورفض الانتقالي المرشح المقترح لمنصب المحافظ من هادي. مضافاً إلى قوات المجلس الانتقالي والنخبة الشبوانية، قوات دفاع شبوة بقيادة طارق محمد عبد الله صالح، وقوات العمالقة في مواجهة القوات الحكومية في محور عتق، المدعومة بقوات الأمن الخاصة التابعة للإصلاح، اللتين يراهما المجلس الانتقالي معتديتين على أرض الجنوب. وفي أثناء معارك عتق تدخلت الإمارات باستخدام الطائرات بدون طيار، وراح ضحية تلك المعارك قرابة المائة من صفوف الإصلاح، بينهم قياديان كأحمد عبد ربه باراس، خلاف أيام الاشتباكات المسلحة العنيفة. وتزامنت الزحوف العسكرية باتجاه عتق مع تنصيب المحافظ عوض محمد العولقي، ومُنحت القيادة فيها لطارق محمد عبد الله صالح، ولم تُمْنَحْ للانتقالي ولا النخبة الشبوانية.

في العام 2019م وصلت قوات من محافظة مأرب اللصيقة بمحافظة شبوة، وهذه المرة أيضاً اتهم محافظ شبوة الحالي عوض محمد العولقي، عضو المجلس الرئاسي ومحافظ محافظة مأرب سلطان العرادة بإرسال تعزيزات كالمرة السابقة إلى محافظة شبوة.

وكان محمد بن صالح عديو المحافظ السابق لشبوة قد تعرّض لضغوطات للتخلي عن منصبه، حين استدعته الرياض لزيارتها في 2021/12/13م، وعاد منها في 2022/02/08م برفقة عدد من القيادات العسكرية والأمنية من ضمنهم مدير أمن المحافظة العميد عوض مسعود الدحبول، والعميد جحدل حنش العتيقي قائد اللواء 21 ميكا، وحين تواطأت قوات المجلس الانتقالي المدعومة من الإمارات مع الحوثيين وأفسحت لهم الطريق في 21‏/09‏/2021م للوصول إلى مركز مديرية بيحان والسيطرة على أربع مديريات؛ ثلاث منها في شبوة، والرابعة تابعة لمحافظة مأرب. واستمر الضغط عليه حتى غادر المحافظة واليمن، كما حرمته حتى من المشاركة في تشييع جنازة شقيقه الأكبر حين قُتِلَ في 19‏/02‏/2022م.

لم يَغِب النفط عن القتال في شبوة، فقد ذكر المحافظ العولقي، أن المليشيات القادمة إلى المحافظة ليس هدفها السيطرة على المؤسسات والموانئ وحقول النفط في المحافظة. واجتمع المحافظ الثلاثاء 2022/08/16م بممثلي شركة الغاز المسال، وتباعاً التقى المحافظ العولقي في منشأة بلحاف الغازية بالمبعوث الأمريكي ماثيو ليندركنج يوم الأربعاء 2022/08/17م الذي وصل شبوة برفقة ضباط أمريكيين وإماراتيين. ولم يَفُتْ ليندركنج أن يعرج على محافظتي المهرة وحضرموت النفطيتين، قبل محافظة شبوة.

بالأمس خططت بريطانيا أن تضرب الحوثيين بالإصلاحيين، حتى يستقر لها الحد من منافسة صالح ووريثه على حكم اليمن لعقود قادمة. وها هي اليوم تطارد الإصلاحيين بأيادي ربيبتها الإمارات. لم ينفع بريطانيا تفريخ عملائها في جنوب اليمن لتغطية الحراك الثوري الجنوبي الذي يتزعمه حسن باعوم الأمريكي، والذي وصل مساء السبت رئيس مكتبه السياسي فادي باعوم إلى عدن ليكون عن قرب من أحداث شبوة، وألا يترك المجال للانتقالي بعد خروج القوات الموالية للإصلاح من مدينة عتق، كما لم ينفع بريطانيا مزاحمة الحوثيين على طاولة المفاوضات، فقد استغلت أمريكا الأحداث ودست أنفها ودخلت المدخل الأمني العسكري، كما وجهت أنظارها نحو المحافظات النفطية، بتردد سفرائها لدى اليمن من مقر إقامتهم بالرياض، وبمعاونة السفير محمد آل جابر، ودعماً لحراك حسن باعوم في محافظتي حضرموت وشبوة.

بالأمس أطاحت بريطانيا بالشريف حسين بعد أن أشعل لها (الثورة العربية) بتوجيه منها، لصالح عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي راهنت عليه لحماية مصالحها قرابة قرن من الزمان، فمصلحتها مقدمة على ما يظنه من رضوا بالمضي في مخططاتها، وهم يظنون أنهم يحققون مصالحهم أيضاً! ونسوا بأن الإخلاص في العمل لله شرط لقبوله، وإشراك غيره معه معروف أمره.

لا يزال الصراع الدولي بين بريطانيا وأمريكا على اليمن قائماً، من غير أسف منهم على تفتيته، وأهل اليمن يسكتون على الأدوات المحلية كالمجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي وطارق محمد عبد الله صالح، المشاركة في الصراع، الذين طغوا على حراك باعوم الثوري، بمعونة من عملائهم الإقليميين “الإمارات البريطانية، والسعودية الأمريكية”. إن حضور ضباط الإمارات برفقة ليندركنج خلال زيارته لمحافظات المهرة وحضرموت وشبوة، لا يجعل أمريكا تنفرد بالأعمال في تلك المحافظات. أما الرياض فإنها تعمل جاهدة لإحلال عملاء أمريكا في الوسطين السياسي والعسكري، وكل هذا حتى لا يعود المسلمون إلى ما كانوا عليه.

فاليمن تحتل مكانة خاصة، وذلك لموقعها ودور أهلها “الأنصار ومن تبعهم بإحسان” في نصرة الإسلام وقيام دولته في المدينة المنورة، لا زالت الفرصة قائمة لأن ينجو أهل اليمن من تناوب السيطرة الدولية على بلادهم، بطردهم جميعاً. ألم يأن لأهل اليمن اليوم العودة لدينهم بإعطاء تأييدهم ونصرتهم لحزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟!

بقلم: المهندس شفيق خميس – ولاية اليمن

جريدة الراية: طالبان بعد عام من سيطرتها الثانية على أفغانستان إلى أين؟


جريدة الراية: طالبان بعد عام من سيطرتها الثانية على أفغانستان إلى أين؟

   4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

عشرون عاماً من الرعب والخوف من القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي بشعارات كاذبة خادعة لسياسييهم وعملائهم الأفغان في أفغانستان. كانت شعاراتهم الكاذبة مثل الديمقراطية والحرّيات وبناء الدولة وبناء الأمة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة هي التي واجهت هزيمة مخزية بعد عقدين من النضال السياسي والفكري والعسكري المستمر للمجاهدين في أفغانستان. قررت أمريكا وحلف شمال الأطلسي إجلاء قواتهما من أفغانستان، والتي تحولت إلى حقيقة بعد سقوط النظام العميل في كابول في 15 آب/أغسطس 2021. ومنذ ذلك الحين، تولّت حركة طالبان زمام الحكم في البلاد من خلال إعلان حكومة تصريف أعمال تحت اسم إمارة أفغانستان الإسلامية. وأدى هذا التحول الهائل بعد 20 عاماً، مرةً أخرى، إلى إتاحة فرصة للشعب الأفغاني لتهدئة آذانه من الرنين الرهيب للطائرات الحربية وعمليات تفتيش المنازل والغارات الليلية والإرهاب والقتل والتفجيرات التي تقوم بها قوات الاحتلال في كل من المدن والقرى. لكن في الوقت نفسه، ظهرت فرصة كبيرة أخرى للأمة الإسلامية في هذه الأرض وهي فرصة التطبيق الشامل للإسلام من خلال دولة الخلافة.

وإدراكاً لذلك، احتفظت الإمارة الإسلامية بالاسم الشرعي للدولة الإسلامية (الإمارة)، ورفع راية النبي محمد ﷺ كراية إسلامية، وأعادت لبس الحجاب في المجتمع ونفذت بعض الأحكام والعقوبات في الدين. ومع ذلك، فإن الإسلام لم يتمّ تطبيقه بعد من خلال القطاعات الرئيسية للحكومة. لذلك يكافح حزب التحرير ليل نهار لتمهيد الأرض لإقامة دولة الخلافة الراشدة في المنطقة والبلاد الإسلامية. لكن مع الأسف، الضعف الفكري والسياسي الذي أصاب الأمة الإسلامية على مدى قرون، أصاب الحركات العسكرية والجهادية، ومن ثمّ ورث رجال الدولة في الإمارة الإسلامية بعد احتلال كابول الهياكل الحكومية التي أسسها لأول مرة غزاة كفار تحت اسم الجمهورية (الإسلامية).

وعلى الرغم من التخلي عن دستور النظام الجمهوري، كان للإدارات بأكملها قوانينها الثانوية وإجراءات التشغيل الخاصة بها والتي كانت تعمل كنظم إدارية للجمهورية. مع هذه الهياكل والإجراءات الفعالة للدولة القومية، فإن فرصة تطبيق المسلمين للإسلام كانت شبه مستحيلة.

إنّ الحقيقة المحزنة هي أن الإمارة الإسلامية ما زالت تستخدم الهياكل السائدة لإدارة شؤون الدولة، مع تغييرات طفيفة في بعض الإجراءات. فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهي تسعى جاهدة إلى بذل قصارى جهدها لتصبح عضوا في المجتمع الدولي، وتتوقع بشغف اعتراف المجتمع الدولي بها. علاوةً على ذلك، فإنها، بصفتها دولة وطنية، تحاول مراعاة القوانين والمواثيق الدولية والنظام العالمي الحالي، وتؤكد لجميع الدول المجاورة لها أنه لن يواجهها أي تهديد من أفغانستان. وكانت في ضوء اتفاقية الدوحة قد وعدت أمريكا بعدم استخدام أراضي أفغانستان ضدها وضد حلفائها. وبالمثل، كانت الإمارة الإسلامية تتوقع أن تكون الصين وروسيا سباقتين للاعتراف بها بسبب معارضتهما لأمريكا والغرب. في حين إنه من الضروري الإشارة إلى أن قادة طالبان يحملون تفكيراً سطحياً في هذا الصدد وربما جعلهم الشيطان ينسون أن الأمم الكافرة دائماً متحدة ضد الأمة الإسلامية كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾.

إلى جانب ذلك، لدى حركة طالبان فهم محدود لتطبيق الشريعة الإسلامية لأنها تختصر الشريعة فقط في الحدود وبعض التعليمات المتعلقة بالمظهر الشخصي مثل الحجاب واللحية والعمامة والسواك. ومع ذلك، يجب أن يقوم النظام بأكمله على أساس الإسلام والتطبيق الشامل لأحكامه في جميع القطاعات مثل القضاء والاقتصاد والاجتماع والتعليم وحمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد.

حاليا، نحن نعلم أن جميع المواقف والتصريحات السياسية تركّز على الإنجازات المادية للحكومة في ضوء المصالح الوطنية. لذلك، اعتباراً من الآن، يعتبر تدشين المشروع واستكماله فقط إنجازاً من جهة مسؤولي الإمارة، ولكن تمّ تناول تطبيق الأحكام الإسلامية في جميع جوانب الحياة بشكل طفيف. من ناحية أخرى، عندما نسمع تصريحات ومواقف المرشد الأعلى للإمارة الإسلامية والعديد من المجاهدين المخلصين، نشعر بالإخلاص في نيتهم ​​تطبيق الإسلام. لكن عندما نرى تصريحات ومواقف القياديين في المرتبة الثانية والثالثة وبعض المتحدثين الرسميين، نشعر بخيبة أمل عند رؤيتهم يحاولون الحكم على أساس المصالح الوطنية والأفكار القومية من خلال ربط العلاقات مع العالم العلماني على أساس علماني من حيث القوانين والأفكار حيث تظهر نية قليلة جداً للتطبيق الشامل للإسلام في بياناتهم.

لذلك، فإن حزب التحرير، بوصفه حزباً سياسياً وفكرياً يهدف إلى إنهاض الأمة، يؤمن بنصرة الله سبحانه وتعالى وإقامة دولة الخلافة وعد الله سبحانه وتعالى وبشارة الرسول ﷺ، ويواصل الكفاح ليل نهار لمساعدة حكام الإمارة الإسلامية في إزالة طبقات الانحطاط السوداء من أعينهم بدعوتهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمناهج مختلفة وحكمة صادقة. يسعى حزب التحرير إلى ألا تضيع التضحيات التي قدمها أعضاء حركة طالبان لهزيمة الغزاة وإقامة دولة إسلامية، وينبههم باستمرار إلى توخي الحذر الشديد لتجنب تكرار التجارب الفاشلة للفئات السابقة، مع محاولة الوقوف على المسار الصحيح لتطبيق نظام الإسلام في خلافة على منهاج النبوة لجميع المسلمين في العالم.

 بقلم: سيف الله مستنير

 رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان

جريدة الراية: متفرقات الراية  العدد 406


جريدة الراية: متفرقات الراية العدد 406

  4 من صـفر الخير 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022مـ

إن مشاكل البشرية عامة والمرأة بخاصة لا يمكن أن تعالج ويُقضى عليها من جذورها إلا بأحكام الإسلام التي جاءت مواتية لما تحتاجه البشرية وتتطلع إليه من إشباعات، فضبطها ووضع لها قواعد وحدوداً، حتى لا يكون هناك إفراط في الإشباع أو تفريط في الحدود. ولن يطبق الإسلام إلا دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

===

في رحاب دستور دولة الخلافة

في دولة الخلافة لا يُعطى أيّ أحد امتيازات بالملكية العامة أو استغلالها

بقلم: الأستاذ محمد صالح

الملكية العامة في الإسلام، هي إذن الشارع للأمة بالاشتراك في الانتفاع بالعين، التي نص الشرع على أنها للرعية مشتركة بينهم، ومنع من أن يحوزها الفرد وحده، وهي ثلاثة أوصاف إذا توفرت في العين، جعلتها ملكية عامة:

أولا: ما هو من مرافق الجماعة، بحيث إذا لم تتوفر لبلدة أو جماعة تفرقوا في طلبها. وقد بينها النبي ﷺ من حيث الصفة، لا من حيث العدد، في قوله ﷺ: «ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ، وَالْكَلَأُ، وَالنَّارُ» أخرجه ابن ماجه؛ لأنه ﷺ أباح الماء في الطائف وخيبر للأفراد في أن يمتلكوه. ومن إباحته ﷺ للأفراد امتلاك الماء، دلّ ذلك على أن المنع في الحديث ليس للماء من حيث هو ماء، وإنما هو لصفة الاحتياج، أي كونه من مرافق الجماعة، كمنابع المياه، ومراعي الماشية، وما شابه ذلك.

ثانيا: المعادن التي لا تنقطع، وهي غير محدودة المقدار، والتي لا يمكن أن تَنْفَد. عن أَبْيَض بن حَمَّال رضي الله عنه قال: «اسْتَقْطَعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَعْدِنَ المِلْحِ بِمَأْرِبَ فَأَقْطَعَنِيهُ»، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْعِدِّ – يَعنِي أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ – فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَلاَ إِذَنْ» أخرجه النَّسائي، فشبَّه معدِن الملح بالماء الِعدّ لعدم انقطاعه، والمعادن قد تكون ظاهرة يُوصَل إليها من غير مؤونة، كالملح والكحل والياقوت وما شابهها، أو تكون باطنة لا يُوصَل إليها إلاّ بالعمل والمؤونة، كمعادن الذهب، والفضة، والحديد، والنحاس، والرصاص، وما شاكلها. أو تكون جامدة كالبلّور، أو سائلة كالنفط. ولما كان الملح من المعادن، فإن رجوع الرسول ﷺ عن إقطاعه لأبْيَض بن حَمَّال رضي الله عنه، يُعتبر علة لعدم ملكية الفرد له، كونه معدناً لا ينقطع، وليس كونه ملحاً لا ينقطع. ومن هذا الحديث يتبين أن علة المنع في عدم إقطاع معدن الملح كونه عِدَّاً، أي لا ينقطع.

ثالثا: الأشياء التي طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها؛ كالطرق، والأنهار، والبحار، والبحيرات، والأقنية العامة، والخُلْجَان، والمضائق. ويُلحق بها المساجد، ومدارس الدولة، ومستشفياتها، والملاعب، والملاجئ، ونحو ذلك. وهذه من مرافق الجماعة أيضاً، ولكنها من حيث طبيعتها لا يتأتى أن يملكها الفرد.

فالإسلام بهذه التفصيلات، أحاط موارد الملكية العامة بأحكام بينتها، وحدد الإسلام الدولة باعتبارها الجهة الصالحة لاستثمار الملكية العامة، وتنظيم استفادة الرعية منها بحيث تمكّن جميع أفراد الرعية من الانتفاع منها، بكافة صور الانتفاع وأساليبها التي تحددها الدولة.

إن دولة الخلافة مسؤولة بشكل مباشر عن رعاية شؤون الناس، ومن ضمن رعايتهم، المحافظة على الملكية العامة. ومن المحافظة عليها عدم السماح بالاعتداء عليها، أو تحويلها إلى ملكية فردية، أو إعطاء امتيازات بها لأي أحد، وهو ما يعرف بالتخصيص أو الخصخصة، الذي أفرزه النظام الرأسمالي.

وهذا ما جاء مبينا في المادة 140، من مشروع دستور دولة الخلافة، الذي أعدّه حزب التحرير: “لكل فرد من أفراد الأمة حق الانتفاع بما هو داخل في الملكية العامة، ولا يجوز للدولة أن تأذن لأحد دون باقي الرعية بملكية الأملاك العامة أو استغلالها” (مشروع دستور دولة الخلافة).

===

قضية ثورة الشام يجب أن تكون قضية مصيرية

أكد رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية سوريا الأستاذ أحمد عبد الوهاب: أن قضية ثورة الشام يجب أن تكون قضية مصيرية؛ قضية حياة أو موت، ولا يصح أبدا أن تكون موضع مساومة مهما كانت المغريات كبيرة، لأن هذه المغريات ستكون ثمنا لأعراضنا وثمنا لدماء شهدائنا. وأضاف الأستاذ عبد الوهاب: ليس هذا فحسب بل ثمناً لحريتنا واستمرارا لاستعبادنا، وبالتالي عودة المعاناة من جديد. وهذا يقتضي منا الثبات والصبر والتضحية، والعمل على توحيد كافة الجهود. ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة، فقد عرضت عليه مغريات كبيرة، لكنه أبى واستمر ﷺ يسير في دعوته حتى أقام دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة، فاستطاع بذلك تطبيق الإسلام وحمل رسالته إلى العالم، كما استطاع الدفاع عن أعراض المسلمين وحماية بيضتهم، دون أن يتنازل ﷺ قيد شعرة. فالصبر الصبر والثبات الثبات فإنما النصر صبر ساعة.

===

حزب التحرير/ ولاية بنغلادش ينظم احتجاجات على رفع أسعار الوقود بشكل جنوني

نظّم حزب التحرير/ ولاية بنغلادش يوم الجمعة الفائت، تجمعات احتجاجية في مختلف المساجد في دكا وشيتاغونغ، تحت عنوان: “بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، رفعت الحكومة بشكل جنوني أسعار الوقود… إن تحريرنا من الهيمنة الاقتصادية الغربية الكافرة سيكون فقط في ظل الخلافة”، وبيّن المتحدثون في التجمعات كيف أن المؤسسات الغربية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين قد أوقعت دول العالم الثالث، في فخ الديون، ودمّرت القوة الاقتصادية للبلاد، وجعلتها تعتمد بشكل كامل على الدول الأجنبية، وسمحت للرأسماليين المحليين والعالميين بجني ثروات طائلة. وقد كشف المتحدثون عن الأكاذيب والخداع التي لجأت إليها الحكومة لرفع أسعار الوقود، مستخدمة أسباباً مثل ارتفاع الأسعار في السوق الدولية، أو الخسائر الحكومية، أو التهريب الفاشل إلى الهند، لإخفاء موضوع المؤامرة التي يقوم بها صندوق النقد الدولي. وأخيراً قال المتحدثون: يجب عليكم أن تدعو إلى إقامة الخلافة الموعودة، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لأنها هي وحدها القادرة على إخراج الناس من هذا البؤس. ولن تسمح للمستعمرين أو مؤسساتهم مثل صندوق النقد والبنك الدوليين بالتدخل في شؤونها الاقتصادية. وسيعتمد الاقتصاد على السلع والخدمات الحقيقية، وسيتم دعم العملة بالذهب والفضة. لذلك، لن يكون هناك مثل هذا التضخم أو الارتفاع المفاجئ في أسعار الضروريات.

===

قضية فلسطين تحفظها الأمةُ وتعيدها قيادةٌ مخلصة واعية

قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع الرئيس التركي أردوغان في العاصمة أنقرة مساء الثلاثاء “لن نقبل باستمرار الممارسات العدوانية لسلطات الاحتلال ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، وأن تحقيق الأمن والسلام يبدأ بالتوقف الكامل عن تقويض حل الدولتين من قبل سلطات الاحتلال”، وأعرب عباس عن بالغ “التقدير لمواقف الرئيس أردوغان الثابتة إلى جانب الشعب الفلسطيني”. من جانبه أكد تعليق صحفي نشره المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين: أن رئيس السلطة يتنقل من برلين إلى أنقرة للتأكيد على حل الدولتين، لحماية المشروع الأمريكي الخبيث لتصفية القضية بشكل يحفظ أمن كيان يهود، وأضاف التعليق: أن رئيس السلطة، فوق مواقفه السياسية التي كلها تفريط وتنازل، قد جعل من نفسه بتلبية دعوة أردوغان له، مطية للتغطية على جريمة التطبيع التركية وإعادة السفراء مع كيان يهود، وأشار التعليق إلى: أن أردوغان وعباس في الخيانة سواء، وإن كانت خيانة أردوغان أعظم كونه يمتلك من القوة ما تمكنه من تحرير فلسطين وإعادتها إلى حضن الأمة الإسلامية، ولكنه يستبدل بذلك الخيار المطالبة بمشروع الدولتين والتطبيع مع كيان يهود ويريد من رئيس السلطة أن يغطي تلك الخيانة، وهو ما فعله عباس بكيل المديح الكاذب له. وختم التعليق بالقول: إن قضية فلسطين لن يحفظها عباس المفرّط ولن يعيدها أردوغان المتآمر، وإنما تحفظها الأمة وتعيدها قيادة مخلصة واعية تتخذ من رضوان الله غاية لها فتقود الجيوش لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى.

===

اتفاقية سيداو حرب على أحكام الإسلام جنودها العملاء الخانعون للغرب

خلال ورشة حول الميثاق العربي لحقوق الإنسان أكد وزير خارجية السودان علي الصادق استمرار الجهود للدفع للمصادقة على اتفاقية سيداو، وقال إن السودان يبذل جهداً مقدراً بشأن مواءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي أصبحت البلاد طرفاً فيها. وعليه أكدت الناطقة الرسمية لحزب التحرير في ولاية السودان في بيان صحفي على: خطورة اتفاقية سيداو التي تمثل انقلاباً على الفطرة السوية وتتصادم مع الإسلام ونظرته للمرأة، مهما تستر المروجون لسيداو خلف شعارات براقة خداعة. وأضاف البيان: إن الإصرار على تنفيذ سيداو يظهر مدى تبعية حكومة السودان للدول الغربية وانصياعها لمحاولات تغريب المسلمين عن دينهم، فالغاية من اتفاقية سيداو هي فرض الرؤية العلمانية على المسلمين، خاصة في المجال الاجتماعي بما يتصادم مع الأحكام الشرعية. وخاطب البيان المسلمين بالقول: إن كل بنود اتفاقية سيداو هي إعلان حرب صريح على الإسلام وهي لإفساد المرأة المسلمة وجعلها تتخلى عن أحكام الإسلام، فسيداو هي دعوة لرفض تفريق الشريعة بين دور الرجل والمرأة، وتفرض المساواة المطلقة. وختم البيان بالقول: ها قد علمتم اتفاقية سيداو وسوء عواقبها، وإنه لفرض عليكم مواجهتها والتصدي لها، كما أنه فرض عليكم التمسك بأحكام دينكم، وإفشال المخططات الغربية التي ينفذها حكامكم العملاء، والتي تفسد عليكم حياتكم، واعلموا أن العزَّة والرفعة لا تكون إلا بالشريعة الإسلامية تطبقها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فتصلح ما أفسدته حضارة الغرب وتقوّم ما اعوجّ من الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

===

المصدر: جريدة الراية

جريدة الراية: تركيا أردوغان تعزز التطبيع مع كيان يهود، وتطمئن أهل فلسطين!


جريدة الراية: تركيا أردوغان تعزز التطبيع مع كيان يهود، وتطمئن أهل فلسطين!

فكيف يتحقق النقيضان؟!

  26 من محرم 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 24 آب/أغسطس 2022مـ

أكد الرئيس التركي أردوغان في اتصال هاتفي مع رئيس كيان يهود هرتسوغ يوم 19/8/2022 حرصه على تعزيز العلاقات مع كيان يهود، فقال إنها “ستكتسب زخما جديدا مع تعيين السفراء” واعتبر تعيين السفراء بينه وبين أعداء الله ورسوله والمؤمنين “خطوة مهمة في تقدم العلاقات التركية (الإسرائيلية) في اتجاه إيجابي”. وأعلن “تأييده لتطوير التعاون والحوار بين الجانبين على أساس احترام كل من الطرفين القضايا الحساسة بالنسبة للآخر”. (الأناضول)

وكشف وزير خارجيته جاويش أوغلو عن تبادل السفراء مع كيان يهود يوم 17/8/2022، وقال: “إن قرار تبادل السفراء جاء في إطار القرار المشترك حول إعادة رفع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين إلى أعلى المستويات. ومع تشكيل حكومة جديدة وانتخاب هرتسوغ رئيسا لـ(إسرائيل) بدأت عملية حوار بين أنقرة وتل أبيب. واستمر هذا الحوار مع زيارة هرتسوغ إلى تركيا ومن ثم زيارتي إلى تل أبيب وزيارة رئيس الوزراء (الإسرائيلي) لابيد إلى أنقرة. وقد تم توقيع اتفاقية بين الجانبين في مجال الملاحة الجوية. وإن اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة سيعقد في أيلول المقبل” وأضاف: “بالمحصلة، فإن الخطوات التي سنتخذها لتطبيع العلاقات تضمنت إعادة السفراء، وخلال المرحلة المقبلة سنعرض على الرئيس أردوغان اسم السفير الذي سنعينه في تل أبيب ليتم تعيينه بعد ذلك رسميا”. (الأناضول)

وهكذا يسرد وزير خارجية النظام التركي قصة الخيانة بدون خجل ولا وجل ولا خوف من الله كدأب رئيسه أردوغان ومن سبقهما من مسؤولين رجوعا إلى مصطفى كمال هادم الخلافة الذي سلّم فلسطين للإنجليز في نهاية عام 1917، ويتكلم بكل أريحية عن خيانة النظام التركي لله ولرسوله وللمؤمنين بالتطبيع مع كيان يهود المغتصب لفلسطين أرض المسلمين ومنهم الأتراك الذين حموا فلسطين وغيرها من ديار الإسلام مئات السنين على عهد الخلافة العثمانية.

ولذر الرماد في عيون أهل فلسطين يضيف جاويش أوغلو قائلا: “سنواصل الدفاع عن حقوق فلسطين والقدس وغزة، ومن المهم أيضا أن يتم نقل رسائلنا مباشرة إلى تل أبيب عبر السفير”. فكيف سيدافع عن هذه الحقوق وهو يعترف بالكيان الغاصب ويضفي المشروعية على الاغتصاب ويعطي يهود كل الحقوق في 80% من فلسطين، ويعزز وجودهم ما يمكنهم من مواصلة جرائمهم وتعدياتهم على أهلها المسلمين وأملاكهم ومقدساتهم، ويطور علاقاته الاقتصادية مع العدو لتمويل آليته العسكرية ليواصل جرائمه وتعدياته؟!

والمهم بالنسبة للنظام التركي أن يكون له سفير يوصل رسائله ليهود مباشرة! فهو عذر أقبح من ذنب واستخفاف بعقول الناس. أفكلما اعتدى يهود على أهل فلسطين ولزم التنديد يقوم السفير التركي بتوصيل التنديد مباشرة للعدو المتعاون معه؟! وبذلك يكون قد قام بعمل عظيم لأهل فلسطين؟!

إن المسألة تكمن في العقلية العفنة التي يتميز بها أردوغان ومن تبعه، فهي عقلية علمانية بحتة تفصل الدين وقيمه وما ينبثق عنه من مفاهيم ومقاييس عن السياسة. فلا يوجد لديه مفهوم خيانة الله ورسوله والمؤمنين، ولا يوجد لديه مقياس الحلال والحرام، فمقياسه النفعية فقط، فهو مستعد أن يقوم بأي عمل وافق الشرع أم خالفه إذا رأى فيه منفعة له ولتركيا. ولا يستحيي أن يتخلى عن مواقفه السابقة التي هاجم فيها كيان يهود، ومثل ذلك مع النظام السوري، وهو يستعد الآن للتصالح معه بعدما وصفه بالقاتل والديكتاتور! فوصف التصالح معه بأنه إفساد للمخططات على المنطقة! فقال: “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا، يمكننا من خلالها إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي” (الأناضول). ويتساءل المرء عن هذه المخططات التي يريد أن يفسدها؟! فإذا كان يريد أن يتصالح مع القاتل المجرم المفسد، وهو يتفق مع أمريكا وروسيا المفسدتين في الأرض وهما من أشد أعداء الإسلام والمسلمين ولديهما مخططات شريرة لمنع نهضة الأمة والاستيلاء على مقدراتها ومنع عودة الإسلام إلى الحكم، فهل قصد في تصريحاته ضرب حملة الدعوة الإسلامية الساعين لتحرير الأمة وإقامة الخلافة الراشدة، وطالما عمل على ضربهم، وتآمر على أهل سوريا منذ انطلاق الثورة حيث سلّم المناطق المحررة للنظام وحشر الثائرين في إدلب؟!

وقد نادى إلى تطبيق العلمانية بدل الشريعة الإسلامية في مصر عام 2011، وقال إنه أقنع الإخوان المسلمين بذلك! والآن يبيع الإخوان ويتصالح مع النظام المصري الذي طالما هاجمه وتبنى “رابعة”، الميدان الذي سفك السيسي فيه الدماء، واتخذ شعار أربعة أصابع شعارا له، والآن قد قبضها!

وكذلك موقفه مع النظام السعودي الذي هاجمه واتهمه بارتكاب جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وقد سلم ملف الجريمة له وتصالح معه، وكذلك هجومه على الإمارات وقد تصالح معها. فهو مستعد أن يتخلى عن أي موقف ويقف نقيضه، ويعتبر ذلك أعمالا سياسية عظيمة، وما هي إلا أعمال سياسية منحطة تعلمها من ميكافيللي.

والمسألة الثانية تكمن فيمن يثق به ويدافع عنه رغم ذلك؟! فهؤلاء يخدعون أنفسهم ويعملون على خداع غيرهم. فالمقاييس عندهم مزدوجة ومتناقضة، فالعمل الخياني إذا ارتكبه أردوغان يبررونه، ويعتبرونه خيانة إذا صدر من غيره! فهؤلاء على أبصارهم غشاوة وفي قلوبهم عمى.

والمسألة الثالثة، هي أن أردوغان لا يهمه انتقاد الناس في الخارج لخياناته، إنما يهمه كسب الأصوات في الداخل، فهو يركز الآن على حشد التأييد لخوض الانتخابات الرئاسية العام القادم، فتصالحه مع كيان يهود وتعزيزه للتعاون معه يكسبه زخم تأييد أمريكا، فيمتدحه الإعلام الأمريكي، وتعطيه شركات التصنيف الائتمانية العالمية الثلاث؛ موديز وفيتش وستاندر آند بورز، وهي أمريكية، علامات غش زائدة بأن اقتصاده يتحسن، وتحول أمريكا دون الضغط عليه من الدائنين الغربيين حيث ارتفع عجز تركيا عن سداد الديون العاجلة هذا العام إلى 173.7 مليار دولار. ولا يهمه أهل سوريا، وقد تضاعفت الأعمال العدائية العنصرية ضد اللاجئين السوريين في داخل تركيا، وردّه هو أنه سيرحلهم! ولا يهمه إسكات الإخوان المسلمين الهاربين من ظلم النظام المصري فإنهم سيبررون له خذلانه لهم، وكل ذلك لا ينعكس أثره في داخل تركيا. وكل ما يهم أغلبية الناس في تركيا هو تحسين أوضاعهم الاقتصادية، حيث وجهوا هذه الوجهة الخاطئة وغيبت عنهم المقاييس الإسلامية والاهتمام بقضايا الأمة والإسلام أولا وقبل كل شيء.

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

جريدة الراية: بالخلافة وحدها يدخل الناس في دين الله أفواجاً


جريدة الراية: بالخلافة وحدها يدخل الناس في دين الله أفواجاً

  26 من محرم 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 24 آب/أغسطس 2022مـ

رسالة الإسلام هي رسالة عالمية لكلّ البشر، فهي ليست لأمّةٍ معيَّنة بل للنّاس كلّهم، فالله تعالى بعث نبيه محمداً ﷺ بالإسلام ليكون خاتمة الرسالات إلى الناس جميعاً، في سائر الأعصار والأمصار إلى أن تقوم الساعة، فالإسلام دين ارتضاه الله سبحانه لجميع الخلق، شاملاً جميع جوانب حياتهم، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾.

وقد حرم الله سبحانه وتعالى الجنة على من يموت على غير دين الإسلام، قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، لهذا كان النبي ﷺ حريصا على دخول الناس في دين الله، وبعد أن أسس ﷺ الدولة الإسلامية الأولى لم يدخر جهداً في نشر الإسلام، وقد عبّر ﷺ عن ذلك بإرساله عدداً من الرسائل إلى عدد من الملوك والأمراء خارج الجزيرة العربية يدعوهم فيها إلى الإسلام، فانطلقت مواكب رسل رسول الله ﷺ تحمل بشائر وأنوار الهداية وإبلاغهم بدعوة الإسلام، وقد كان بعضهم يجهلها مثل كسرى، وبعضهم ينتظرها مثل قيصر، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَإِلَى قَيْصَرَ وَإِلَى النَّجَاشِيِّ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

ثم سار الخلفاء الراشدون على نهجه ﷺ حريصين على اعتناق الناس الإسلام، ففتحوا البلدان لنشر الإسلام ودخول الناس فيه، فكانت هذه هي قضيتهم في هذه الحياة ألا وهي إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام وهديه، فكانت نتائج الفتوحات مفاجئة لجميع الأمم والشعوب والإمبراطوريات، الذين أقرّوا بأن المسلمين أصحاب رسالة حقّة أيدها الله سبحانه لتبليغ دينه، وكانت من أهم النتائج التي حققتها الفتوحات دخول جميع قبائل الجزيرة العربية في الإسلام، وتبليغ رسالة الإسلام إلى نصارى الشام والعراق، حيث دخلت أعداد كبيرة منهم في الدين الجديد، وتم إعلاء كلمة التوحيد في أراضي أعظم إمبراطوريتين؛ الفرس والروم، ودخول أعداد كبيرة من شعوبهم في الإسلام بعد أن اطمأنوا لعدالته وعظمته، وعدم تفريقها بين الشعوب والأجناس. وتواصلت الفتوحات لحمل الإسلام طوال فترة حكم الخلفاء ولم يعطلوها أبداً.

وفي أفريقيا بدأت الفتوحات الإسلاميّة في عهد رسول الله ﷺ ثمّ استكملها من بعده الخلفاء الراشدون، والخلفاء من بعدهم، وقد كانت بلاد الشام ومصر المركز الأهمّ الذي انطلق منه المسلمون لنشر الإسلام. ومن مصر انتقلوا في فتوحاتهم إلى الشمال الأفريقي، ففتحوا دول المغرب العربي واستقر فيها الإسلام، واستمرت الفتوحات حتى وصلت الدعوة إلى الأندلس والبرتغال وأجزاء من فرنسا، وعلى الجبهة الجنوبية انطلق المسلمون في جهادهم ونشر دعوتهم؛ ففتحوا السودان وتشاد وبلاد النّوبة حتى وصلوا إلى الصحراء الكبرى، وبعد أن استقرّ الدين الإسلامي في السودان اتخذها المسلمون مقراً للدعوة نحو أدغال أفريقيا وغيرها.

يعلق المؤرخ الشهير جيبون على معركة بواتييه قائلا: لو كان العرب قد انتصروا في بواتييه لأصبحت المساجد في باريس ولندن بدلا من الكاتدرائيات حاليا ولكان القرآن يتلى في جامعة أكسفورد وبقية الجامعات هناك. ويعلق ديورانت عليها قائلا: لو انتصر العرب في هذه المعركة الكبرى لأصبحت أوروبا الآن جزءا من العالم الإسلامي. لكنهم رغم هذه الهزيمة، واصلوا فتوحاتهم حتى أصبحت تولوز وليون ونهر اللوار تحت السيادة الإسلامية. وكان الفاتحون قد بلغوا نهر السين وبوردو وجنوب إيطاليا (أطلقوا عليه البر الطويل) حتى بلغوا في فتوحاتهم سويسرا، وأقاموا هناك ممالك إسلامية، وحرّروا الشعوب من العبودية والإقطاع، وظلوا قرنين يحكمون هذه المناطق. ولم يوقف الزحف الإسلامي بأوروبا سوى جبال الألب، ولو استطاع الفاتحون تخطيها لعم الإسلام شمال أوروبا.

وإذا أردنا أن نذكر البلاد التي فتحها المسلمون، ودخل الناس في دين الله أفواجاً بسببها فلا تكفينا المجلدات فقد استمرت الفتوحات الإسلامية؛ وهو العمل الأصلي لدولة الخلافة، حيث كان همهم الأول إدخال الناس في هذا الدين العظيم، حتى هدمها عام 1342هـ. ومنذ ذلك الوقت توقف هذا العمل العظيم، وظل المسلمون بلا خلافة فتعطلت الرسالة، وسيطر النظام الرأسمالي العلماني على حياة الناس، فبعد أن كنا نحمل مبدأنا للناس أصبحنا أمة تُحمل إليها دعوات الباطل.

وبعد هدم الخلافة تأسس حزب التحرير لإعادتها مرة أخرى، وهو يعمل بكل جد واجتهاد ومثابرة، فقد قطع على نفسه أن يعمل لها بأقصى طاقة، وأعد العدة لتعود الخلافة ويعود بعودتها حمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد حتى يدخل الناس في دين الله أفواجاً. جاء في دستور دولة الخلافة الذي أعده الحزب في المادة 11: (حمل الدعوة الإسلامية هو العمل الأصلي للدولة)، فقد وضعت هذه المادة لأن حمل الدعوة الإسلامية كما هو فرض على المسلمين هو كذلك فرض على الدولة الإسلامية. وهو وإن كان جزءاً من تطبيق أحكام الشرع في العلاقات الخارجية، ويجب أن تطبقه الدولة كما يطبقه الفرد، إلا أنه بالنسبة للدولة، يعتبر الأساس الذي تقوم عليه علاقاتها مع الدول الأخرى، أي هو الأساس الذي تبنى عليه سياسة الدولة الخارجية كلها، ومن هنا كان حمل الدعوة الإسلامية هو العمل الأصلي للدولة.

ونشر الإسلام عن طريق الدعوة والجهاد لإزالة الحواجز المادية، حتى يُخَلّى بين الناس وبين عقولهم، وعندها يدخلون في دين الله أفواجا عندما يطبق الإسلام عملياً في الدولة والمجتمع ويحس الناس بعدله وصدق معالجاته.

إن قضية المسلمين المصيرية اليوم، التي يجب أن تبذل فيها كل الجهود، هي العمل لإعادة الإسلام إلى الوجود في الدولة والمجتمع، بإقامة دولة الخلافة حتى يُحمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد، ويمن الله علينا بنصره المؤزر، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم﴾.

بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

جريدة الراية: مصر بين ترشيد استهلاك الكهرباء


جريدة الراية: مصر بين ترشيد استهلاك الكهرباء

وتشييد القصور والكباري ومدن الأشباح

  26 من محرم 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 24 آب/أغسطس 2022مـ

قال مجلس الوزراء المصري، إنه وافق على خطة لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف تحقيق وفر من الغاز الطبيعي – المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء – للتصدير والاستفادة من العملة الصعبة.

بعد حرب أوكرانيا وحاجة أوروبا لبديل عن الغاز الروسي وجهت أمريكا عملاءها وخاصة في مصر نحو توفير البديل ولو كان على حساب مصر وأهلها، وكان هذا أحد أسباب زيادة سعر الغاز في الفترة الماضية إلى جانب التضخم الطبيعي وانخفاض قيمة الجنيه المصري، ولأن قرارات أمريكا وما يخدم مصالحها واجب التنفيذ فورا. ولهذا كانت الاتفاقية أو مذكرة التفاهم الثلاثية بين مصر وكيان يهود والاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو الماضي بشأن التعاون في مجال “تجارة ونقل وتصدير الغاز الطبيعي بين مصر وكيان يهود والاتحاد الأوروبي تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط بمشاركة وزير البترول المصري، طارق الملا، وكاترين الحرار، وزيرة الطاقة في كيان يهود، وكادري سيمسون مفوضة الطاقة والمناخ بالاتحاد الأوروبي، وجاءت الاتفاقية في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا تقليص إمدادات الغاز لألمانيا بنسبة 40%، لتضخ 100 مليون متر مكعب يوميا بدلا من 160 مليوناً عبر خط أنابيب نورد ستريم، الأمر الذي أثار مخاوف دول القارة العجوز ودفعها للعمل على تنويع مصادر الطاقة والاعتماد على بدائل للغاز الروسي رغم قناعة أوروبا أنها لن تستغني عن الغاز الروسي لكن وجود البديل يمنح القدرة على المواجهة، وهو ما اعتبره وزير البترول المصري “علامة فارقة” ويمكن أن تؤدي إلى مزيد من التعاون بين دول البحر المتوسط الأخرى، وأنه “اعتراف رسمي بأن مصر باتت مركزا إقليميا لتداول وتجارة الغاز وأنها مركز دولي على مستوى الطاقة العالمي ومن ثم سيكون التعامل مع مصر على هذا الأساس ومن ثم ستكون الاتفاقية مظلة لمجموعة جديدة من الاتفاقات”.

الطبيعي أن يكون احتياج أوروبا لغاز بديل في صالح مصر وأهلها، والطبيعي أيضا أن يساهم هذا في تحسين اقتصادها؛ لكن هذا ما لم ولن يحدث في ظل أنظمة عميلة تفرط في الثروات وتضع البلاد ومقدراتها رهن إرادة المستعمر وتتصرف فيها وفق ما يخدم سياساته، هذا هو الواقع في مصر فبينما يبني حاكمها السيسي عاصمة للأشباح وقصورا رئاسية جديدة لا ندري متى سيستخدمها وكم بقي له من عمر ليسكن فيها، وطرقا جديدة وكباري تخدم هذه العاصمة والقصور وتضمن تأمينها لو تطلب الأمر أمام أي حراك شعبي محتمل.

أهل مصر الذين أثقلتهم القروض والتهم التضخم جهودهم ومدخراتهم يأتي النظام اليوم لمطالبتهم بتوفير الغاز مما يستخدم لتوليد الكهرباء لتصديره وتوفير عملة صعبة، وكأن هذا التوفير وتلك العملة ستفيدهم بشيء بينما كلها أموال منهوبة والقليل الذي ينفق منها على البلاد إنما ينفق لخدمة السادة وتوفير سبل راحتهم.

إن الترشيد في استهلاك أي شيء أمر محمود وخاصة إذا قامت به الدولة وبرعايتها بشرط أن يعود بالفائدة على الناس، وأن يشعروا هم بتلك الفائدة لا أن يكون عبؤه عليهم وفائدته لغيرهم كما هي حال مصر في ظل الأنظمة الرأسمالية العميلة، فالتوفير من الناس والمستفيد هو الغرب، وما يفعله النظام المصري ليس حلا لمشكلات الناس ولا الغاية الحقيقية منه توفير العملة الصعبة لهم، بل الغاية الحقيقية هي خدمة مصالح أمريكا ومساعدتها في احتواء أوروبا وتوفير بديل يمكنها من الاستغناء عن غاز روسيا، أما توفير العملة الصعبة فكما أسلفنا لا يراها ولا يشعر بها الناس أصلا ولا تؤثر في رفع مستوى معيشتهم بل ربما يكون عبئا جديدا عليهم وهو الحاصل.

بعيدا عن ترشيد استهلاك الناس للكهرباء والطاقة والتضييق عليهم في معيشتهم الضيقة أصلا، فإن توفير العملة الصعبة له وسائل كثيرة كلها تخدم الناس وتوفر سبلا لرعايتهم ورغد عيشهم، فيكفينا على سبيل المثال زراعة القمح بكميات كبيرة واستغلال مساحات الأرض الواسعة ومياه الأمطار الضائعة وطاقات الشباب المعطلة والمهملة، وحينها سنوفر للعالم بديلا أفضل من القمح الروسي والأوكراني وسنوفر لمصر العملة الصعبة التي تستورد بها القمح، ولو استبدل النظام بالقصور الرئاسية ومدن الأشباح مصانع حقيقية، أو أنشأ بنية تحتية لصناعات ثقيلة بتلك الأموال الهائلة التي أنفقت وتنفق في الهواء، فكيف كان سيكون مردود ذلك على مصر وأهلها وهل سيبقى هناك بطالة؟ وهل سيشعر الناس بأزمات؟

إن النظام هو صانع الأزمات، والخروج منها أسهل من رد الطرف إذا تم التخلي عنه واقتلاعه وموروثه الحضاري الفاسد وكل ما تفرع عنه من سياسات أذاقت مصر الويلات، والسبيل الوحيد لذلك هو تطبيق الإسلام بنظامه وأحكامه التي ترعى الناس رعاية حقيقية وتحفظ عليهم حقوقهم وثروتهم وتمكنهم من الانتفاع بالبلاد وخيراتها، وتوجد العدل بين الناس ويكفينا حديث رسول الله ﷺ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» الذي يجعل كل ثروات البلاد ملكاً حقيقياً للناس لا يجوز أن ينزع منهم ولا أن يمنع عنهم ولا أن يباع لهم، وقوله ﷺ «مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ فَهِيَ لَهُ» فكيف بربكم سيكون حال مصر لو طبق فيها هذان الحديثان مع باقي أنظمة الإسلام التي تعالج كل مشكلات الناس علاجا حقيقيا.

إن مصر بحاجة حقيقية إلى نظام الإسلام والذي يحمل مشروعه حزب التحرير لا ينقصه لتطبيقه إلا نصرة صادقة مخلصة لله من المخلصين في جيش الكنانة وهم كثر، والأمة كلها تتطلع إليهم وتنتظر أن ترى غضبة أحفاد صلاح الدين وقطز والفاتحين العظام، ولا يخفى عليهم ما يحدث لمصر والأمة وما ينال أهلها من ظلم وخسف، فمن للأمة ودينها إن لم يكن أنتم؟ ومن ينصر الإسلام غيركم؟ فأعلنوها لله خالصة، غضبة تقتلع الظالمين وتقيم دولة العز التي يرضى عنها رب العالمين الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. اللهم عجل بها واجعل مصر حاضرتها ودرة تاجها.

بقلم: الأستاذ سعيد فضل

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

جريدة الراية: احتفاظ ترامب بوثائق سرّية قد تعرضه للسجن


جريدة الراية: احتفاظ ترامب بوثائق سرّية قد تعرضه للسجن

تنذر بتعميق الانقسامات في أمريكا وتقريبها من الحرب الأهلية

  26 من محرم 1444هـ   الموافق   الأربعاء, 24 آب/أغسطس 2022مـ

عندما غادر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرئاسة، احتفظ بالوثائق الرسمية التي أخذها إلى مقرّ إقامته الخاص في مار إيه لاغو بفلوريدا، ولم يعدها إلا عندما زار رئيس مكافحة التجسّس في قسم الأمن القومي بوزارة العدل مكتبه في مقرّ إقامته في حزيران/يونيو وبعد مفاوضات مطولّة. ومع ذلك، عاد مكتب التحقيقات الفيدرالي فجأة لمداهمة قصر ترامب في صباح الثامن من آب/أغسطس، وأمضى تسع ساعات ونصف في جمع صناديق عدة من الأوراق التي تضمّنت، وفقاً لمصادر مجهولة لصحيفة واشنطن بوست، وثائق سرية متعلقة بالأسلحة النووية.

إنّ الوثائق السرّية التي يُزعم أن ترامب احتفظ بها تنتهك قانون التجسس وقد تؤدي إلى عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، فإن إفادة موقّعة من محاميه يدعي فيها أن جميع الوثائق قد أعيدت قد تؤدي إلى تهمة إعاقة سير العدالة. كان أساس المداهمة وجمع وثائق ترامب عبارة عن انتهاكات مشتبه بها لثلاثة قوانين فيدرالية: 18 USC 793 – جمع المعلومات الدفاعية أو نقلها أو فقدها؛ 18 USC 2071 – الإخفاء أو الإزالة أو التشويه؛ و18 USC 1519 – إتلاف أو تغيير أو تزوير السجلات في التحقيقات الفيدرالية. وردّ ترامب بأنه تمّ رفع السرية عن جميع المعلومات والسجلات التي بحوزته.

ترامب أيضاً هدف للتحقيقات الجنائية المتعلقة بجهوده لإلغاء انتخابات 2020، وهذا أكثر خطورة. قال المدّعي العام إنه “لا توجد أولوية أعلى” من تحقيقه في هجوم 6 كانون الثاني/يناير على مبنى الكابيتول، والذي وصفه كثيرون بأنه محاولة انقلاب. وقال أيضاً إن وزارة العدل “لا تزال ملتزمة بمحاسبة مرتكبي هجوم 6 كانون الثاني/يناير، على أي مستوى، بموجب القانون”. ففي السادس من كانون الثاني/يناير، اجتمع الكونغرس لتأكيد نتيجة الانتخابات لصالح بايدن، وأثار ترامب حشداً من المتظاهرين الذين اقتحموا الكونغرس وقتلوا ضابط شرطة وكانوا يبحثون عن أعضاء الكونغرس المناهضين لترامب لقتلهم. لقد صنعوا دمية لنائب الرئيس مايك بنس وعلقوها من رقبتها عند مدخل الكونغرس كرمز لغضبهم. وحتى الآن، تم اتهام 830 شخصاً بارتكاب أنشطة إجرامية تتعلق باقتحام الكونغرس، وتقوم وزارة العدل بتعيين 131 محامياً إضافياً للعمل في هذه الملاحقات القضائية. يعتبر ترامب محورياً في هذه الأحداث، لكن لم يتم توجيه الاتهام إليه بعد، ومن المؤكد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يسعى للحصول على أدلة من بين الوثائق التي جمعوها من قصره والتي يمكن أن تعزز قضية ضده قد تؤدي إلى عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً.

يجب أن تكون هذه كارثة بالنسبة لترامب، الذي يناضل من أجل “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” من أجل التأثير على انتخابات التجديد النصفي لشهر تشرين الثاني/نوفمبر لصالح مؤيديه الجمهوريين في الكونغرس، ومن المحتمل أن يكون لنفسه في الانتخابات الرئاسية لعام 2024. ومع ذلك، فإن هذه الأحداث تجعل مؤيدي ترامب أكثر التزاماً بأجندته وتزيد من الانقسامات المجتمعية والسياسية المريرة في الولايات المتحدة. حيث يقدم ترامب نفسه على أنه ضحية لـ”الدولة العميقة” التي تسيطر على مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل. ويستخدم ترامب وسائل الإعلام بشكل فعال ليسأل: لماذا حتى الوثائق الشخصية مثل جوازات سفره تمّ أخذها؟ ويضغط ترامب أيضاً على وزارة العدل للإفراج عن الوثيقة القانونية (الإفادة الخطية) التي تمّ استخدامها كدليل يسمح لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالحصول على أمر تفتيش قصره، وكتب ترامب: “حرصاً على الشفافية، أطالب بالإفراج الفوري عن الإفادة الخطية غير المعتمدة تماماً فيما يتعلق بهذا الاقتحام المروع والصادم”. لم ترغب وزارة العدل في إصدار الوثيقة “لحماية نزاهة تحقيق إنفاذ القانون الجاري الذي يتورط في الأمن القومي”. ومع ذلك، أمر قاضي الصلح الأمريكي بروس راينهارت المدعين الحكوميين بتقديم نسخة من الإفادة الخطية مع التنقيحات المقترحة (حذف المعلومات الحساسة) بحلول يوم 25 آب/أغسطس ظهراً.

قبل أيام من مداهمة مقر إقامة ترامب، دعا الرئيس جو بايدن مجموعة من المؤرخين إلى البيت الأبيض الذين قالوا إن “الولايات المتحدة تواجه أزمة مماثلة للتوترات التي سبقت الحرب الأهلية”. وقال معلقون آخرون إن الحرب الأهلية قد بدأت بالفعل: “لقد أدرك اليمين أن النظام في حالة انهيار، ولديه خطّة: العنف والتضامن مع الفصائل اليمينية المتطرفة الخائنة”. وبعد الغارة، تم توجيه تهديدات إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل شخصي وقتل رجل أثناء محاولته شق طريقه إلى مكتب ميداني لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وكتب أحد الصحفيين: “لقد غطيت التطرف والأيديولوجيات العنيفة في جميع أنحاء العالم خلال مسيرتي المهنية. لم تصادف أبداً قوة سياسية أكثر عدمية وخطورة واحتقاراً من الجمهوريين اليوم. لا شيء قريب”. اللافت للنظر أن الجنرال الأمريكي هايدن رد على هذا القول: “أنا موافق. وكنت مدير وكالة المخابرات المركزية”. تكافح الحركة المحافظة التي يمثلها ترامب ضد مؤسسة ليبرالية قوية قلبت قيمهم العائلية لصالح الحياد بين الجنسين، وحقوق الشواذ، وما يسمى بـ”التمييز الإيجابي” لصالح غير البيض. الاقتصاد يزداد سوءاً، والناس يزدادون فقراً، والأمريكيون إما يحبون أو يكرهون ترامب بطريقة متطرفة. وأوضح العضو الجمهوري في مجلس النواب، آدم كينزينغر، مدى حب العديد من أنصار ترامب له بقوله: “في قلوبهم، هم يساوون دونالد ترامب بيسوع المسيح، لذا فبالنسبة لهم، حتى لو واجهت هذا الرجل المذهل، دونالد ترامب… فأنت تقف ضدّ يسوع، ضد قيمهم المسيحية. عندما تلاحق دينهم، فهذا ينتهك عمق من هم”.

بقلم: د. عبد الله روبين